عفوا "ماكدونالدز".. جنكيز خان صاحب أشهر برجر في التاريخ
كانت قوة جيش القائد المغولي جنكيز خان، قديما، تعتمد على الفرسان بشكل أساسي، حيث كانوا يبقون عليها لفترة طويلة، وأحيانا لأيام دون الترجل، وكان الجيش سريع الحركة، وفرصتهم قليلة لإعداد وجبات الطعام لهذا الكم الهائل من البشر، فكانت تلحق بهم عربات خشبية ضخمة، تحمل الماعز والثيران والخيول والأغنام، فأمر جنكيز خان جيشه بذبح مايشاءون منها عند حاجتهم للطعام، وتناول مزيج مختلف من شرائح اللحم، لتمد جيشه بالقوة والطاقة.
كانوا يضعونها تحت سروج الخيل، لكي تصبح متماسكة ومسطحة الشكل، وتكون قريبة من أياديهم عند حاجتهم لتناول الطعام، كما كانت الحل الأمثل لسهولة إمساك شريحة اللحم الممزوجة بيد واحدة وهم على خيولهم، ويأكلونها نيئة.
وعندما غزا حفيد جنكيز خان موسكو، آخذين معهم فكرة شرائح اللحم المسطحة، تطورت طريقة طهيه في المطبخ الروسي بشكل فريد ومختلف، حيث كان يفرم اللحم ويضاف إليه الأرز، وسمي "لحم التتار"، نسبة لجيش المغول، وعلى مدى سنوات، أصبح من أشهر الأطباق الرئيسية في روسيا، كما كانوا يقدمون معه البيض والبصل.
وفي بداية القرن الخامس عشر، سافرت فكرة شرائح لحم جنكيز خان المطورة من روسيا إلى المانيا، عندما رست السفن الألمانية في الميناء الروسي، وجلبتها إلى ألمانيا بنفس الاسم "شريحة التتار"، حيث كان لحم البقر المفروم طعاما شهيا في جميع أنحاء أوروبا.
وفي القرن الثامن عشر، كانت تتمتع ألمانيا بأكبر الموانئ البحرية في أوروبا، حيث كان يرسى عليها البحارة الأوروبيون في هامبورج، فذهبوا بوصفة إعداد شرائح لحم التتار إلى نيويورك، وتحول إلى مصطلح "هامبورج ستيك"، في الاستخدام الشعبي بين الأمريكيين، كما انتشرت في ميناء نيويورك أكشاك صغيرة لبيع "هامبورج ستيك"، لجذب البحارة الألمان.
وخلال نشاط الخط الملاحي بين هامبورج ونيويورك، كانت توجد لحوم التتار الشهيرة، حيث يتم تمليحها جيدا أو حفظها بالطريقة المدخنة، للحفاظ على اللحم أطول فترة ممكنة خلال السفر، وعندما استقر المهاجرون اليهود في الولايات المتحدة، اشتهروا بافتتاح العديد من الأكشاك، التي تقدم "ستيك الهامبورج"، مضاف إليها الكثير من البصل والخبز المطحون.
برجر جانكيس خان يغزو أمريكا
وفي عام 1882، طها "تشارلي ناجرين"، المولود بولاية ويسكونسن، شرائح لحم التتار التي سميت بـ"الهامبورج"، وبيعها في كشك بمعرض مهرجان أبليتون السنوي.
وذكر تشارلي ناجرين، أنه بدأ بيع لحم الهامبروج في أكياس ورقية، لكن هذه الطريقة لم تثمر نجاحا، لأنها كانت غير عملية بالنسبة للناس الذين يتجولون بالمعرض، لأنهم يريدون التحرك في المهرجان بحرية وسهولة، دون الحاجة إلى أن تكون واقفا في مكان لتأكل.
وهذا هو السبب الذي جعل ناجرين يُقرر أن يضع شريحة لحم الهامبورج بين قطعتين من الخبز، ويضيف إليها الخيار المخلل وشرائح البصل، ويقدمه للجمهور حتى يتمكنوا من التحرك بحرية من مكان لآخر، وهم يتناولون الشطيرة بسهولة، وهذه الطريقة نجحت كثيرا إلى يومنا هذا. وكان ناجرين يجري دعاية لبضاعته، ممسكا بجرس صغير مرددا:
Hamburgers, hamburgers, hamburgers hot; onions in the middle, pickle on top. Makes your lips go flip pity flop.
