التوقيت الإثنين، 25 نوفمبر 2024
التوقيت 07:43 م , بتوقيت القاهرة

ياسوناري كاواباتا.. سيد الجنائز وصاحب الجميلات النائمات

في عام 1968 فاز الروائي ياسوناري كاواباتا بجائزة نوبل للآداب، ليصبح بذلك أول أديب ياباني ينال شرف الحصول على الجائزة الرفيعة.


كتب كواباتا ما يزيد عن مائة أقصوصة، التي كان يدعوها الكاتب لقصرها بحجم راحة اليد، وهي عادة تتراوح ما بين صفحتين وثلاث صفحات، وتمثّل روح فنه كما يقول مؤلفها، كما أن معظم أعماله تبحث عن موقع ومكانة الرجل والمرأة في الحضارة الإنسانية، وبطابع يغلب عليه الأسى، وتجمع ما بين جماليات اليابان القديمة وحداثة الأدب، في إطار من الانطباعية، مع نفحة من السريالية التي طبعت بداياته الأدبية.


ولد هذا الأديب في أوساكا في كنف عائلة مثقفة، ودخل عالم الوحدة في سن مبكرة، حين مات والداه وهو في الثالثة من عمره، ثم توفيت جدته التي تولت رعايته مع أخته حينما كان في السابعة، وقد حرمه اليتم من عيش مرحلة الطفولة العادية، ويرى بعض النقاد أن مأساة حياته المبكرة قد شكلت خلفية أعماله المبنية على الفقدان والوحدة والأسى.


في عام 1920 بدأ دراسة الأدب في جامعة طوكيو إمبريال، وتخرج بعد 4 أعوام، ثم أسس مع مجموعة من الكتاب الشبان مجلة «الأدب المعاصر»، وكانت النقيض لمدرسة الكتابة الواقعية المهيمنة في تلك الفترة على الأدب الياباني، مع الاهتمام بالأداب والمدارس الفنية الأوروبية.



 حقق نجاحه الأول في عام 1925، حينما نشر روايته القصيرة راقصة إيزو، وتحدث فيها عن تجربته الذاتية حينما شغف في شبابه براقصة لا يتجاوز عمرها 14 عاما، وتنتهي الرواية بالفراق.


كما كتب عن الفتيات الصغيرات في عدد من رواياته مثل الجميلات النائمات، وبعد موت داندليون، وفي روايته أساكوسا كوريندين، التي نشرت على حلقات في إحدى الصحف عام 1930 حين بدأ باختبارر أساليب جديدة مهّدت للأدب الياباني الحديث.



وحينما تزوج عام 1931 استقر في مدينة كاماكورا العريقة، شمال طوكيو، كما رفض الاشتراك في الحرب العالمية الثانية، وفي عام 1945 نشر إحدى أهم رواياته ضجيج الجبل، التي تستعرض وتحلّل مجموعة من المصائب والمحن العائلية.



في عام 1951 نشر أستاذ الغو، التي اعتبرها "أنقى وأجمل" ما كتبه في حياته، ووصفها بأنها "رواية وقائع أمينة"، واستخدم تعبير Shosetsu الذي يتجاوز مفهوم الرواية بمعناه المعروف إلى شكل أكثر مرونة وسخاء وكونية، يأخذ شيئا من ثراء وشمول السيرة الذاتية وحرارة تسجيل الذاكرة في قالب فني.


في هذا العمل الرثائي الحزين الذي يعتبره البعض استعارة رمزية لهزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية، يصف كاواباتا المباراة الأخيرة في مسيرة المعلم شوساي التي خسرها لصالح متحدّيه الأصغر سنا، ليموت بعد عام أو أكثر بقليل.


وفي عام 1960 سافر إلى الولايات المتحدة وقام بجولة بين بلدانها وألقى محاضرات في عدد من الجامعات، وعلى الصعيد الفكري والاجتماعي كان نشطا ومتحمسا، حيث وقّع مع الروائي يوكيو ميشيما، تلميذه وصديقه المقرب إلى جانب عدد من الكتاب عريضة تشجب الثورة الثقافية في الصين.



وفي عام 1972، بعد حصوله على جائزة نوبل بـ4 أعوام، انتحر كاواباتا في صمت مشابه لموت إحدى شخصيات روايته ضجيج الجبل، واختلفت الروايات حول طريقة انهائه لحياته، فذهب البعض إلى أنه مزق أحشاءه بالسيف على الطريقة اليابانية القديمة، ويقول البعض إنه استنشق غازا ساما حتى الموت.


أما أسباب انتحاره المباشرة فليست واضحة غير أن بعض المقربين منه، قالوا إن انتحار ميشيما سبب له صدمة لم يتعاف منها، كما أنه ظل يعاني لما يقارب العام من كوابيس ظلت تقض مضجعه، ثم أصبح أكثر عزلة وصمتا، ثم جاءت وقائع وفاته لتضع حدا لكل ذلك الألم الذي كان يسيطر عليه، وبطريقة لم يبخل بها على بعض شخصيات رواياته الكثيرة، علما بأنه انتقد فكرة الانتحار خلال خطابه الذي ألقاه لدى تسلمه جائزة نوبل في كوبنهاجن.


ترجمت معظم أعمال كواباتا إلى العربية، ومنها بلد الثلوج، أستاذ الغو، قصص بحجم راحة اليد، العاصمة القديمة، طيور الكركي الألف، حزن وجمال، ضجيج الجبل، البحيرة، خادمات النزل، راقصة إيزو، الجميلات النائمات، سرب طيور بيضاء.