التوقيت الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024
التوقيت 06:37 ص , بتوقيت القاهرة

نظرية "نظرية المؤامرة"

اللي بـ افهمه إن تعبير "نظرية المؤامرة" معناه الاعتماد في تحليل اللي بـ يحصل على فكرة بسيطة، وهي إن كل اللي شايفينه ده وهم وخداع، والحقيقة حاجة تانية خالص، الحقيقة إن فيه ترتيب أو مخطط من ناس معينين مخفيين، قدروا ينفذوا الترتيب ده، ويخفوه عن الإعلام وبالتالي عن العامة، ويصدروا الأكاذيب اللي بـ نشوفها حوالينا.


المصطلح ظهر في العشرينات، وانتشر في الستينات، ودخل قاموس إكسفورد سنة 1997، ومع بداية الألفية بقى التعبير بـ يستخدم على نطاقات واسعة، ودلوقتي بقى في حد ذاته نظرية بـ يتفسر بيها أي تحليل أو تفكير في الأحداث العامة، والواحد شايف إننا لازم نصك تعبير جديد، نسميه نظرية "نظرية المؤامرة" لـ وصف الناس اللي بـ تستخدم التعبير ده في وش أي بني آدم يحاول يقدم تفسير للي بـ يحصل. وعلشان نفك الاشتباك ده تعالى نقول الآتي:


إيه ملامح التفكير من خلال نظرية المؤامرة؟


أولا: إن الواحد يشكك في مصادر المعلومات المتاحة، ويتهم الإعلام، المقروء منه والمرئي والمسموع والمشموم حتى، بإنه واقع تحت سيطرة الناس المخفيين، اللي يعرفوا الحقيقة ومخبيينها عن البشر، إما بـ سيف المعز أو بـ ذهبه، أو بالاتنين. وأجهزة الدولة طبعا تحت سيطرة الدولة، فـ مش هـ تقول لك الحقيقة.


ثانيا: إن الواحد يشغّل خياله، فـ يربط بين حاجات مفيش بينها ربط، زي زيارة فلان لـ دولة كذا في نفس ذات الوقت اللي أسعار بـ ترتفع أو تنخفض. أو وفاة مش عارف مين بعد ساعات من لقائه بـ علان، أو صعود الإعلامي س في عهد الرئيس صاد، وهكذا وهكذا.


ثالثا: تضخيم تفاصيل صغيرة جدا، غالبا تافهة، والاعتماد عليها في التحليل، وإسناد كل المقدمات ليها، بـ حيث نوصل للنتايج اللي عايزين نوصلها، زي الحظاظة اللي كان لابسها فلان، أو صورة علان مع علان، والشامة اللي في خد الرئيس ده، وزرار كُم جاكتة الوزير دوكهة، وهكذا وهكذا.


رابعا: المبالغة بـ شكل عام في قدرات بشر أو هيئات أو أجهزة. والعكس، يعني التهوين من قدرات بشر وهيئات وأجهزة تانيين. فـ تفترض إن الفار قدر يضرب الأسد بالبوكس فـ وشه، فكسر له سنتين وتلات ضروس.


خامسا: الانطلاق من "فرضيات"، والتعامل معاها باعتبارها بديهيات ومسلمات ما ينفعش نناقشها، زي فكرة أن "س" مرشح الجهة الفلانية في الانتخابات، وهم بـ يدعموه "طبعا"، حتى لو مفيش أي حاجة تثبت ده، بس معروفة يعني، هأو، هم هـ يقدروا يضحكوا على مين يعني.


طيب، لما نبص على الحاجات دي، أنا راضي ذمتك، مين فينا ما عملش الحاجات المذكورة، بـ نسب طبعا، ومين فينا ما كونش رؤيته اعتمادا عليها فروم إيه تو زد؟


المشكلة هنا إن فعلا فعلا الإعلام مش بريء، وكل مرة بـ نكتشف علاقات بين حاجات المفروض إن مفيش بينها رابط، والتفاصيل غاية في الأهمية (الشيطان يكمن في التفاصيل)، ومحدش عارف مين بالظبط قدرته إيه؟ ولا عارفين مين فيهم الفار ومين فيهم الأسد؟ وكل الفرضيات قابلة للتحقيق.


أكيد فيه تفسيرات تهلك من الضحك، وفيه ناس رايحة منها تماما، وفيه كلام فارغ كتير، بس كمان فيه كلام كتير لا يخلو من الوجاهة، وحضرتك، وحضرتي، وحضراتنا جميعا، لمجرد إننا رافضينه، بـ نساويه بـ غيره، وبدال ما نجتهد في تفنيده، بـ نكتفي بإظهار السخرية منه بـ اعتباره نتيجة التفكير بـ نظرية المؤامرة. 


اللي بـ يزيد الطينة بلة، أو بـ يزيد البلولة طين، إن فيه أحداث، الوصول فيها لأي نتيجة، أي نتيجة، لابد من استخدام "نظرية المؤامرة" لـ تفسيرها، كل الأطراف اللي وصلوا لـ كل النتايج وصلوا لها بـ نفس طريقة التفكير، بس بـ اختلاف المقدمات، وبالتالي اختلاف النتايج.


وعليه، الواحد بطّل يفكر بـ طريقة: لا يا عم، الكلام ده متأثر بـ "نظرية المؤامرة"، الواحد بـ يقرا، ويسمع، ويـوزن، ويقارن، ويبحث (أهم حاجة يبحث) علشان يقبل تفسير أو يرفضه، كده أحسن من رفض الكلام لأنه اللي بـ يقوله بـ يفكر بـ طريقة الناس السذج والغافلين، اللي إحنا "طبعا" مش منهم. 
ولا إحنا منهم؟


صباح الخيرات