"داغر".. عازف الكمان الذي تعلم الموسيقى من القرآن
جوار تمثال "موتسارت" و"بتهوفين" و"باخ" في حديقة الخالدين بألمانيا، ستجد تمثالا لموسيقار مصري يلقبه العالم بـ"موتسارت"، ولا يعلم الوطن العربي عنه الكثير. إنه"عبده داغر"، عازف الكمان المصري، الذي يأتي إليه الطلبة من ألمانيا وإيطاليا وسويسرا، ليتعلموا الموسيقى في محرابه، ويقدموا عنه رسائل ماجستير.
ولد عبده داغر في مدينة طنطا عام 1936، وكانت بدايته مع العود، فوالده صاحب محل صناعة أعواد.
تعلم العزف على العود في سن السابعة، على غير رغبة والده، ثم جذبته الكمان، بعدما شاهد عازف الكمان الكلاسيكي "David Oistrakh"، وتعلمها في سن العاشرة. في طنطا، بدأ حياته مع المطربة هنيات شعبان، وعمل مع "الصييتة والعوالم" في الموالد. لم يهجر داغر العود، وأسس ورشة لصناعته.
انتقل للقاهرة عام 1955 للعمل مع إحدى الفرق الموسيقية الشهيرة، وعمل مع أم كلثوم وعبدالوهاب، والتقى بعبد الحليم نويرة، وشاركه تأسيس فرقة الموسيقى العربية.
داغر المتمكن من الجُمل الموسيقية المعقدة، لم يتعلم الموسيقى في أكاديمية فنية، ولكن تعلمها من القرآن الكريم، مثل المقرئيين والمداحين والمنشدين. يقول: "الموسيقى خُلقت من القرآن"، ووصفته الصحف الأوروبية: "موسيقار من أمة القرآن، تتلبسه أرواح العمالقة العظام مثل باخ وهندل".
كوّن داغر بـ"الصولو كمان" ثنائيا شهيرا مع الشيخ محمد عمران، فكانت تقام سهرات فنية ببيت "داغر"يوميا، قدما فيها سويا عشرات الأغنيات، مثل "حلم" لأم كلثوم، ومواويل "يا من هواه أعزه وأزلني/ كيف السبيل إلى وصالك دلني"، "فرح الزمان/ اليوم حان الموعد"، "ناجاك قلبي خاشعا ولساني".
رغم لقبه بـ"ملك التقسيم"، لم تقم له الدولة بيتا لتعليم الكمان، فهو ُيدرس الموسيقي للطلبة دون مقابل منذ عام 1963. وقدم حفلات في ألمانيا وإيطاليا وسويسرا.
تم تكريم عبده داغر من قبل مؤسسات عالمية، منها دبلومة فخرية في الموسيقى العربية عام 2005 من زيوريخ بألمانيا، لتدريسه في الجامعة الآلات الوترية والنحاسية والنفخ. وكرّمته جامعة جينيف، فيما اختيرت مؤلفاته ضمن مناهج تعليم الموسيقى في أكثر من دولة أجنبية.