التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 09:35 ص , بتوقيت القاهرة

جوزف منجيل.. ملاك الموت النازي الهارب إلى الأرجنتين

في عام 1930 ترك "جوزف منجيل" مدينته بعد أن أنهى دراسته الثانوية ليبدأ في دراسة الطب، وحصل على درجة الدكتوراه في الطب عن رسالته "دراسة عامل الوراثة في الشفة الأرنبية، سقف الحلق والفك"، لكن في عام 1965، سحبت الجامعة درجة الدكتوراه منه، لاكتشافها أنه شديد الإيمان بالأفكار النازية.

وقرر"منجيل" الرحيل في بداية الستينيات إلى الأرجنتين، ثم إلى البرازيل ومن ثم البارجواي لمدة 30 عاما، تزوج من آيرين شوينباين، زوجته الأولى، وأنجبت له طفلا واحدا يُدعى "رولف"، ثم أُصيب في عام 1942 وأصبح غير لائق طبيا كجندي، وترقى إلى رتبة "كابتن" في الجيش النازي، وحصل على وسام الصليب الحديدي من الدرجتين الأولى والثانية.


ظلّت تلك الحياة الغريبة موضوع النقاش والبحث من قِبل المخرجة والناقدة السينمائية الأرجنتينية "لوسيا بوينزو"، وفي حديثها عن فيلم "الطبيب الألماني"، والذي يتناول قصة حياته كما أوضحت "بوينزو" للـ"هافنجتون بوست"، إلا أن الوضع كان معقدا، لأنه لم يحدث في الأرجنتين فقط، بل عبر أمريكا اللاتينية.



مخيم أوشفتز


في عام 1943 انضم إلى المخيم النازي، وتم تصفية المخيم بالكامل عن طريق الغاز السام في منتصف الأربعينيات، وأصبح بعدها القائد الأعلى للمخيم، وخلال تلك الفترة التي قضاها فيه لُقِب بملاك الموت، كانت طريقته في التصفية واضحة، فليس هناك سوى تحديد اسم السجين، ومن ثم إرساله لغرفة الغاز مباشرة حتى يتم القضاء عليه.

يتناول الفيلم أيضا تأثيره المخيف في مجال تجارب الوراثة، حيث كان يجري تجاربه على نزلاء المخيم، ومن القصص الغريبة، محاولة الرجل لإثبات أن مرض "نومـا"، الذي أصاب الأطفال ضعيفي المناعة، الذين يعانون من سوء التغذية، يحدث نتيجة لإنتمائهم لأصول عِرقية أدنى.

ولم يكتفِ الرجل بذلك بل أجرى بعض التجارب الوراثية على الأقزام وقِصار القامة، فقد كان يحقنهم بمواد كيميائية عجيبة في الأعين حتى يغير ألوان القزحية، ويبتر الأصابع للتعرف عليهم، وكان يختار أسماء المسجونات بطريقة عشوائية، ويخبرهن أن تلك التجارب ما هي إلا لتخفيف الألم عنهن، لكن تلك التجارب في النهاية كانت بهدف سلبهن القدرة على الإنجاب عن طريق الصعق الكهربي، وكان هؤلاء الضحايا وجبة جاهزة له كل صباح بهدف الحصول على أجزاء تشريحية من الجسد.

في بارجواي اكتشف "صائدو النازيون" عنوانه، ولم تستطع زوجته آنذاك تحمل الأمر، وعندما غادرت زوجته مرة أخرى برفقة ولده إلى أوروبا، غادر إلى مدينة صغيرة بالقرب من "ساو باولو" بالبرازيل، وكتب أكثر من 85 رسالة، اُكتشفت في أواخر عام 2004، ولم تُنشر بشكل علني حتى الآن.



يوميات طبيب


صحيفة "ميرور" البريطانية، نشرت أجزاء من يومياته، والتي يقول فيها: "إن إختلاط الأجناس في أوروبا الشمالية أدى إلى تدنٍ حضاري". كما رأى أن على البشر تقرير مصيرهم إذا أردوا أن يستمروا في الحياة، وأنه في حال استمرار الزيادة السكانية، فإن ذلك سيؤدي إلى انخفاض معدل الذكاء.

كما تشير تلك اليوميات إلى قيامه في أحد المرات برسم خط بارتفاع 5 أقدام على الحائط، والأطفال الذين لا تطال رؤوسهم هذا الخط عليهم أن يقتلوا فورا. وعندما أرادت إحدى الأمهات ألا تترك ابنها البالغ من العمر 13 عاما، حكت وجهها بأظافرها، فالتقط 
منجيل بندقيته وأطلق النار عليها وعلى طفلها.
 


وطبقا لموقع "موسوعة الهولوكوست" فإن السبب وراء لجوء منجيل ورفاقه إلى غرف الغاز، أنها كانت أقل تكفلة بعد قتل العديد من الأفراد بالرصاص الحي، وكانت عمليات القتل الجماعية تتم عن طريق استنشاق غاز أول أكسيد الكربون الناتج عن محركات الديزل، وشهدت بولندا أكبر غرف للغاز في ذلك الوقت، وكلما كانت الغرفة أضيق كلما كان عدد الضحايا أكبر. في عام 1941 قُتل أكثر من 600 سجين روسي في غرف الغاز، ويُقال أن عدد اليهود الذين ماتوا بالغاز وصل إلى 6000 يهودي.



رغم محاولات تصفية "منجيل"، لم يتم الإمساك به وعاش لأكثر من 35 عاما متخفيا تحت عدّة أسماء مستعارة، وفي عام 1979 أصيب بسكتة قلبية في أثناء السباحة بالقُرب من أحد الشواطيء بالبرازيل، ودفُن في البرازيل تحت اسم مستعار، بعد التأكد من ذلك عن طريق الـ(DNA).