هو إيه معنى السعادة؟
يبحث الفنان الراحل إسماعيل ياسين في منولوجه الشهير "صاحب السعادة" عن معنى السعادة، ويقدم عدة فروض ويختبر صحتها: المال، الحب والزواج، ولا يخرج "سمعة" كما يلقبه البعض، بإجابة للسؤال الذي حير البشرية، في رحلة بحثها عن الرضا والسعادة.
السيروتونين.. صانع السعادة
البداية دائما عند علم الأحياء، الذي يخبرنا بأن أحد الناقلات العصبية يسمي "السيروتونين"، يلعب دورا مهما في تنظيم مزاج الإنسان والرغبة الجنسية، لذلك يُطلق عليه هرمون السعادة.
وبطبيعة الحال يمتلك المصابون بالاكتئاب نسبة أقل من المستوى الطبيعي من مادة "السيروتونين" في الدماغ، وهو الاكتشاف الذي تم اعتباره ثورة في علاج الكآبة، حيث أدى بالعلماء إلى اختراع جيل جديد من الأدوية التي تقوم برفع مستوى مادة السيرتونين في الدماغ.
فرويد وشقاء البشرية الأبدي
محطتنا الثانية هي علم النفس، والذي يُرجع رائده، سيجوند فرويد، غياب السعادة، في كتابه "قلق في الحضارة" إلى ثلاثة أسباب: "المصادر الثلاثة التي ينبع منها الألم الإنساني: قوة الطبيعة الساحقة، شيخوخة الجسم البشري، وآخيرا عدم كفاية التدابير الرامية إلى تنظيم العلاقات بين البشر، سواء ضمن الأسرة أو الدولة أو المجتمع".
ويؤكد فرويد، أن الإنسان البدائي كان أكثر سعادة من إنسان العصر الحديث، لأنه لم يعرف أي تقييد لغرائزه، ولكنه كان أقل اطمئنانا لدوام تلك السعادة طويلا، وقد قايض الإنسان المتحضر قدرا من السعادة بقدرا من الأمان، واختار الأمان على حساب السعادة غير المأمونة.
التنمية البشرية.. السعادة في كبسولة
لطالما كان لدى خبراء التنمية البشرية، في كل أنحاء العالم وبتتابع السنوات، خطوات لتحقيق السعادة، مع اختلاف عدد الخطوات، سواء عشرة أو سبعة، أكثر أو أقل أو حتى كتب بأكملها، تدور حول التعامل بايجابية، عدم التفكير في المشاكل، توسيع دائرة العلاقات الاجتماعية، ممارسة الرياضة، وتنظيم الوقت، وغيرها من الوصفات، التي لابد أن تنتج سعادة في النهاية.
الزهد مفتاح السعادة
يعد سدهارتا جوتاما الملقب ببوذا أي "المستنير"، 560 – 480 ق.م، أشهر مؤسسي مذهب التقشف والزهد، فيقول بوذا: إن منشأ هذه المعاناة الحتمية يرجع إلى الرغبات التي تمتلئ بها نفوس البشر للحصول على أشياء خاصة، "لأننا نرغب دائما في شيء ما مثل: السعادة أو الأمان أو القوة أوالجمال أو الثراء".
ومما يروى عنه:
قال رجل لبوذا : أنا أريد السعادة
فقال له بوذا :
أولا تخلص من "أنا" فهي مصدر التكبر والأنانية
ثم تخلص من "أريد" فهي مصدر الشهوة الباطلة
وعندها ستبقى لك "السعادة"!
فيما أكملت العديد من المذاهب الدينية على طريق الزهد والتقشف، كان أبرزهم "الأسينيون" في اليهودية، ومن بعدهم الرهبان في المسيحية، ثم الصوفية في الإسلام.
وجاء الفيلسوف الألماني، آرثر شوبنهاور، ليمجد الزهد، ويعلي من قيمته، ويرى أن التشبث بالحياة هو سر كل آلام الإنسان، ويؤكد أن الزهد هو انتصار العقل على الإرداة انتصارا كاملا، ليتخلص من آلام الحياة، بعد أن يشعر - العقل - بالثقة، ويصل لعالم آخر لا سلطان للإرادة عليه، ولا سيادة للضرورة فيه.
لم يترك الإنسان طريقا، اعتقد أنه ينتهي بالسعادة، إلا وسلكه، ولا مذهبا أو منهجا ظنه يوصل إليها إلا واتبعه، لتتعدد تعريفات السعادة، بتعدد تجارب البشر، واختلاف حيواتهم، وتظل تجربة شخصية لها معنى مختلف عند كلا منا، إلا أنه "لن تعز السعادة على من يطلبها بصدق"، كما يقول الكاتب المصري الكبير، نجيب محفوظ..