شم النسيم "زي ما قال الكتاب"
شم النسيم هو كرنفال مصري منذ العصر الفرعوني، كان يوافق يوم الاحتفال به أول أيام فصل "شمو" وموعد بدء الانقلاب الربيعى، كما كان مرتبطا بالعقيدة الأوزيرية القائمة على فكرة بعث الحياة بعد الموت وقدرة الإله "أوزير" على التجدد، فكان الاحتفال به جزءا من تعاليم هذه الديانة.
التقويم القبطي
يؤكد موقع الأرشيف المصري للحياة والمأثورات الشعبية، أن مكانة شم النسيم واستمراره مرتبطة بالتقويم القبطي الذي يعتمد على تنظيم العمل الزراعي في مصر ويحدد موعده "الخامس والعشرين من شهر برمهات".
وأبرز مظاهر الاحتفال بشم النسيم الخروج الجماعي المبكر قبل شروق الشمس إلى الحقول والحدائق وضفاف النهر، وكان ذلك يستند إلى المعتقد الفرعوني بخروج الرعية للقاء إله الخضرة أوزير وقد عادت إليه الحياة، فأصبح يستند بعد ذلك إلى المعقتد الشعبي بأهمية الخروج المبكر للاستمتاع بنسمات الصباح النقية وأثرها المفيد على الصحة العامة.
ويتناول المحتفلون بعض الأطعمة المميزة من النباتات الخضراء كالخس والملانة والبصل الأخضر، وكذلك البيض المسلوق الملون، والأسماك المملحة وكلا منها إشارة رمزية إلى تجدد الحياة وخروج الحي من الميت.
فعاليات عديدة
أولها هو الاحتفال بأحد الزعف أو أحد السعف وفيه تجدل أشكال من الخوص على هيئة الصليب أو القلب، وفى معظم أنحاء مصر تشكل عروسة القمح ويطلق عليها أسماء عدة مثل "عروسة الفريك" وهي تجدل من سنابل القمح، وعادة ما تعلق على جدران المنازل أو على مداخلها، وبعض المجتمعات المحلية تحتفل في اليوم التالي بطهي نوع من الطعام يسمى "العصيدة " ويسمى "اثنين العصيدة ".
ويوم الثلاثاء يعتقد الأفراد أنه اليوم الأفضل للعلاج بالفصد أو"الحجامة"، وذلك بالتشريط حيث يعتقد أنه في هذا اليوم يتم التخلص من الدم الفاسد "دم الشتا".
والأربعاء هو يوم يطلق عليه "أربعاء أيوب" أو أربع الرعرع، وهناك أسطورة يتداولها الأفراد أن أيوب "نبي الله" اغتسل في هذا اليوم مدلكا جسده بنبات العرع، بإلهام من الله، فشفي من مرضه القاسي الطويل، فيعتقد الأفراد أن الاغتسال بالرعرع يعد وقاية من الأمراض والخمول.
ويوم الخميس هو "خميس العدس"ويطهى فيه العدس ويفضل فيه البعض تناول بيضتين تجنبا لتورم العينين في الأيام المقبلة.
والجمعة لدى الأقباط في مصر هي الجمعة "الحزينة"، أما لدى المسلمين فهي "الطويلة"، وتلتمس فيه السيدات في بعض محافظات الوجه القبلي العلاج من العقم.
والسبت يعرف بسبت النور، وفيه يكحل الأفراد عيونهم حيث يعتقدون أن الاكتحال في هذا اليوم يقي العينين من الأمراض ويمنحهما قوة الإبصار على مدى العام المقبل.
ويوم الأحد هو يوم عيد القيامة عند الأقباط يحتفلون فيه، ويشترك المصريون جميعهم في الاستعداد للاحتفال بشم النسيم بجلب المأكولات الخاصة أو بمص القصب كما يسرى اعتقاد أن وضع بصلة تحت الوسادة في هذا اليوم يمنع ظهور الشمامة طوال العام (والشمامة كائن غيبي يطوف حول النائم ويشمه).
شم النسيم الإسكندراني
أهل إسكندرية يقدرون الاحتفال بشم النسيم ويتعمدوا الذهاب إلى الحدائق مثل "حديقة أنطونيادس المنتزه، النزهة والحديقة الدولية"، ومن أساسيات اليوم أيضا النزول إلى البحر بالإضافه إلى عمل رحلات بالمراكب وتولي محلات الأسماك بشم النسيم اهتماما خاصا حيث تستعد بأشهى أنواع الأسماك منها المملح والمشوي والمقلي.
وفي المنيا يبدأ الأهالي الاحتفال بشم النسيم من يوم سبت النور حيث يقوموا بتلوين البيض بالتفته (وهى مادة تعطي لونا أحمرا للبيض) والكركديه والشاي والنعناع وقشر البصل والحلبة كما تكحل الأطفال الصغار ويوم الأحد يصنع فيه "الفطير المشلتت" أما يوم شم النسيم فيذهب الجميع إلى الحقول من الصباح الباكر والبعض يذهب قبلها بيوم ويبات في الحقل من قبلها بيوم استقبالا لبهجة الربيع.
وللشرقية أيضا نصيب من الاحتفال حيث يبدأ الاستعداد قبلها بشهر من خلال تخليل "السردين" وتلوين البيض والحيوانات مثل"الحمير، الماعز" بالألوان المبهجة، كما يقوم أحفادها بعمل "الصنارات" لاصطياد الأسماك من الترع والذهاب للحقول لأكل التوت كما تنتشر في هذا اليوم بيع الورد البلدي والنعناع الأخضر.
ومن الريف الأخضر إلى القاهرة حيث لايخلو الاحتفال بشم النسيم من الخروج إلى الحدائق وخاصة القناطر الخيرية والذهاب في رحلات نيلية وأكل الفسيخ والملوحة والتجمع مع الأهل والأصدقاء.
ورغم ذلك فشم النسيم في مرحلة السبعينات كان له مذاق خاص، فكانت الأسرة تتجمع أمام التليفزيون أو الراديو لتسمتع إلى حفلات الربيع التي كان يطل من خلالها عبدالحليم حافظ وفريد الأطرش وفايزة أحمد بأروع الأغنيات وكانت تمتد إلى الثانية صباحا، وكان يوجد في كل عائلة "متعهد الفسيخ والرنجة" في ذلك اليوم والذي يتولى أمور التخليل ودعوة الأقارب لغدوة الفسيخ المميزة.