التوقيت الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024
التوقيت 04:23 ص , بتوقيت القاهرة

عم رجب الموظف أبو المصريين

اشتهر فيديو من كام يوم للزميل أحمد رأفت وهو بيصور مع مواطن مصري بشكل مدهش اسمه "رجب"، بس استوقفتني كده كام حاجة.



نبتدي بأول جزء من اللقاء ونمشي واحدة واحدة.


ـ اسمك ايه؟


ـ اسمي "الموظف" رجب أحمد عبد القادر.


وهنا قمة العمق في المعنى في أول إجابة لعم "رجب" عن اسمه جاوبت على حاجات كتير، الموظف في مصر بيتحول تدريجيًا من لقب أو مسمى إلى اسم شخص ممكن يتغير في بطاقته الشخصية، الموظف بقى الاسم اللي بيريحه نفسيًا وذهنيًا أكتر من اسم "رجب". وده بيودينا لأزمة كبيرة يمكن أحد أسباب مشكلتنا الاقتصادية وكيفية تعاملنا مع أسم "الوظيفة"، وأن اللي فاتوا الميري يتمرمغ في ترابه وحاجات موروثة عايشين بيها.


بس خلونا نتفق أن عم رجب ده يمكن يكون أحسن بكتير من اللي بيحاول يكتب مقاله عنه، وأحسن برده من ناس كتير ضحكوا من كلامه في الفيديو. بس خلينا ناخد عم رجب كمثال صادق وواضح لحجم الأزمة.


ـ تعرف إيه عن موضوع الفوسفات؟


ـ الفوسفات ده اللي بيطلع في البحر زي الخضرة والفسفور؟


عم "رجب" وغيره من ناس كتير جدًا بشكل مرعب "مكنوش" عارفين هو إيه الفوسفات ده وإنه وقع أصلاً في النيل، وهم كمان شايفين أنه عادي هيتفرم لأن معدتنا بتفرم الحديد، هو هيجي فين مع معدة مفترسة زي بتاعتنا. هو ليه صحيح نانسي عجرم ولا حسين الجسمي مغنوش لعظمة معدتنا، اللي دايماً بتبقى مصدر فخر لينا ومصدر برده لحاجات تانية متنوعة أكيد.


عم "رجب" بالنسبة له الفوسفات والفسفور واحد مادام طالعين من مية النيل، النيل بتاعنا اللي لازم ولابد اللي يشرب منه مرة يرجع تاني على طول، وده طبعاً زي ما اتعلمنا في الأغاني.


وكعادة أي مواطن في العالم لازم يسأل بعد ما خلص عن اسم القناة اللي صور معاها، عشان يجيب أولاده وأهله ويشتري فشار ولب لزوم القعدة، عشان يتجمعوا قدام القناة اللي هتذيع وجه الكريم.


ـ قناة إيه؟


ـ الجزيرة مباشر مصر يا فندم.


وهنا مكنش ناقص ولا الموسيقى التصويرية بتاعة فيلم "سكريم" أو فيلم "الفك المفترس"، ولا حتى المخرج كريستوفر نولان يسيب اللي في إيده وياجي عشان يطلع رد فعل عم "رجب" أحسن من رد الفعل اللي شفناه لما قال بفزع.


ـ إيه، الجزيرة مباشر، ده أنت هضيعني بقى.


ثم يضيف بعد أن زاد القلق:


ـ هو في حاجة بجد؟


وهنا لازم نقف شوية عند الحتة دي، حتة الخوف والرهبة من الدولة والمجتمع وهنا أقصد الخوف من العقاب والحبس والمكان الخفي اللي بيبقى دايمًا ورا الشمس، ولو حظك حلو يبقى ورا مصنع الكراسي بس.


عم "رجب" خاف بجد عشان كان فاكر انه عمل لقاء في الجزيرة مباشر مصر، فكر لثواني في نظرة أهل الشارع اللي ساكن فيه ليه هتبقى عمله إزاي، يا ترى هيقبلوا أبني في كلية الشرطة ولا هيرفضوه، وبنتي هتعنس جنبي وحتى الواد ابن الست إحسان هيغير رأيه عشان أبوهم خاين وعمل لقاء تليفزيوني مع "الجزيرة" أي خيانة عظمى ارتكبتها؟


العقاب مبقاش بس عقاب دولة، ده بقى عقاب مجتمعي فاشي متطرف كان ممكن يحصل لموظف طلع بالغلط في قناة الجزيرة.


وفي النهاية اطمن عم "رجب" أنه بيصور تبع "دوت مصر" واهي أي حاجة فيها كلمة مصر بتريح، ومشي متجه لبيته وهو بيلعب بشنطته وبيمرجحها بسعادة محدش عارف مصدرها إيه إلا صاحبها بس. نقدر نقول يمكن ضميره مرتاح وارتاح أكتر أن وطنيته وحبه للفوسفات اللي في النيل محدش قدر يشكك فيهم ولا هيقدر.


عم "الموظف".


أقصد، عم "رجب".