التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 08:49 ص , بتوقيت القاهرة

كيف تحققين الاستفادة القصوى من سنوات العنوسة!

حين طرق كريم بابنا، كنتُ في الثامنة أو التاسعة عشرة، جامعية هادئة لا شيء تطمح في أن تجنيه من دراستها بقسم الوثائق والمكتبات وتقنية المعلومات، جلس وأمه وأبوه وأخته التي لا أذكر شيئا من هذا اليوم بقدر ما أذكر حاجبيها المستطيلين المخيفين، بصحبة أسرتي طبعا، جلسة مملة كانت لقائي الأول - والأخير- بزواج الصالونات.


بعد يومين من زيارة عائلة كريم السعيدة، انفردت بي أمي وأخبرتني أنهم اتصلوا طالبين يدي، أعترف أنني "أفورت" جدا في رد فعلي، تحوّلت بكامل إرادتي إلى ميس دراما كوين، وهددت بأنني لن أدخل الامتحانات إن ضغطوا عليّ، رغم أن أحدا لم يضغط ولن يضغط، ولكنني وكما قلت "أفورت".


سبع سنوات مرت على ذلك الحادث، نضحك وأقاربي ونتخيل أنه لو كان لتلك الزيجة أن تتم، لكنت الآن أماً لطفلين أحدهم في "كي جي وان" مثلا، تنظر لي أمي بأمل، وتعلق عمتي أني "ياريتني ما رفضت"، لكنني أنا، وعلى الرغم من كل الارتباط بفكرة العائلة المستقرة والأطفال، أحمد الله ألف مرة على أنني رفضت، وعلى أنني أفورت.


بيت تملكينه، فستانك الأبيض، وحتى رقصة البطريق، أحلام مشروعة لكل فتاة على ظهر هذا الكوكب، ولكن ماذا لو تأخر تحقيق تلك الأحلام، هل "نقعد على الحيطة ونسمع الزيطة"، هل نترك أنفسنا لطنط حشرية وأبلة شماتة وغيرهن من ثوابت العائلات المصرية ؟ أم تحاول كل فتاة جاهدة، تحقيق الاستفادة القصوى من تلك السنوات التي تمر حتى يحدث الله بعد ذلك أمراً.


في هذا المقال، تعلمي كيف تستفيدين من سنوات العنوسة – مادام المجتمع قد اتفق على ذلك المسمى البشع- بدون معلم!


(1)


اكتشفي نفسك


من أنتِ، فيمَ ترغبين، هل لكِ طموح معين؟، كل هذه الأسئلة عليكِ الإجابة عليها قبل الزواج، عليكِ إن كنتِ ترغبين في حياة زوجية وأسرية مستفرة أن تعرفي حدود تطلعاتك ومستواها، هل ترغبين في أن تكوني ربة منزل، أم تحلمين بنجاح مهني معين، وما هي المدة الزمنية التي تلزمكِ لتحقيقه.


(2)


اكتشفي العالم


حين كنت طالبة في الثانوية العامة، كنت حالمة "بزيادة"، عزفت عن ارتياد الكافيهات حتى بعد دخول الجامعة، كنت أقول إن لدي قائمة بالأماكن التي لن أذهب إليها إلا بصحبة السيد سين، حتى اكتشفت فاجعة ذلك.. ألا تتعجلي فرصة الزواج أو ألا تتعجلك هي، يعطيكِ فرصة لاكتشاف العالم من حولك، ذلك يفيد أحلامك وأحلام زوج المستقبل وحياتكما معا، فلا تفوتي الفرصة.


(3)


انطلقي..


الزواج مسؤولية، مهما اتفقتما ومهما كان متحررا،  ومهما كنتِ قادرة على الجمع بين خمسة وعشرين شيئا في الوقت نفسه دون تقصير، في الزواج لن تجدي متسعا من الوقت للسفر، وبصحبة طفلين أحدهما رضيع يصرخ فجأة وبدون سبب واضح ستجعل من حضور حفلة لعمر خيرت في الأوبرا صعباً كالسفر للمريخ، ودعوات حماتك ووالدتك وعماتك وخالات زوجك في رمضان ستمنعك حتما من إفطار حسيني رائع، تلك أمثلة من قائمة لانهائية لما يمكن أن تفعليه حتى "يشرف" زوج المستقبل، فلا تترددي، وانطلقي !


(4)


كوّني نفسك


ليس حكرا على الشباب أن يكونوا أنفسهم، بينما تبقين أنتِ في انتظار "مصروفك" الشهري من السيد الوالد أطال الله عمره، إنها فرصتك أنتِ أيضا لأن تكوّني نفسك، و أن تعملي وتدخري بعض المال، في هذه الحالة أنتِ أكثر قوة، ويمكن لحياتك ان تختلف فعلا، وحين يأتي "حضرته"، سيجد إنسانة عاقلة مستقلة بانتظاره، يمكنها أن تتحمل معه المسؤولية، أو على الأقل، تحملين شيئا من المسؤولية عن كاهل والديكِ.


(5)


اختاري رجلا مناسبا


في فئة عمرية معينة، تحيا الفتيات على أحلام قصص حب فاتن وعمر، ثم تبدأ في رحلة البحث عن الجان لتدرك بعد فترة إن الراجل ميعبهوش إلا جيبه، لكن فتيات عدة، تبدأ بعد الخامسة والعشرين، تفكيرا مختلفا، إذ تتضح لهن الصورة الحقيقية لا لفتى الأحلام إن أردت الدقة، وإنما للزوج ورب الأسرة و"أبو العيال"،  وذلك أبقى كثيراً.


أن يؤجل زواجك أو تؤجليه، تلك فرصة مثالية لتحديد مواصفات رجل تمنحينه حياتك، والأهم، لأن تجديه.


(6)


استفيدي من تجارب الآخرين


مؤمنة جدا بأنه لا شيء نستخلص منه الحكم والعبر إلا أن نجربه بأنفسنا، ولا أود أن أبالغ فأقول أن الزواج كالموت لا فرصة فيه لفرصة ثانية، ولكنني أقول إنه علينا ألا نترك الأمور للفرصة الثانية، هنا فرصتك لأن تراقبي وتحللي حكايات الصديقات من حولك، صحيح أن الجميع يعتقد ان حكايته مختلفة عن الآخرين، ولكن ذلك ليس صحيحا، في الحب والزواج يتشابه الجميع، اعرفي كل شيء عن الزواج قبل أن تخوضي تجربته، إن كنتِ تودين اختلافا فعلا.


عزيزتي، كل شيء في وقته رائع، تلك التي تزوجت في السنة النهائية من الكلية، وحضرت الامتحانات النهائية حاملا، أذكر كيف نظرت إليها الطالبات متمنيات لو كن مكانها، نظرة أمل وغبطة بل وحسد أحيانا، ربما كنت منهن يوما، ولكن، وإن كنت لا أعرف إلى أين وصلت هي، أكاد أجزم أن وزنها قد زاد، وأن اهتماماتها قد انحسرت عند حدود أسعار الخضار وسي بي سي سفرة، بينما منحني الله فرصة، لأن أكون أنا.


العائلة حلوة، حلوة جدا، نعمة أتوسل إلى الله ألا يحرم أحداً منها أبدا، ولكن لا شيء في العالم أحلى، من أن تأتي الأشياء في وقتها.