التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 07:15 م , بتوقيت القاهرة

سلاحف النينجا.. ليوناردو (1)

"ليوناردو"، "مايكل أنجلو"، "رافاييلو"، دوناتيلو".. أربعة أسماء لفنانين تشكيليين عظماء، يظن قطاع لا بأس به من العوام أنهم سلاحف، بعد أن ارتبطت أسماؤهم في ذاكرة أطفال جيلي والأجيال التي تلته بالكرتون الشهير (سلاحف النينجا)! 

ولا أعرف لماذا قرر صانع سلسلة المسلسل الكرتوني الشهير أن "يسخط" هؤلاء العظام الأربعة إلى سلاحف زعيمهم فأر! ولكنني قررت أن أخلص ضميري الفني، وأعرفك عزيزي القارئ عليهم في سلسلة من أربعة مقالات، نبدأها اليوم بالسلحفاة الأولى : "ليوناردو دافنتشى".

"ليوناردو دافنتشى" الذي لا يعرفه كثيرون إلا من خلال لوحته الأشهر "الموناليزا"، هو واحد من أهم فناني عصر النهضة، الذي عُرف بعصر العباقرة، كما شكل العصر الذهبي للفن الإيطالي، حيث تلاقت المسيحية والفن الوثني القديم مكونة بتلاقيها آفاقًا جديدة من الغموض والأساطير التي شكلت وجدان "ليوناردو" الفني.

ولكن هذا العبقري لم يكن مجرد رسام موهوب، فقد كان أيضًا مثّالا ومعماريًا، يمتلك روحًا متمردة دأبت على المغامرة والاستكشاف، فكانت له أبحاث هامة في علمي التشريح والجيولوجيا، كما عُثر على رسوم تخصه بها تصميمات مبدئية لاختراعي (البراشوت) و(الطائرة الهليكوبتر)! تتلمذ ليوناردو على يد أستاذه الأول "فيروكيو" أحد الفنانين الصناع في عصر النهضة الفلورنسي، وأنجز مجموعة من اللوحات انحاز خلالها لمثاليات الذوق القوطي، كان أهمها "عذراء الصخور"، ثم سافر إلى ميلانو حيث احتفى به كواحد من أهم مصوري البلاط الملكي، وأنجز في هذه الفترة مجموعة من الأعمال الهامة أشهرها لوحة "سيسيليا جاليرانى".

ورغم أن لوحته الأشهر "الموناليزا" استحوذت لعقود على العقول والقلوب، إلا أن أهم أعماله على الإطلاق هي تلك التي توج بها هذه المرحلة.. هي معجزته "العشاء الأخير"، الخالدة بحجرة طعام دير القديسة ماريا ديليه غراتسيه بميلانو، والتي تجسد العشاء الأخير للسيد المسيح مع حوارييه الاثنى عشر في الليلة التي سبقت خيانة أحد اتباعه، وتحديداً تلك الثواني القليلة التي تلت إخبار المسيح لحوارييه بخبر خيانة أحدهم له قبيل شروق الشمس.

بالطبع لن تتسع آلاف السطور للحديث عن "ليوناردو"، ولكن يكفي أن تعرف عزيزي القارئ أنه الفنان الذي قدمت أعماله اكتشافات هي من معطيات فن التصوير ومن خصائصه وحده، كما أنها أفسحت الطريق لأعمال "كوريجيو" المشعة، ولالتقاء النور والظل عند "رمبرانت" ولنظرة التأثيريين في القرن التاسع عشر، كما أن الفن المعاصر مازال يلقى فى معجزات "دافنتشي" مصادر لإلهامه.