صور وفيديو|الحجاب .. يوميات "أختاه" بين التراث والـ"سوشيال ميديا"
بين كتب التراث وبعضها يوجد داعم، وبين مواقع التواصل الاجتماعي وبعضها هناك رافض، كيف ظهر الحجاب فجأة في المجتمع؟ ولماذا رفضه الكثيرون هذه الايام؟ رحلته من كتب التراث ووصوله إلى سجالات برامج التوك شو، نعرض بعضًا من المحطات التي تنقلت بينها قضية الحجاب ومظهر المرأة المسلمة بين مؤيدين ورافضين.
أجمع أئمة المسلمين كلهم، أو غالبيتهم، على أن ما عدا الوجه والكفين من المرأة داخل في وجوب الستر أمام الأجانب، أي ما يسمى بفرض الحجاب على المرأة المسلمة، وذلك استنادا على بعض الآيات والأحاديث، منها قوله تعالى "ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها"، و"يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن"، و"ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى"، وغيرها من الآيات والأحاديث التي لن يسع ذكرها هنا، ولكن اختلف البعض في تفسير تلك الآيات، ورأى البعض خلاف ما يراه غالبية العلماء.
كان الإمام محمد متولي الشعراوي أيضا، وهو صاحب الشعبية الواسعة في المجتمع المصري، من مؤيدي الحجاب، والمُقرّين بفرضه على المسلمات، كما كان له نشاطا واسعا فيما يخص حركة اعتزال الفنانات وحجابهن، منهم ياسمين الخيام، تحية كاريوكا، شادية، سهير البابلي.
تتعامل المؤسسات الإسلامية الرسمية وغالبية رجال الدين مع الحجاب كفرض لا جدال فيه، ولا يجوز مناقشته، ويظهر ذلك جليا في بعض المؤسسات التي يتوجه الناس لسؤالها وطلب الفتاوى اليومية منها، ولا يوجد فرق كبير بين آراء أهل السنة وأهل الشيعة حول مسألة حجاب المرأة المسلمة، وهنا نتعرض لرأي مركز الأبحاث العقائدية الشيعي في القضية.
بعض المفكرين يروا أن الحجاب فُرض عن طريق مد وهابي ظهر في مصر لأسباب سياسية، ورفض الكثيرون الإقرار بفرض الحجاب في الإسلام من ضمنهم الدكتور جمال البنا، والدكتور فرج فودة، والدكتور الأردني ناصر الدين الأسد، والدكتور نصر حامد أبو زيد، ومن الأجيال الأقدم الإمام محمد عبده، وقاسم أمين وكتابه تحرير المرأة، وكتاب المرأة الجديدة، اللذان قال فيهما أن الحجاب السائد ليس من الإسلام.
يقول القرطبي "لما كانت عادات العربيات التبذل، وكن يكشفن وجوهن كما يفعل الإماء، وكان ذلك يدعو إلى نظر الرجال إليهن وتشعب الفكرة فيهن أمر الله رسوله أن يأمرهن بارتداء الحجاب عليهن إذا أردن الخروج لقضاء حوائجهن، وكن يتبرزن في الصحراء قبل أن تتخذ الكنف، فيقع الفرق بينهن وبين الإماء، وكانت المرأة من نساء المؤمنين قبل نزول هذه الآية تتبرز للحاجة فبتعرض لها أحد الفجار يظنها أمة، فتصيح به فيذهب، فشكوا ذلك إلى النبي (تفسير القرطبي لسورة الأحزاب).
وقال ابن كثير في تفسيره "كان فساق أهل المدينة يخرجون بالليل، فاذا رأوا المرأة عليها جلبابا قالوا: هذه حرة فكفوا عنها، وإذا رأوا المرأة ليس عليها جلبابا قالوا: هذه أمة! فوثبوا عليها (ابن كثير: 3/855).
