التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 11:27 م , بتوقيت القاهرة

حفلات تاريخية لأم كلثوم (8)

جمال عبد الناصر مكنش أول واحد فكر وطلب وألح في إن أم كلثوم وعبد الوهاب يتقابلوا في عمل فني، كان فيه على الأقل مشروعين قبل كده، واحد منهم مؤكد.

أم كلثوم وعبد الوهاب كانوا عاملين زي البحر والنهر كده، ولا زي المية والزيت، "دونت ميكس"، مش بس لأنهم نجمين كبار، ولا لأن بينهم منافسة ضخمة، لكن كمان لأن كل واحد منهم له عالم فني غير التاني خالص، وثقافة مختلفة.

حتى اجتماعيا أم كلثوم كانت ست حريصة على صورة الفتاة الريفية المحافظة، حتى بعد ما اختلطت بـ كريمة المجتمع، وعبد الوهاب إفرنجي بـ يصيف فـ أوروبا كل سنة مع شوقي بيه، اللي خصص له أوضه فـ بيته المعروف بـ اسم "كرمة ابن هانئ".

العلاقة بين أم كلثوم وعبوهاب محتاجة كلام كتير، بس قبل عبد الناصر كان فيه مشروعين:

أول واحد كان 1927، وده مش مؤكد. إحنا بـ نتكلم هنا عن غنوة "قال إيه حلف ما يكلمنيش"، والغنوة دي فيه روايتين الأولى إنها ألحان محمد القصبجي، وده الأكثر انتشارا وشهرة، والتاني إنها لحن عبد الوهاب، والحقيقة لما تقرا دول تقتنع، ولما تقرا دول تقتنع، علشان كده الله أعلم، هـ نفترض إنها القصبجي، خلينا نحافظ لـ "إنت عمري" على مكانها ومكانتها عند الجمهور.

المشروع التاني مؤكد، وكان بطله طلعت باشا حرب، المشروع كان مغري جدا، فيلم عن اسمين أساطير يقوم ببطولته اسمين أساطير. أم كلثوم وعبد الوهاب يعملوا فيلم عن ألمظ وعبده الحامولي. ألمظ والحامولي زي ما إحنا عارفين مطربين عاشوا أيام الخديوي إسماعيل، وكانوا معروفين كـ أسماء من غير تفاصيل، ومشروع فيلم عنهم كان حاجة مغرية، فضلت لـ حد ما اتعمل فعلا بس بـ وردة وعادل مأمون.

طبعا مشروع الفيلم بين أم كلثوم وعبد الوهاب ما اتعملش، وبـ غض البصر عن أسباب ممكن تتقال، مكنش ينفع، التعامل بينهم كان محتاج حاجة مش أقل من رئيس جمهورية زي عبد الناصر، ويفضل كمان يلح سنين، لـ حد كلامه ما يتسمع.

فترة التحضير للغنوة كانت مليانة مغامرات ومناقشات ومناكشات وتعديلات، أبرزها إن عبد الوهاب كان عاملها لـ نفسه أصلا، ومسجلها بـ الفعل، وأم كلثوم لو عرفت كده مكنتش غنتها، بس هو بذل مجهود ودفع لـ صحفيين علشان السر ما يوصلش للست.

يوم 6 فبراير 1964، وفي ليلة رمضانية من ليالي ألف ليلة، وقفت أم كلثوم على مسرح الأزبكية؛ تغني اللحن اللي مكنش فيه لحن قبله ولا بعده صادف نفس الاهتمام اللهفة والترقب.

يوميها الصبح صحيوا، عملوا بروفة خلصوها ع الضهر، وبعدين عبد الوهاب راح زار قبر أمه، وروح البيت يريح و"يفطر" رمضان وكده، أم كلثوم كانت في المسرح، وبدأت الحفلة اللي أذاعها جلال معوض، لقاء سحاب سحاب يعني. معوض كان هو التاني أسطورة، وأم كلثوم كانت بـ تقول عنه إن الغُنا في حفلتها بـ يبدأ قبل ما هي تغني، والملاحظ أن معوض ما جابش سيرة اللقب اللي اتعرفت بيه الغنوة "لقاء السحاب" لأنه مكنش لسه ظهر.

فـ الوصلة الأولى، الست غنت "كل ليلة وكل يوم" لـ مأمون الشناوي وبليغ حمدي. عبد الوهاب ما سمعهاش، لأنه كان في البيت، مع إن نهلة القدسي مراته حضرت الحفلة من أولها. بس هو فضل في البيت لـ حد الست ما بدأت تغني الوصلة الأولى، نزل وراح المسرح. واستنى لـ حد ما شاف رد فعل الجمهور على المقدمة الموسيقية، شافه من الكواليس مش من المدرجات، حاجة جنان جنان، والست اشتكت بعدها من إن عبد الوهاب اتوصى بـ المزيكا على حساب الغنا.

خلصت الوصلة، وأم كلثوم شاورت له يحيي معاها الجمهور بس هو رفض، قال إنه "مكثوف"، والوصلة دي كانت أطول وصلة في تاريخ حفلات أم كلثوم 141 دقيقة غنا متواصل من غير بق مية، يعني ست مش طبيعية الصراحة.

الوصلة التالتة كانت للصبر حدود لـ عبد الوهاب والموجي، وكانت أول أغنية عاطفية بين الموجي وأم كلثوم، وتاني مرة تغنيها، وهو قعد تاني يوم يقول لها إنها ظلمته وظلمت الغنوة، ومحدش سمعها بعد "إنت عمري"، بس هي قالت له إنها أحسن من "إنت عمري" وبـ الوقت هـ تختار زبونها وترقي نفسها وتبقى البريمو وهكذا وهكذا.

تاني يوم الجرايد ما لحقتش تعمل تغطيتها للحفلة، بس يوم السبت كانت مانشيتات الجرايد كلها، لكن أهم حاجة كانت المانشيت اللي كتبه جليل البنداري: رسول السحاب للسحاب، ومنه بقت الغنوة بـ اسمها المعروف: "لقاء السحاب".

إيييه، دونيا