التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 05:37 م , بتوقيت القاهرة

سيلفي اليتيم

هل أخذت سيلفي اليتيم في يوم اليتيم؟!

أيوه وعملنا حفلة ولعبنا وانبسطنا والتلفزيون صور وإييييييييه هيصة، طيب هتروح تاني إمتى؟! السنة الجاية إن شاء الله مش هفوت سنة، سنة!! طب قول مرة كل شهر أو شهرين أو حتى في الأعياد والمناسبات الرسمية.. ما هذا يا أبناء المتسخة !!

كل عام نفس القصة، يأتون ويذهبون ثم يغيبون عن الأطفال ويظل يتساءل الأطفال طوال العام أين من زارونا وأسرّوا قلوبنا لماذا هربوا؟! أفعلاً جاءوا من أجلنا أم من أجل أشياء أخرى!! وبات الأيتام يكرهون يوم اليتيم رويدًا رويدًا فهو يذكرهم بالمنافقين من وجهة نظرهم يحتفلون بيوم في العام من أجل الشو الإعلامي أو حتى إراحة وتسكين الضمير قليلاً.

يا عزيزي لو كانت النية زيارة واحدة في العام فاجلس في بيتك الله يباركلك أفضل من أن تضر نفسياتهم ويظل الأخصائيون الاجتماعيون يعالجون ما بهم بقية العام من الأثر السيئ لهذه الزيارة الوحيدة، فهم بالفعل يرون أشخاصا طيبين وحنينين ولكن لا يفهمون لِمَ يزورونهم مرة واحدة في العام!

كل هذا بالإضافة إلى ما يعانيه اليتيم في مجتماعاتنا سواء داخل دور الأيتام أو خارجها، والكلام موجه الآن لليتيم لا يُبرر أي عقد نفسية قد تنشأ داخلك، كن على يقين تام أنك شخص طبيعي ولست بضحية وذلك لمصلحتك أولاً لا لمصلحة أحد، فالقرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة أوصت باليتيم خيرًا، وثواب كافل اليتيم وكيفية معاملة اليتيم والتصرف في أمواله، ولكن لم تتحدث مطلقًا عن أن اليتيم مُعفى من الأحكام الشرعية، أو أن له حسنات إضافية عن غيره أو أن ذنبه مغفور من عصية.

أيها اليتيم أنت بالفعل شخص طبيعي فإنّ حرمتك الحياة من شيء فقد حرمت غيرك من أشياء فالحياة دائمًا قاسية، ولكن بصورة نسبية على الجميع.

كم من أطفال ما هم بيتامى تركهم أهلهم وآباؤهم دون رعاية أو أموال أو أدنى مسؤولية، كم من أطفال وما هم بيتامى ابتلوا في صحتهم في سن صغيرة بأمراض مستعصية وآباؤهم موجودون وأموالهم وفيرة تعجز عن علاج المستعصي من الأمراض، كم من أطفال ما هم بيتامي، ولكن أصابهم آباؤهم بعقد نفسية وعنف وغيره وغيره الكثير.

حقًا الحياة قاسية فلا تجعل كلمة يتيم تشعرك بجبال الهم وأنت الأفضل من كثيرين، نحمد الله على ما نحن فيه، فهناك الأقل منا والأكبر منا فلم ننظر للأكبر ولا نرى الأقل، لا تدع فكرة أنك مسكين أو ضحية تسيطر عليك، آنذاك ستكون فعلاً شخصًا مختلفًا عن الآخرين لا تستطيع نجاحًا ولا تقدمًا وأنت يلازمك شعور الصعبانيات هذا.

على العكس تمامًا الظروف الصعبة هي من تعطي دفعة لأصحابها ليكونوا أفضل من غيرهم، انظر إلى المبتلين في صحتهم  كالمكفوفين وذوي الاحتياجات الخاصة دائما ما تجد لديهم من العزيمة والإصرار ما يفوق غيرهم ويحققون نجاحات عجز عن تحقيقها الأسوياء.

فلتكن ذلك الشخص الناجح الثابت للجميع أن الحياة علمته وعلمت عليه فقد والديه، ولكنه برغم الصعوبات تجاوزها وانخرط في المجتمع وصار جزءا منه بل جزءه الفاعل الناجح لا عالة عليه، فلا تكن ذليلاً لظروفك مثيرًا للشفقة لغيرك فغيرك يشفقون ولا يحترمون، يتحدثون ولا يفعلون، فكن أنت صاحب الحديث والفعل والقلب الحساس الذي يشعر بمعاناة غيره لا المليء بالعقد النفسية الكاره لغيره، لأنهم لم يفقدوا والديهم مثله، نجاحاتك وأنت قوي أهم كثيرًا من إخفاقاتك وأنت مثير للشفقة.

دعوا عنكم يوم اليتيم فلسنا وليسوا بحاجة إليه، ودعونا نهتم بالأهم والمهم رعاية وإنشاء المزيد من دور رعاية الأيتام وتعليمهم بمستويات عالية، والاستفادة منهم عندما يصلون إلى سن الشباب كجزء داعم للبلد لا عالة عليه، وظفوا مجهوداتكم في الطرق الصحيحة فالنوايا جميعها سليمة، ولكن تختلف الأساليب، التطور الحضاري يجب أن ينال أيضًا من تفكيرنا باليتيم وتعريفه ورعايته وبنائه والاستفادة منه واتركوا عنكم الأفكار البالية العتيقة والنفاق الاجتماعي.. فقط اجعل مجهودك في محله.