ألف مشهد ومشهد (11)
بقى بـ ذمتك ودينك، وأنا راضي ذمتك ودينك، لو إنت مكان عبد الناصر، كنت عملت إيه مع فيلم "رد قلبي"؟
عن نفسي، لو أنا مكانه كنت هـ أمنعه، على الأقل مش هـ احتفي بيه، واعتبره الرؤية المعتمدة للثورة، بقى "علي" ده ينفع يبقى نموذج لـ ظباط يوليو؟
وماله علي؟
أقول لـ حضرتك ماله؛ على مدار الأحداث كلها، علي كان شخص سلبي، محبط، بائس، ما خدش ولا مبادرة واحدة في حياته، ما اختارش أي حاجة في أي حاجة، طول الوقت هو رد فعل لـ لكل اللي حواليه.
علاقته بـ إنجي هي اللي بدأتها، وأصرت عليها، حتى لما أنقذها كان رد فعل للي هي عملته. هو كان هربان وخايف، وينط من الشباك، تيجي له من العربية، ولـ حد آخر لحظة، هي اللي بـ تاخد القرار، وهو بـ يعيط.
قرار دخول الكلية، لا كان فكرته، ولا تنفيذه، ولا نتيجة أي فضل منه. يعني أخوه دخل البوليس علشان موهوب في الكورة، واختار كده، لكنه هو "قالوا له" روح قدم، فـ راح قدم، وأبوه جاب له واسطة صغيرة، وإنجي جابت له واسطة كبيرة، وهو وقف قدام اللجنة ما نطقش ولا حرف، ولا حرف واحد، ولا حتى كح، وفـ الآخر بقى ظابط.
المحاولة المجنونة لـ خطوبة إنجي، اللي أبوه انطرد من الأرض بـ سببها، مش بس مكنش له فيها قرار، ده ما كانش يعرف عنها أي حاجة.
علاقته بـ كريمة، هي اللي بدأتها، وأصرت عليها، وساقتها، حتى تعرفه عليها، لما كان رايح مع أخوه وأصحابه مكان ما يعرفوش، ولا عنده عنه أي فكرة ولا خبرة ولا معلومات.
حتى المنافسة الوحيدة اللي دخلها في ماتش الملاكمة، اتهزم فيها، وكان أضعف من خصمه، وكل ميزته إنه ما انسحبش منها وداس على آلامه، لكنه خد علقة ما كلهاش حرامي جزم في جامع.
كل اللي كان بـ يعمله علي إنه مقضيها جروح ونوح وبكا، يضرب في إيده بـ الخرطوش، تيجي له حمى، فـ يقعد يخرف، ضلوعه تتكسر، ينضرب بـ النار، وهكذا وهكذا.
يا راجل، ده قرار انضمامه لـ "الظباط الأحرار" مكنش قراره، جاله صاحبه سليمان، وقال له: "إنت من الأحرار يا علي". سليمان ده اللي من شوية بـ يقول: "أنا من الأحرار يا علي" في اختيار واضح لـ دوره ومكانه.
كل اللي حوالين علي كان عندهم ميزة إلا هو، علي مكنش عنده خفة دم وجرأة حسين أخوه الاجتماعية، مكنش عنده تضحيات الريس عبد الواحد ومثابرته وجلده، مكنش عنده قوة رشدي أباظة البدنية، مكنش عنده حتى دفاع الأمير علاء عن ممتلكاته لـ آخر نفس فيه. مكنش عنده أي حاجة خالص، غير الدموع، فـ إيه بقى اللي يخليه نموذج لـ ظباط يوليو؟
وطبعا مكنش عنده ربع قوة الشخصية والكاريزما اللي عند سليمان، وبمناسبة سليمان (الدور اللي لعبه كمال ياسين) بـ أعتقد إنه هو أقرب لـ ملامح عبد الناصر، حتى لعبه للشطرنج، وتفوقه فيها، لـ درجة إنه كان بـ يلعب مع الظباط من غير وزير.
فيه حد خبيث ممكن يقول لك: بـ العكس، هو ده النموذج المطلوب من القيادة للظباط، القيادة مش عايزة غير سليمان واحد بس، حتى في الفيلم، لما سليمان نفسه بـ يقول: معقول: البلد مافيهاش "واحد بس" يكون خايف عليها وبلا بلا بلا؟ فـ يرد عليه علي يقول له: الواحد ده هو إنت يا سليمان. مع جملة موسيقية فخيمة مثيرة من فؤاد الظاهري، تبدأ مع كلمة "سليمان".
عاش سليمان.. عاش