ألف مشهد ومشهد (12)
سيف الدين شوكت مخرج من أصل لبناني، اتولد في رومانيا، ودرس في المجر، واشتغل إخراج وتمثيل في المجر، وجه مصر عدى عليها شويتين، عمل كام فيلم، ورجع لبنان اتوفى هناك.
يهمنا في الرحلة دي، الفترة اللي قضاها في مصر، ويهمنا من الفترة اللي قضاها في مصر الفيلم الأبرز في مشواره: فيلم "السبعة إقلام" اللي اسمه "عنتر ولبلب"، واللي اسمه أصلا أصلا "شمشمون ولبلب".
الفيلم إنتاج جبرائيل نحاس، صاحب شركة نحاس فيلم، واللافت هنا إن نحاس فيلم أساسا شركة توزيع مش إنتاج (التوزيع هو المسئول عن بيع الفيلم وأماكن عرضه في السينمات، مش صناعته اللي هي مهمة الإنتاج) صحيح كان عندهم ستديو شهير، ستوديو نحاس، ومعدات تصوير، لكنهم مكنوش بـ ينتجوا نهائي، وعلى حسب معلوماتي، الفيلم الوحيد اللي أنتجه جبرائيل نحاس هو فيلم عنتر ولبلب.
اللافت أكتر إن تترات الفيلم مش مكتوب عليها "نحاس فيلم" زي ما هو معتاد في الأفلام اللي كانوا بـ يوزعوها، بس ده تقريبا مفهوم لأنه من المؤكد إن دي مش التترات الأصلية للفيلم زي ما هـ نشوف.
تقريبا ما تعبتش في البحث والتدوير عن معلومات لـ فيلم أو عمل زي ده، اللبش المحيط بـ صناعة الفيلم غريب جدا على فيلم ساخر بسيط يقترب من حد السذاجة، ويقترب ليه؟ هو فعلا ساذج جدا، بس مين قال إن السذاجة دايما حاجة وحشة.
أول حاجة نقولها إن الفيلم بـ وضوح بـ يتكلم عن الصراع بين العرب وإسرائيل، اللي أعلنتها بريطانيا دولة في 15 مايو 1948، بعد سنين من الصراع والحروب مع العرب. وكان نظام الملكية ضد إسرائيل، ودخلنا حرب 1948، وكان عبد الناصر ضمن الظباط المحاصرين، وإلخ إلخ (أظن كل ده معروف)
الفيلم اختار شخصية يهودية تراثية معروفة لـ قاضي اسمه "شمشون" (سراج منير)، دخل الحارة الطيبة، اللي أهلها كلهم غلابة بس على قلب رجل واحد، بـ استثناء الخاين "رضوان" (عبد الوارث عسر) المستعد إنه يبيع بنته "لوزة" (حورية حسن) لـ شمشمون علشان الفلوس.
بس لوزة بـ تحب جدع أسمر حدوقة دمه خفيف، فهلوي، كسيب، مجتهد اسمه "لبلب" (شكوكو) ولبلب بـ يحبها، ومش مستعد يتنازل عنها لـ شمشمون مهما كان التمن.
زي ما هو واضح، اختيار سراج منير بـ تكوينه الجسماني الضخم، الأقرب لـ رجال كمال الأجسام أو رافعي الأثقال، في مقابل شكوكو النحيف اللي ما يستحملش نفخة من شمشون، وبـ التالي الصراع محسوم قبل ما يبدأ.
لكن لبلب، زي ما إحنا حافظين أحداث الفيلم، يراهن شمشون إنه هـ يهفه (7) من الأقلام السخنة، على مدار سبعة إيام، ولو عمل كده، شمشون يسيب الحارة ويمشي، وده اللي بـ يحصل بعد ما لبلب ينفذ اللي قاله بـ استخدام كل الحيل.
المشكلة في توقيت عرض الفيلم: 17 أبريل 1952، قبل يوليو بـ أسابيع، واللي حصل بعد كده إن الفيلم اتسحب من السوق، واتعمل عملية الجراحية استوجبت عمليات تانية؛ وكانت العملية الأساسية هي تغيير اسم الشخصية اليهودية من شمشون لـ عنتر.
ليه؟
علشان ما يبقاش يهودي، وعلشان يفضل الفيلم مجرد عمل كوميدي خفيف شبه الأفلام العادية اللي عملها شكوكو وإسماعيل ياسين وغيرهم.
طب مين اللي عمل كده؟
هو ده اللبش اللي بـ أكلم حضرتك عنه، فعلا ما عنديش إجابة حاسمة حازمة قاطعة صارمة للموضوع ده. لأن الفترة دي كان فيها أحداث أضخم بـ كتير من مصير فيلم زي ده: حريق القاهرة، وأحداث الإسماعيلية، والتوترات، وتغيير حكومة كل يوم، ثم 23 يوليو 1952، والأحداث بعدها.
لكن ده ما يمنعش ندور مع بعض عن اللي حصل، ونتكلم شوية عن الفيلم العجيب ده
نشوفكم الحلقة الجاية.