التوقيت السبت، 23 نوفمبر 2024
التوقيت 01:03 ص , بتوقيت القاهرة

حفلات تاريخية لأم كلثوم (4)

إحنا في سنة 1946، العراق كان في عهد الملكية، أو زي ما بـ يقولوها هناك: "الملوكية". وقتها كان الملك هو فيصل التاني بن الملك غازي، بن الملك فيصل الأول. فيصل ده كان آخر ملك، لأنه اتقتل سنة 1958، وبدأ العصر الجمهوري.


فيصل التاني كان الابن الوحيد لأبوه الملك غازي، ولما غازي مات (سنة 1939) كان فيصل عنده أربع سنين، فأعلنوه ملك تحت وصاية خاله عبد الإله.


في عيد ميلاد الملك الطفل رقم 11، يعني 2 مايو 1946، ركبت الآنسة أم كلثوم الطيارة، رايحة العراق تحيي حفلة عيد الميلاد، وحسب تغطية مجلة الراديو للحدث الجلل، التغطية اللي اتنشرت يوم 18 مايو، يعني تقريبا بعد أسبوعين، أم كلثوم نزلت في مطار الحبانية، غرب العراق، وكان في استقبالها ياور عبد الإله الوصي على العرش بـ نفسه، اللي خدها وطلع بيها على القصر الملكي، لأنهم كانوا منظمين استقبال رسمي على راسه الملكة الأم، والدة الملك وأخت الوصي، وأميرات الأسرة الملكة، وسجلت اسمها في التشريفات الملكية.


بعد الاستقبال، أم كلثوم راحت فندق ريجينت، تستعد للحفلة اللي كانت بـ الليل في نفس اليوم. واللي قدمها في الحفلة كان عبد الإله الوصي على العرش بـ نفسه، وطبعا مش محتاجين مجهود كبير علشان نستنتج الست غنت إيه في الوصلة الأولى، أكيد أكيد زي ما حضرتك فكرت: "يا ليلة العيد آنستينا".



مش بس كده، ده المقطع الأخير اللي لف عبر الزمن وحير الأجيال، لعب دوره، وبقى:
يا دجلة ميتك عنبر
وزهرك ع العراق نور
يعيش فيصل ويتهنى 
ونحيي لك ليالي العيد


بعد الوصلة دي، الست غنت تلات وصلات، آخرها قعد ساعتين، وغنت فيها "سلوا كؤوس الطلا" لـ أحمد شوقي والسنباطي. والقصيدة دي شوقي بيه كتبها في أم كلثوم، مش لـ أم كلثوم، والسنباطي لحنها بعد وفاته (وفاة شوقي طبعا مش وفاة السنباطي).


في الوصلتين اللي فـ النص،غنت  "غني لي شوي شوي" لـ بيرم التونسي وزكريا أحمد، وأغنية تانية لـ نفس الثنائي بيرم وزكريا اسمها: كل الأحبة اتنين اتنين، وللأسف الغنوة دي مش موجودة بـ صوت أم كلثوم خالص، واللي موجود هـ تلاقيه بـ صوت أحمد صدقي أو شيماء الشايب بنت فاطمة عيد.


في نص الحفلة حصلت حاجة أسطورية، مش ممكن تسمع عنها إلا في سياق زي أم كلثوم، الوصي خد الملك ومشيوا من الحفلة شوية ورجعوا تاني، لما رجعوا بقى الوصي قال إيه: "أنا رحت مشيت في الشوارع، أسأل الناس عن رأيهم في الحفلة، ولو كنت وزعت على كل عراقي كيس مليان دهب، ما كنتش هـ أسعدهم بـ الطريقة دي".


ممكن يكون ما سألش الناس في الشوارع والحواري والميادين من البصرة لأربيل، وممكن ما يكونش سأل غير السواق بتاعه ومراته وأخوه ومرات أخوه، فـ موضع الشاهد هنا مش صدق الحكاية، لكن التصريح ده، حاجة فعلا فوق الوصف.


تاني يوم الحفل، العراق اتقلبت، والدنيا اتملت قصايد مديح في أم كلثوم، بس المثير للتأمل الفرق بين تصريحات رئيس الوزرا العراقية، وتصريحات السفير البريطاني، اللي بـ تعكس نمطين من التفكير.


رئيس الحكومة العراقية قال: "من حق دلوقتي نلقي القبض على السيدة أم كلثوم بـ تهمة سرقة قلوبنا"، في حين قال السفير البريطاني: أم كلثوم نموذج للي ممكن تعمله "المرأة".


اللي يغيظك بقى، إن الست بعد ما نتعت إمبارح ييجي خمس ست ساعات غنا، عملت حفلة تانية، تاني يوم على طول في ضيافة السياسي العراقي المخضرم نوري السعيد، وكالعادة راح الوصي على العرش اداها وسام الرافدين، وأم الملك ادتها عقد لولي حر، ورجعت مصر بـ الغنايم بعد الفتح العظيم، وأضافت حجر في قصر أسطورتها الرهيب.


المرة الجاية بقى نشوف حفلة تانية
استنونا