التوقيت السبت، 23 نوفمبر 2024
التوقيت 03:02 ص , بتوقيت القاهرة

لحن غولغوثا

ما من دليل تاريخي قاطع على أسبقية المصريين القدماء في استخدام الموسيقى والغناء في الاحتفالات الدينية، ولكن المؤكد أنهم استخدموها وطوّرها من بعدهم المسيحيون الأوائل. 


لا شك أن الموسيقى القبطية المستخدمة في الطقوس الدينية، هي الوريث الشرعي للموسيقى المصرية القديمة، باحتوائها على بعض الثيمات الموسيقية الفرعونية. ومن المعلوم، أن الألحان القبطية نشأت مع الكنيسة نفسها، وتاريخ اللحن الكنسي بدأ مع القديس "مرقس" في الإسكندرية، التي كانت في ذلك الوقت مركزاً هاماً للثقافة. ومن هذه الألحان "لحن غولغوثا".


لحن بسيط موسيقيا، يضرب بجذوره لآلاف السنين، ويبدو للوهلة الأولى كتنويع موسيقي على فنّ العديد والنواح المتجذّر هو الآخر في الثقافة المصرية. ويؤكد الفيلسوف "فيلو" السكندري المعاصر للرسل، أن جماعة المسيحيين الأوائل، أخذوا ألحانا من مصر القديمة، وكتبوا لها نصوصا مسيحية، من بينها لحن غولغوثا، الذي كان يرتله الفراعنة أثناء عملية التحنيط والمناسبات الجنائزية. ويقال هذا اللحن في نهاية الساعة العاشرة من يوم الجمعة العظيمة "الحزينة"، في ذكرى دفن السيد المسيح، طبقاً للعقيدة الأرثوذكسية.



ووفقاً لكتاب الألحان القبطية لمؤلفه جورج كيرلس، فإن هذا اللحن ينقسم إلى جملتين موسيقيتين رئيسيتين:



الجملة الأولى، ينطبق عليها قول "فيلو"، أنها من الثيمات الموسيقية الفرعونية، التي أخذتها جماعة المسيحيين الأوائل من مصر القديمة، وصاحبوها بالنصوص المسيحية، إذ تبدو وكأنها لحن من ألحان التعديد السائدة في ذلك الوقت، لما فيها من بساطة التركيب وقلة النغمات النسبية (أربع نغمات فقط)، ولأن هذه النغمات موضوعة في منطقة غنائية، سُلَّمِية بسيطة، يستطيع أي إنسان أن يؤديها بلا عناء، فهي ليست في منطقة القرارات الخفيضة التي يتطلب أداؤها دقة وحذر، كما أنها ليست في منطقة الجوابات الحادة، التي يتطلب أداؤها مجهودا.


أما الجملة الثانية، لا ينطبق عليها، لأن أداءها يتطلّب عناية فائقة، لما فيها من قفزات صوتية وحركة سريعة لبعض النغمات.
وتوجد باللحن بعض الكلمات اليونانية، التي تشير إلى أن هذا اللحن قد انتقل من اللغة المصرية القديمة إلى اليونانية ثم إلى القبطية. واللحن من مقام عجم المعروف بالسلم الكبير، وهو أبسط سلم موسيقي في المقامات الشرقية والغربية على السواء. 


أما الميزان الموسيقي البسيط التركيب، فهو ثنائي 24، أي أنه لا يتعدى ضربتين إيقاعيتين، الأولى قوية والثانية ضعيفة. وأما سرعة اللحن فهي تقدر بحوالي 80 نبضة في الدقيقة، ويجب ألا تزيد على ذلك، وإلا تحول إلى مارش عسكري، وفقد لمسة الحزن التي تتلفح بها نغماته.


كلمات اللحن في ترجمتها العربية:


الجلجلة بالعبرانية والأقرانيون باليونانية، الموضع الذي صلبت فيه يارب، بسطت يديك وصلبوا معك لصين عن يمينك وعن يسارك، وأنت كائن في الوسط أيها المخلص الصالح.
المجد للآب والابن والروح القدس.
فصرخ اللص اليمين قائلاً اذكرني ياربي، اذكرني يا مخلصي، اذكرني يا ملكي، إذا جئت في ملكوتك.
أجابه الرب بصوت وديع إنك اليوم تكون معي في ملكوتي.
الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور آمين.
أتيا الصديقان يوسف ونيقوديموس، وأخذا جسد المسيح، وجعلا عليه طيباً، وكفناه ووضعاه فى قبر وسبحاه قائلين قدوس الله، قدوس القوي، قدوس الذي لا يموت الذي صلب عنا ارحمنا.
المجد للآب والابن والروح القدس.
الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور. آمين.