الأنبا موسى الأسود.. اللص الذي أصبح راهبا
لا نعرف كثيرًا عن ماضيه سوى أنه كان عبدا لرئيس قبيلة تعبد الشمس، ولقب بالأسود لسواد بشرته، لأصوله التي ترجع غالبا لبلاد النوبة. طرده سيده بسبب سرقاته المستمرة، فاشتغل بأعمال السرقة والقتل.
قال عنه الأب "بلاديوس": "إنني أسرد كل شروره لتتجلي عظمة توبته". لم يترك "موسى" خطيئة إلا واقترفها. قيل عنه أن قوته الجسدية أقرب للوحوش.
عبد الشمس لكنه انصرف عنها، متشككا في الإله الناقص الذي يغيب ليلاً، هذا التشكك والاضطراب دفعه إلى مقابلة رهبان وادي النطرون، أو "برية شيهيت"، لأنه سمع أنهم يعرفون الإله الحقيقي.
ذهب إلى القديس إيسيذورس، طالباً منه الخلاص، ليتولى إيسيذورس رعايته بعد ذلك، إلى أن طلب موسى منه أن يصير راهبا، كان يقدر عمره آنذاك بين الخامسة والعشرين والثلاثين.
بعد اعتراف موسى بجرائمه أمام جميع الرهبان، أعطاه القديس إيسيذورس إسكيم الرهبنة، وقال له: "اجلس يا بني في هذه البرية، لأنه في اليوم الذي تغادرها ستعود لك كل الشرور".
عاش موسى حياته ناسكاً منعزلاً في صومعته، لا يأكل إلا الخبز والملح. قيل إن لصوصاً هاجموه في عزلته، ولكنه تسبب في تغيير مآل حياتهم، فأصبحوا رهباناً مثله. سكن الصحراء، وكان يتكبد عناء السير مسافات طويلة، ليحضر الماء للشيوخ في القلالي.
عندما جاء الأب ثيوفيلؤس، البابا السكندري إلى وادي النطرون، طلبوا منه أن يرسمه قسيساً، فأراد أن يمتحن قوة احتماله، فأوصى القساوسة أن يعايروه بسواد لونه، لم يغضب موسى، حتى قال له البابا: "لقد تبدل سوادك وأصبحت كلك أبيض يا موسى".
استشهد الأنبا موسى، اللص الذي أصبح راهبا، على يد مجموعة من البرابرة في سن الخامسة والسبعين، في 24 بؤونة بين عامي 392، و400 م، دُفن بجوار معلمه القديس إيسيذورس في مقصورة واحدة بديرهما العامر البرموس.