وعلى هذه التفاسير التي تضع أسبابا لنزول الآيات، وغيرها، رفض البعض نظرية فرض الحجاب على المرأة المسلمة.
وفي عام 2002، نشر الكاتب والمفكر المصري المستشار محمد سعيد العشماوي كتابه "حقيقة الحجاب وحجية الحديث" وهو الكتاب الذي اكتسب شهرة واسعة، وتعرض فيه لمسألة الحجاب من عدة جوانب، فلم يكتفي بمناقشة اختلاف التفسيرات حول آيات الحجاب في القرآن الكريم، ولكنه تناول الأحاديث النبوية التي يُزعم تسببها في فرض الحجاب.
ويحوي الكتاب في جزء منه سجالا للقضية بين مؤلفه المستشار محمد سعيد العشماوي، والدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر آنذاك، وهي المناظرة التي جرت على صفحات روزاليوسف عندما كان يشغل منصف المفتي، ويقول الناشر عن هذا السجال إنه الأمر الذي شجع على نشر هذا الكتاب، والذي تنبع أهميته من المنهج العلمي الذي اتبعه المؤلف وموضوعيته في التناول وعمق تحليلاته الدينية والتاريخية واستنتاجاته الدقيقة، على حد وصف الناشر.
وعلى الرغم من تأييد الكثيرين، بالطبع ظهر للكتاب أعداء ورافضون، ونظرا لظهوره في عصر الإنترنت والسجالات التكنولوجية أبدى القراء آرائهم في طرح العشماوي على مواقع التواصل الاجتماعي وموقع Goodreads والذي يعد قاعدة بيانات عالمية للكتب وكل ما يخص القراءة.
في سبتمبر 2009، نشرت النسخة العربية لوكالة رويترز للأخبار موضوعا عن الحجاب، وهو الموضوع الذي تداولته مواقع التواصل الاجتماعي بكثافة، ويتم الاستعانة به في كل نقاش حول مسألة الحجاب إلى يومنا هذا، يتعرض الموضوع إلى الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده، وهو أحد رموز التجديد في الفقه الإسلامي، والتي رفض فيها، على حد قول محرر الموضوع، الحجاب كفرض ديني واجب على المرأة المسلمة.
ذكر الموضوع على لسان الإمام في أحد فصول المجلد الذي يحتوي على كتاباته الاجتماعية في أعماله الكاملة "أن كل الكتابات التي كانت تلح على ضرورة الحجاب في عصره ركزت على "خوف الفتنة" فهو أمر يتعلق بقلوب الخائفين من الرجال" وعلى من يخاف الفتنة منهم أن يغض بصره".
كما رفض الكاتب والمفكر سيد القمني فرض الحجاب على المرأة المسلمة، وذلك في مقالة له بعنوان "مكانة الحجاب بين فضائل العرب" حيث قال إن "القرآن لم يفرض الحجاب على نساء المسلمين ولا أشار إليه ولا شرعه ولا قننه، وحتى لو كان فرضا كما يقولون فهو لتغطية الجيب ولم يتحدث عن الرأس، فالخمر كان على الرأس كعادة بيئية صحراوية من الأصل".
"كيف صار الحجاب إسلاميا" هو عنوان كتاب للباحث برونو نسيم أبودرار، يشرح فيه بالأدلة والقرائن أن الحجاب سابق للإسلام، ومصدره الجزيرة العربية، أما الإسلام ففرضه على نساء الرسول فقط.
وكانت ضمن الآراء الرافضة لفرض الحجاب فتوى الشيخ مصطفى محمد راشد، والذي يرى فيها أن "تفسير الآيات بمعزل عن ظروفها التاريخية وأسباب نزولها أدى إلى الالتباس وشيوع مفهوم خاطئ حول "حجاب" المرأة في الإسلام، المقصود به غطاء الرأس الذي لم يُذكر لفظه في القرآن الكريم على الإطلاق".