وفي عام 1885 تم عمل مايُسمى "همبورجر تشارلي". وظل يبيع تشارل ناجرين الهمبورجر في المهرجانات حتى وفاته عام 1951. ويُقام اليوم سنويا "مهرجان الهمبورجر"، تكريما له في مدينة سيمور بولاية ويسكونسن.
وفي القرن العشرين، ومع الحاجة لتوفير الغذاء للمناطق ذات الكثافة السكانية العالية، كان ينبغي أن تكون الأطعمة بأسعار مناسبة، وظهر الهمبورجر بسبب الحاجة لتناول طعام سريع ورخيص، كما أن التقدم التكنولوجي في مجال حفظ الأغذية والنقل، سهلت نقل الهمبورجر من مكان إلى آخر.
مطعم القلعة البيضاء.. أشهر مطاعم البرجر قبل ماكدونالدز
في 16 نوفمبر 1916، افتتح الطباخ ورجل الأعمال الشهير "آلتر أندرسون"، أول مطعم همبورجر تحت اسم "القلعة البيضاء" في ويتشيتا بولاية كنساس، وكان يتبع طريقة الشوي في طهي البرجر، ما أعجب الكثير من سكان الولاية، وسرعان ماتم تغيير مفهوم الهمبورجر ليصبح أكثر شعبية في تلك الفترة، ونظرا لزيادة الطلب عليه، بيع بـ12 سنتا.
وأدى النجاح الساحق لمطعم القلعة البيضاء إلى تحويل فكرته إلى شركة لتصدير الهمبورجر فى بقية الولايات المتحدة، وتم تأسيس نظام خاص لإعداد البرجر، يسمى نظام "القلعة البيضاء"، من خلال تقديم شرائح لحم طازجة، مضاف إليها مكونات جديدة بطريقة طهي صحية، مع الاهتمام بنظافة المطعم.
وخلال الفترة بين عامي 1923 و 1931 أنشئ أكثر من 100 فرع فى الولايات المتحدة، كما ثقف المديرون في القلعة البيضاء موظفينهم بإصدار صحيفة خاصة بعنوان "الهمبورجر السخن"، توضح إرشادات وطرق عمل وجبة سريعة، تؤكل في أي مكان وأي وقت، بدلا من الذهاب إلى المطاعم والانتظار نصف ساعة أو أكثر، فكان الهدف هو تقديم الوجبات طازجة، وبجودة عالية في أسرع وقت ممكن.
وهذا ما تم تحقيقه بالفعل، حيث كانت سلسلة مطاعم القلعة البيضاء نظيفة جدا، وتم تقديم الهمبورجر بجودة واحدة في جميع الفروع، وكانت هذه الفكرة جديدة، في الوقت الذي حاول فيه الكثيرون إيجاد مفهوم جديد لتقديم الطعام في المطاعم.
وظهرت مطاعم منافسة لسلسلة مطاعم القلعة البيضاء، لها أسماء مشابهة مثل مطعم "البرج الأبيض"، التي أسسها جون وتوماس ساكس، وكانت المنافسة بين المطعمين شديدة.
وفي الثلاثينيات، كانت أسعار اللحم البقري عالية الثمن، نتيجة لزيادة الطلب على الهمبرجر، وفي فترة الحرب العالمية الثانية، أصبح هناك انخفاض في المبيعات، جعل سلاسل مطاعم الوجبات السريعة تقلل أسعارها.
وهذا ما يتبعه الآن "ماكدونالدز" في سياسة إدارته، حيث يعتمد على تقديم وجبات البرجر بنفس الجودة، بأسعار رخصية الثمن.
وافتتح الأخوان ديك وماك "ماكدونالد" عام 1937، مطعم هوت دوج في مونروفيا بكاليفورنيا. ومع زيادة صيت البرجر في أنحاء الولايات المتحدة، قرر الأخوان افتتاح مطعم آخر في سان برناردينو، تم تسميته بـ"ماكدونالدز". وركز القائمون على بيع شطائر البرجر المختلفة، على خطى سلسلة مطاعم القلعة البيضاء، من حيث نظام الجودة والسرعة، ليصبح "ماكدونالدز"، واحدا من أشهر مطاعم البرجر في العالم، بعد أن كان جنكيز خان صاحب أشهر برجر في التاريخ.