التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 06:52 ص , بتوقيت القاهرة

لا كانت عبلة ولا هي هيفاء !

لماذا؟ لماذا هُنا أضعها قبل سؤال عن المرأة المصرية، كلما أضافت سنة جديدة إلى سنوات عمرها.. ازدادت خوفًا من أن دورها في الحياة ينتهي، تختار أحد طريقين: إما أن تُهمل نفسها إلى حد الاكتئاب، وإمّا أن تهتم بذاتها إلى حد الهوس؟.. أستثني القليل من النساء، في الأولى الإهمال ليس فقط للشكل والملامح.. إنما الطموح والأمل والإصرار، تدخل خيمة رمادية يملؤها إحساس باليأس، في الثانية ترسم لنفسها ملامح وردية وتبدأ صراعًا بسيف من ورق من أجل الحصول على أكبر مكسب من الحياة، وأكبر قدر ممكن من الصبا حتى لو كان بجراحات تجميل معقدة وخطيرة ولها آثار قد تؤدي إلى السرطان!


لا تصلُح عبلة كامل أن تكون نموذجا للمرأة المصرية، وقد فرضته بقوة الدراما على سيدات البيوت والموظفات، كما لا تصلح هيفاء وهبي أن تكون النموذج الثاني، وقد نشرته بقوة الأغنيات المصورة التي بدت فيها وقد لفت على عشرات من جراحي التجميل وتخففت من أغلب ملابسها.


لم تكن المرأة المصرية في يومٍ في أحد المعسكرين، كانت لا تُقلد أحدًا، تُقلدها الأخريات في العالم العربي، ظلت المرأة المصرية حتى منتصف الثمانينات ـ مر 30 سنة ـ تميل إلى الفرح والحياة والانتصار والبساطة والخجل والسعادة والتمسك بكونها امرأة شرقية مصرية.


ثم هبت رباح تغيير عاصفة من كل مكان، بعض منها قادم من الخليج حيث الحر والملح والخوف، ومرة من لبنان حين وقفت مرة أخرى على قدميها بعد حرب طويلة، ومرة عبر مسلسلات تركية سخيفة وطويلة ومملة صدرّت لنا أكاذيب كثيرة.


في كل الأحوال تأثرت المرأة المصرية، بثقافات كثيرة.. ولم تجد وقتا لكي تتأثر بالثقافة المصرية؟ أو لم يهتم أحد لكي يضاعف جرعة الثقافة المصرية لها بكتاب أو مسلسل أو فيلم أو برنامج.


الهجمة على كل ما في المرأة المصرية حدثت مرة واحدة بخبطات موجعة متتالية على العقل وعلى الجسد، فتأثرت شخصية الست المصرية الجدعة الجميلة التي غيّرت حياة وصنعت حياة.


عادت حوالي 3 ملايين أسرة من الخليج من منتصف الثمانينات حتى اليوم، وصنعت مائة مطربة لبنانية ألف فيديو كليب عرضن فيه كل أنواع جراحات التجميل، وشاهدنا على الأقل خمسة آلاف ساعة تليفزيونية من المسلسلات التركية!


هل كنا نتوقع بعد كل هذه الهجمة أن تصمد المرأة المصرية، خاصة إذا كان فى المقابل لم تحمل لها الدراما أكثر من مسلسلات فيفي عبده وسمية الخشاب وصابرين، مع موضوعات مكررة عن المرأة المهزومة المكسورة المُحبطة في مجتمع لا يحترم المرأة ؟
أما الواقع، فقد كان أكثر قسوة، فهو تجاهل كل قصة نجاح لامرأة في حياتها، وقدم كل حالات الفشل والإحباط .


أسأل بحب: لماذا لا نحاول إنقاذ المرأة من هذا الكورس الإجباري المكثف الذي أدى بها إلى ماحدث لها؟ ولماذا لا تدافع المرأة عن نفسها وعن كيانها وأنوثتها أمام هذه الهجمة؟


أليس فى النساء من تدعو إلى ثورة النساء على هذا المجتمع الذى ضحك عليها باسم الحرية ووضعها فى زاوية ضيقة خانقة من الحياة؟ ثورة على النمط الذى أصبح تقليديا ونمطيا لنساء من منتصف العمر وأقل فقدن الرغبة في الحياة فأهملن كل مظاهر الحياة فيهن؟ قتلوها؟ وثورة على من اخترع النساء الفوتو شوب اللاتى مررن على مقص ومشرط جراح تجميل واحد، ثم وضعت السيجارة والشيشة في فمها؟


نحتاج قانونا يحمي النساء من النساء، من أنفسهن!