ريان رينولدز وأسطورة ما وراء القط الشرس في The Voices
نظريا لا يبدو اختيار رايان رينولدز لدور شاب عادي متوسط الجاذبية، يعاني أزمة في الخروج مع الفتيات، اختيار منطقي. لكن رينولدز إضافة إلى موهبته كممثل، كان دائما مباركا شكلا بمعادلة (النسبة المثالية المضبوطة من كل شىء).
وسيم بدون ملامح سينمائية توحي بأرستقراطية على طريقة جورج كلوني، تحرمه من أدوار الرجل البسيط (1). يتمتع بقوام رياضي مثالي لفيلم أكشن من نوعية Green Lantern 2011، لكن غير ضخم البنيان، بشكل يمنعه مع بعض الملابس أن يبدو عاديا (2). بحضور ذكوري لطيف يجيد مواربته اذا أراد، أو استدعاءه لدور من نوعية The Proposal 2009 مثلا (3). مع لمسة ملامح طفولية، تمنحه القدرة أيضا على لعب دور الساذج (4).
حتى الآن لا يزال بدون قائمة أفلام عظيمة، وهي أزمة اختيارات قبل كل شىء، لكن إذا تجاوزنا قائمة أعماله، فالمؤكد أنه يملك كل أساسيات السوبر ستار، ويملك أيضا ما يجعله على قائمة اختيارات كل مخرج في ألف نوع وشكل. أداؤه في فيلم الجريمة والكوميديا السوداء The Voices 2014 هو العنصر السينمائي الأجود والأهم في الفيلم ككل.
جيري شاب خجول يعمل في وظيفة متواضعة، يحاول لفت أنظار زميلته الفاتنة فيونا (جيما أرتيرتون)، على ضوء نصائح وأصوات متعارضة يسمعها باستمرار من قطه الشرير وكلبه الطيب. الموعد الغرامي يبدأ أخيرا، لكن سرعان ما تسير الأمور بشكل فوضوي وعابث ودموي غير متوقع، خصوصا مع محاولات زميلته الأخرى ليسا للتقارب معه (آنا كيندريك في دور بسيط مرح آخر من أدوارها).
سيناريو مايكل بيري يحاول أن يمزج عدة نوعيات في فيلم واحد (كوميديا سوداء - دراما نفسية - فيلم جريمة - رعب عبثي فنتازي بمشاهد دم هستيرية)، لكن النتيجة النهائية عمل غير منسجم، بمقاطع منفصلة يحقق كل منها هدف واحد. وهو عيب دشنه إخراج الفيلم أكثر وأكثر. على سبيل المثال يفسر الفيلم شخصية جيري بفلاش باك لحدث من طفولته. التفسير غير المطلوب من الأصل لفيلم عبثي وكوميدي الإيقاع في البداية، تحول إلى عنصر بتأثير شديد السلبية بسبب اخراجه بشكل جاد وموتر جدا، غير منسجم مع ما قبله.
لتقريب الفكرة أكثر، تخيل فيلم سايكو Psycho لـ هتشكوك، اذا صنعنا القصة من منظور عبثي الدوافع، فنتازي الشكل، مع قط وكلب يتحدثان للبطل، ورايان رينولدز بدلا من أنتوني بيركنز. الفكرة مثيرة للشهية لأقصى درجة، لكن التنفيذ للأسف لم يرق لها، أو لأداء رينولدز الجيد جدا.
رينولدز أيضا صاحب الأداء الصوتي لكل الحيوانات في الفيلم. ومن المؤسف أن السيناريو لم يستغل شخصية القط الشيطاني خفيف الظل، الذي يوسوس للبطل بارتكاب الشرور باستمرار بشكل أفضل. القط ويسكرز يصلح كامتداد ممتاز لا يقل جاذبية عن القط الشهير جارفيلد، إذا تخيلنا الأخير وغد معدوم الاحترام للبشر أكثر وأكثر!
مخرجة الفيلم الإيرانية الأصل الفرنسية الجنسية مرجان ساترابي تعمل كمؤلفة روايات ورسامة قصص مصورة بالأساس. وحققت شهرتها مع أولى خطواتها الاخراجية في عالم السينما عام 2007 ، وفيلم الرسوم المتحركة Persepolis. وهو عمل يروي قصة طفولتها، عندما أرسلها أهلها لأوروبا هربا من جحيم الاسلاميين، الذين سيطروا على إيران عقب الثورة الإيرانية 1979.
بصمة عملها الأصلي، تبدو واضحة في ألوان وتصميمات بعض اللقطات، لكن في المقابل من الواضح أنها تفتقد نسبيا للحس الكوميدي الكافي، أو لمهارة ضبط إيقاع فيلم مختلف النغمات.
ربما كان من الأفضل لصناع الفيلم، عدم الإستماع لأى أصوات تنصح بالتوسع في تفسير الشخصيات والأحداث بشكل جدي، وطاعة أوامر القط الشرير ويسكرز الذي لا يريد إلا المرح والعبث!.. غالبا كنا سننتهي ساعتها بكوميديا سوداء عظيمة مسلية، غريبة الشكل والطابع، تذكرنا بأفلام المخرج تيم بيرتون الأولى.
باختصار:
عمل مختلف ومسلي رغم عيوب الترابط، بفضل أداء ريان رينولدز الجيد، وقط وغد يخطف الأضواء منه في كل مشهد. جيد لسهرة سريعة مرحة، بشرط أن لا تستمع لنصائح القط بخصوص شريك حياتك في نهايتها!.. وأكثر جودة إذا كنت تنتظر تشجيع ما بخصوص هذه الخطوة!