السيدة ذات الرداء الذهبي.. حكاية لوحة سرقها النازيون
ماريا ألتمان لاجئة يهودية من الحركة النازية في النمسا، ولدت في 18 فبراير 1916 وتوفيت في 7 فبراير 2011، قادت حملة قانونية ناجحة بشأن أحقية أسرتها في خمس لوحات رسمها جوستاف كليميت لعائلتها، وقد سرقت اللوحات خلال فترة الحرب العالمية الثانية من قبل الحزب النازي.
ورغم أن ماريا لم تكن بالغة بما يكفي كي تتذكر زيارات كليميت، إلا أنها تربت على زيارة منزل عمها الضخم الذي اكتظ بالمطرزات، الأثاث الراقي، ومجموعة رائعة من البورسلين.
كانت عائلة يهودية ثرية تتضمن عمها فيردناند وعمتها آديل، والذين جمعتهما صداقة مقربة برسامي الحركة الإنفصالية في فيينا، والتي ساهم جوستاف كليميت في تأسيسها عام 1897، تضمنت الحركة الطليعية للعاصمة النمساوية المؤلف الموسيقي أرنولد شونبيرج.
كيف رسم كليميت اللوحة؟
صورة المرأة ذات الرداء الذهبي تعود -كما أشرنا مسبقا- لآديل بلوش بور، وقد رسمها عام 1907 باستخدام الزيت والذهب والفضة على قماش بأبعاد (138 سم * 138 سم) وهي إحدى اللوحتين للسيدة ذاتها، وقد اعتبرها النقّاد أفضل أعماله الفنية على الإطلاق.
كانت تلك السيدة تجمع الفنانين والموسيقيين والكتاب في صالون منزلها الكبير بالقرب من دار الأوبرا، وقد أصبحت لوحتها تعبيرا مباشرا عن العصر الذهبي في فيينا، توفيت آديل في عام 1925 عن عمر يناهز 44 عاما، بعد ذلك قامت ماريا ألتمان بتقديم دعوى قضائية بخصوص حق عائلتها في امتلاك 5 لوحات لكليميت.
لم يتبق لماريا سوى بعض الذكريات عن اللوحات بعد أن قامت القوات النازية بالسطو على المدينة وسرقة محتوياتها عام 1938، تزوجت ماريا ألتمان من المغني الأوبرالي فريتز ألتمان، وقد أعطاها عمها زوج آديل حلقها وعقدها كهدية عيد زواج، لكن يبدو أن هذا العقد قد سرق أيضا وقدم كهدية لزوجة القائد النازي هيرمان جورينج.
كما أشارت ماريا أن والدها توفى بعد أسبوعين فقط من سرقة آلة التشيللو الخاصة به، وقد جردت العائلة تقريبا من معظم ممتلكاتها الفنية.
لم تتوقف القوات النازية عند هذا الأمر فقد أجبروا أحد أفراد العائلة عن التنازل على مصنعى الصنيع المزدهر، وبعد رحلة هروب طويلة من المعكسر، إلى الحدود الألمانية، ثم إلى هولندا، استقرت ماريا أخيرا في الولايات المتحدة الأمريكية في كاليفورنيا.
في أمريكا عاشت ماريا حياة جديدة بعد أن تمكن الزوج من العمل في مصنع نسيج صغير بميناء ليفربول الإنجليزي وإرسال جاكيت من الكشمير الذي أعجب سكان أمريكا فبدأوا بشراءه، قامت ماريا بفتح بوتيك خاص بها وأنجبت ثلاثة أولاد.
صراع من أجل الحياة
أدعت ماريا أحقيتها في الحصول على اللوحات الخمس التي يضمها المتحف الوطني وقد عرفت ذلك من خلال صحفي استقصائي يدعى هوبرتوس سيرنين أن تلك اللوحات من حقها.
وفي عام 1999 بدأت في إقناع السلطات، وبمساعدة المحامي الخاص بها أوضحت أن فيردناند قد تبرع باللوحات للمتحف الوطني في عام 1945، وعندما زارت المتحف صرخت في وجه الحراس كي يصوروها قائلة: هذه اللوحات تخصني.
وفي إحدى تصريحاتها لجريدة "لوس أنجيلوس تايمز" قالت: لكنني سأمنحهم سعادة البقاء على قيد الحياة، وعندما ربحت القضية ووصلت اللوحات إلى الولايات المتحدة الأمريكية، سألتها جريدة "نيويورك تايمز" بماذا ستدينهم مجددا؟، ردت لقد أقرضناهم لمدة 68 عاما، وكفى قروض.
لطالما كانت ماريا تقول إن آديل أرادت أن تكون لوحتها في جاليري عام، ولذلك قام أحد رجال الأعمال الأثرياء ويدعى رونالد لاودر بشراء اللوحة بمبلغ وصل إلى 135 مليون دولار وعرضها في جاليري يدعى (Neue Gallery) في مانهاتن تزامنا مع عرض الفيلم الذي قامت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" بإنتاجه وحمل عنوان (The Woman in Gold).