"الأزهر يُقر "الحجاب عادة وليس فريضة"، كان هذا عنوانًا لخبر تداولته الصحف في سبتمبر 2013، وذلك بعد أن منحت جامعة الأزهر درجة الدكتوراه للشيخ مصطفى محمد راشد، عن رسالته "الحجاب عادة وليس فريضة"، مما هبط كمفاجأة سارة على بعض المثقفين والمفكرين والرافضين للحجاب، وكالصاعقة على المؤيدين لنظرية فرضه.
وقيل إن في هذه الرسالة يصف راشد ما توصل له بعض من مفسري الآيات والمستخلصين منها بأن الحجاب فرضا في الإسلام بأنه "آفة نفسية"، ذلك على حد وصف الصحف وقتها.
ولكن لم تستقر الأمور عند هذا الحد، فقد أصدر الأزهر بعدها بيانا يكذب ما تم تداوله عن هذه الدكتوراه المزعومة، كما أكد الشيخ مصطفى محمد راشد أيضا هذا التكذيب، وقال إنها مجرد فتوى قديمة كان قد صرح بها، وليست دكتوراه منحها الأزهر، وبالفعل كانت دائما لراشد آرائه وفتاويه الرافضة لفرض الحجاب في الإسلام.
وردا على تلك الموجة، وبنفس لغة العصر، كان رد دار الإفتاء المصرية واضحا وقاطعا على موقعها الإلكتروني، وهي الاستجابة لفتوى رقمها المسلسل 4492، برد مفعم بالأدلة والآيات والأحاديث والتفسيرات المؤيدة لحجاب المرأة المسلمة وفرضه.
كما يتفق القرآنيون، وهي طائفة من المسلمين، مع الآراء الرافضة للحجاب، وعلى رأسهم الدكتور أحمد صبحي منصور الذي يرى أن ضرب الخمر على الجيوب، في الآيات التي يُستدَل بها على فرض الحجاب، يقصد به تغطية الصدر، ويضيف لذلك إلى أن إدناء الجلباب الوارد في القرآن يعني تغطية الساقين.
ومع كثرة الآراء الرافضة للحجاب وحقيقة فرضه في الإسلام من عدمها، ظهر الحركات المنادية بخلعه والمشجعة على الأفكار الداعمة لحرية المرأة في اختيار ملابسها، كما ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي، وتنوعت طرق الرفض للحجاب، والخطاب الموجه للسيدات والمحرض لهم، مما أدى إلى زيادة حركة خلع الحجاب من قبل السيدات في المجتمع المصري في العشر سنوات الأخيرة.
يذكر المفكر جمال البنا مع ذكر القضايا الجدالية التي تخص الدين والمجتمع، وهو المفكر الذي صدم بآرائه المجتمع ولم يخشَ من ثورة عليه، كانت آراء البنا رافضة للحجاب، مؤكدًا أنه ليس فرضا من فروض الإسلام على المرأة المسلمة، وذكر هذا بأدلة وبراهين وتحليلات في كتاباته وأحاديثه في كل مكان، كما يرى البنا أن الحجاب تعطيل لنصف المجتمع.
ومع حديث البنا وغيره، أصبحت مسألة الحجاب مادة خصبة لبرامج التوك شو، تصلح كمناقشات ساخنة لإشعال الحلقات في البرامج. وكان للكاتب إبراهيم عيسى في آيات الحجاب رأيه ايضًا:
كما نشر الكثيرون صورا لرجال الدين وعلماء الأزهر الذين تعاملوا في الماضي مع شعر رأس المرأة باعتدال، إلى حد أن كان أهل بيتهم من النساء غير محجبات.
وهنا أصبحت المرأة المسلمة في موقف يدفعها إلى التفكير دفعا، فلا يؤيد الكل هذا الرأي، ولا اجتمع الجميع على ذاك، ولن يقدم لها أحدا الإجابة النهائية، فعليها إيجادها بنفسها.
والآن، هل أنتِ مع الحجاب أم ضده؟