التوقيت السبت، 23 نوفمبر 2024
التوقيت 06:56 ص , بتوقيت القاهرة

جوليان مور وأداء يستحيل نسيانه عن الزهايمر في Still Alice

5 ترشيحات أوسكار رقم مشرف في تاريخ أي ممثل بالتأكيد، لكن بالنظر لقائمة أدوار جوليان مور، سيبدو الرقم معها غير منصف، مقارنة بالعديد من الأدوار الممتازة التي قدمتها ولم تنل شرف الترشيح، وأهمها من وجهة نظري (The Kids Are All Right - Children of Men - Magnolia).


على كلٍ، بعد مشاهدة أدائها في البقاء كـ أليس  Still Alice، وباقي المُرشحات المنافسات لأوسكار أفضل ممثلة رئيسية هذا العام، أستطيع أن أؤكد أن دورها في Still Alice  لن يكتفي بشرف الترشيح، وأن أوسكار أفضل ممثلة 2015  جائزة محسومة من الآن لـ جوليان مور.



أنثى ذكية وجميلة. أستاذة لغويات ولسانيات في جامعة مرموقة. أم وزوجة في أسرة مستقرة تتمتع بروابط عائلية جيدة. كل شىء مثالي بالنسبة لـ "آليس هولاند". وكل شىء ينقلب رأسًا على عقب عندما تبدأ أعراض النسيان وعدم التركيز للظهور، وتعرف أنها مُصابة بمرض فقدان الذاكرة (الزهايمر)، وأن الحالة في مسار للأسوأ باستمرار.


الفيلم مقتبس عن رواية لـ ليزا جينوفا، ومن السهل مع إطار تراجيدي من هذا النوع، أن يتجه مسار القصة وسيناريو الفيلم لاستدراك تعاطف المتفرج بمشاهد درامية بكائية متتالية، لكن ما يُميز الفيلم هو هروبه التام من هذا الفخ، ليسرد ما يحدث بشكل مستقيم لا يبحث عن تعاطف، لأن تأثير الزهايمر واقعيا، به تراجيديا تكفي وتفيض في حد ذاتها.



ما ينتزعه "الزهايمر" من المريض ليس الصحة الجسمانية، أو حتى بعض قدرات التواصل المهمة كالكلام والسمع، التي تحدث مع أمراض وإصابات أخرى. ما ينتزعه الزهايمر هو ببساطة علاقة المريض نفسه بمن حوله وتواجده، ولهذا يقال دائما إن آلامه نفسيا على أقارب المريض، تفوق آلام المريض نفسه.


ستجد تطبيقا للمقولة أحيانا في الفيلم، لكن المحور الرئيسي ونقطة التركيز العكس، لأنه يركز على المريضة نفسها ومشاعرها وأفكارها، ومحاولتها للتمسك بما يربطها بالآخرين. ومن حسن حظ الفيلم أن الدور تجاوزته أولا مرشحات أخريات (ميشيل فايفر - جوليا روبرتس - ديان لين - نيكول كيدمان)، لتفوز به جوليان مور. لا أعتقد أن أى منهم كان من الممكن أن يقدم ما هو أفضل. بفرض وجود احتمالية لما هو أفضل من الأصل. بدونها سيصبح الفيلم مجرد تراجيديا تليفزيونية متوسطة. بوجودها ارتفع إلى مستوى (الجيد والمؤثر جدا).



إلى حد كبير يلمس الفيلم واقعا شخصيا للثنائي الذي كتبه وأخرجه (ريتشارد جليزر - ووش ويستمورلاند)، لأن واحدا منهم وهو جليزر (يمين الصورة)، مصاب بـ التصلب الجانبي الضموري، أو الـ ALS  كما يعرف اختصارا، وهو مرض عصبي مختلف تماما عن الزهايمر، لا يؤثر على الذاكرة، لكن يؤدي تدريجيا إلى حالة أقرب للشلل التام جسمانيا.


جليزر فقد النطق بالفعل ويستخدم جهاز لتحويل عباراته المكتوبة إلى جُمل منطوقة، شبيه بالجهاز الذي يستخدمه العالم الشهير "هوكينج". رغم اختلاف طبيعة المرضين، فمن المؤكد أن هذا ترك أثرا ما على السيناريو. في الحالتين (حالة جليزر - بطلة الفيلم)، أمامنا شخص يعيش مأساة، النقطة المحورية الأكثر ألماً فيها على الإطلاق، هو معرفته أن في انتظاره مستقبلا ما هو أسوأ.


وللإنصاف فمن الضروري أن أذكر هنا أن كريستين ستيورت نجمة سلسلة  Twilight التي قدمت ما أصفه عادة كـ "أسخف أداء لأسخف شخصية رومانسية في أسخف سلسلة سينمائية حديثة"، تقدم هنا مشاهد تمثيلية جيدة جدا، على عكس المتوقع. باقي الممثلين وأهمهم إليك بالدوين وكيت بوسورث أقل شأنا.


باختصار:
فيلم تراجيدي مؤلم جدا عن الزهايمر وفقدان الذاكرة، مرتبط بخطبتين لن ننساهم على الأغلب. الخطبة الأولى ستسمعها على لسان بطلة الفيلم، والثانية ستسمعها قريبا من جوليان مور عندما تتسلم الأوسكار أخيرا. إلى أي مدى يمكن لأداء تمثيلي أن يضاعف جودة وأهمية عمل ما؟.. لا أعرف الرقم تحديدا، لكنّه هنا يتضمن عدة أصفار على اليمين.


للتواصل مع الكاتب