التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 05:44 م , بتوقيت القاهرة

عزيزي كاتب الرسالة

عزيزي محمد، استمتعت كثيرًا بالمقالات الأخيرة عن التفاهم في ظل التغيير المستمر وضرورة الوضوح والجلوس باستمرار إلى دائرة الحوار.. استمتعت لكني لم أجد نفسي إلى الآن! فنحن نفعل ما تقول، نحن دائمو الحوار والنقاش، نتكلم بشكل يومي، لكننا لسنا على ما يرام! دومًا نتكلم، ودومًا مختلفون.. أصبحت أكره النقاش.. أحاول الإقناع بوجهة نظري دون أي جدوى. ينتهي الحوار فيفعل كل منا ما يراه إن كان يملك السلطة لذلك.

وبخلاف وقت جدالنا حياتنا مقسمة إلى وقت حب وعاطفة جياشة، يليه مشكلة فخصام، يليه نقاش وجدال بلا نتيجة، ثم صلح لعدم قدرة أحدنا على الاستمرار منفردًا، ثم نعود كأكثر حبيبين عشقًا.. وهذه هي دائرة حياتنا.
----------------------------------------------------
عزيزي / عزيزتي كاتب الرسالة.. بعد التحية 
باختصار (عمرك أطول من عمري)، فهذا ما كنت أنوي التحدث عنه اليوم. عندما نفترض أننا نقوم بواجباتنا ومع ذلك لا شيء يبدو على ما يرام!

تصبح حياتنا كسلسلة من متواليات الحب والشجار والجدال، فلا تستطيع أن تُجيب إن سُئلت، كيف هو زواجك؟ ستجيب فى الأغلب إمّا بالحمد لله، إمّا طبقا للفترة التى تمر بها من المتوالية المذكورة سابقًا. لكن صدقًا، لن تستطيع أن تجيب نفسك عندما تفكر فى الأمر منفردًا.

فتعال نأخذ الأمر بشيء من التحليل عسى أن نصل إلى نتيجة مرضية.
 
لماذا نتناقش؟
صديقي العزيز (والمخاطَب رجل أو امرأة) إن كنت تتناقش مع شريك حياتك لتقنعه بوجهة نظرك، فاعلم أن هذا ليس هو واجبك المنزلي المفروض! واعلم أن أمامك طرفًا آخر قد يكون هو الآخر هادفًا لإقناعك بوجهة نظره، فيصير الأمر أن كلاً منكما لا يسمع الآخر حقيقة، بل هو كالصياد الذي يأخذ من الكلام ما يعضد به وجهة نظره ويضرب بالباقي عرض الحائط. ويكون المشاهد كالذي يجلس أمام التلفاز بعد نهاية الإرسال محاولاً فك الرسالة المشفرة الموجودة في "وش التليفزيون".

أما النتيجة فهي: لن يفهم أحد، لن ينجح أحد. إرهاق كامل لكل الأطراف والمنتصر هو باختصار صاحب السلطة في هذا الأمر (قد يكون زوجا أو زوجة).

عندما نتناقش لابد أن يكون أمامنا هدف واحد وهو (الوصول لحل المشكلة). نعم قد يكون لي رأي مسبق، لكني سأتركه جانبًا لأستمع لك. سأحاول أن أتفهم ما تعنيه ثم أشرح لك ما أعنيه أنا. سيتطلب منك ذلك مجهودًا جبارًا، فأنت الآن لست فقط مضطرا لأن تجلس إلى طاولة الحوار، لا بل أيضًا وتنكر ذاتك وتتخلى عن حربك الضروس لإثبات أنك أنت المنتصر.
 
اكسر الحلقة

- ممكن اعرف مضايقة ليه؟

- شوف هدومك المرمية فى كل مكان وكل مرة بقولك نفس الموضوع

- طب ما إنتي سايبة الشقة متبهدلة وأنا ما تكلمتش!!"

في خضم نقاش الزوجين، الذي هو كأي نقاش في مجتمعنا الآن، يبادر شخص بطرح ما أزعجه من الآخر.. وبدلاً من أن يجيب الطرف الآخر برد منطقي على طرح الأول، فإنه يبادر من جانبه بإلقاء اتهام مختلف على صاحبه (فتتوازن الكفة).

فلا يكون من الأول إلا أن يطلق قذيفة باتهام أكبر.. يرد عليه الخصم بمستقيمة أمامية تفقد الآخر توازنه، أما المشاهد الذي كان بالأعلى يحاول فك الشفرة، فهو الآن يشاهد أفضل مشاهد مسرحية "نشر الغسيل .... مشهد الأحبال الأمامية".

سيدي الفاضل.. إن كان كل ذلك في "الحصالة"، فكونك لم تظهره وقتها فأنت المخطئ. واستخدامك له هنا خطأ أكبر. أرجوك (والكاف للجميع) أن تكسر هذه الحلقة بأن تجيب الآخر عما يزعجه بسبب يبرر له لِمَ فعلت ذلك، وليس باتهام له لترفع يدك منتصرًا (هيييه أفحمته).
 
التطبيق فورًا

من المهم جدًا عندما نصل لاتفاق في مشكلة ما من حيث أسباب ما حدث وكيفية معالجة الحدث مستقبلاً أن يتم التطبيق فورًا. فأرجوك إن كنت لن تستطيع أن تفي بما وعدت فاذكر ذلك لشريكك، بل اطلب منه المساعدة إن أردت، أو اطلب منه التنازل إن استطاع. أو توصلا إلى حل وسط.، إنما طالما فُضت مائدة الحوار فليس من المستحب أن نجلس ثانيةً لمناقشة نفس الموضوع من جديد. (صدقني شكلك هيبقى وحش أوي).

قد تكون شخصًا حنبليًا فتجد الكثير من المشاكل التي ستتحدث عنها يوميا مع شريك حياتك.. وقد تكون شخصًا مترفعًا فلا تتوقف إلا عند المواقف الخطيرة بالنسبة لك.. وتبقى نصيحتي الأخيرة، عندما تحدث مشكلة وتريد أن تتحدث عنها، تذكر أنك تريد أن تصل لحل لا لأن تصل لانتصار.
----------------------------------------------------------------------------
تنويه: عزيزي / عزيزتي كاتب الرسالة هو شخصية وهمية من محض الخيال، وإن تصادفت مشكلتك مع مشكلته فاعلم يا صديقي أننا "كلنا في الهوا سوا".
 
 للتواصل مع الكاتب