أسباب مشاركة مصر في حرب اليمن
يقال أن كثير من المصريين لا يعرفوون معلومات دقيقة عن "حرب اليمن"، المعروف عنها فقط أن مصر شاركت في حرب كانت دائرة في اليمن، ولكنه غير معروف هوية تلك الحرب وأي عدو كان المصريون يساعدون اليمنيين في محاربته، والبعض يظن أن اليمن كانت قد تعرضت لعدوان خارجي، وأن مصر أرسلت جيشها لدفع هذا العدوان، وقلة تلك المعلومات جاءت نتيجة حتمية للتعتيم الإعلامي على هذه الحرب.
حرب اليمن والتي يسميها اليمنيين "ثورة 26 سبتمبر"، التي بدأت في بداية الستينات واستمرت حتي عام 67، عقب ضرب مصر فيما يسمي بـ "نكسة 67".
بدأت الحرب بين أنصار النظام الجمهوري، الذين حاصروا قصر الإمام البدر وسقطت المملكة المتوكلية التي كانت قائمة باليمن بعد يوم واحد، هرب الإمام للسعودية، إلا أن بريطانيا والسعودية والأردن استمروا في دعم أنصاره حتى عام 1970.
وكان سبب تدخل جمال عبدالناصر لصالح الجمهوريين، ذلك لرؤيته أنه يستطيع كسب نقاط ضد السعودية، التي كان يري أنها خلف فض "الوحدة" بين مصر وسوريا.
ويقال أيضا إن قرار عبدالناصر بالموافقة على اشتراك مصر عسكريا في حرب اليمن، كان بمثابة القشة التي تعلق بها ليصل إلى شاطئ الزعامة، التي يرى بعض المؤرخين أنه فقد جزءا منها في دمشق، وجزءا منها في الجيش حينما اكتشف أن عبدالحكيم عامر أصبح يمثل قوة لا يستهان بها داخل القوات المسلحة، أما الجزء المتبقي منها فخشي على ضياعه من تنامي قوة من أسماهم بـ"الرجعيين وأصحاب رؤوس الأموال"، وفي ظل كل ذلك استغاث به اليمنيون لحماية ثورتهم.
وانتهت الحرب الأهلية بعدما أنهى الجمهوريون الحصار عن صنعاء، وقامت الجمهورية العربية اليمنية.
حاول المفكرون العسكريون المصريون توضيح سبب إرسال القوات المصرية إلى اليمن، كما ذكر "أنتوني نتنج" في كتاباته عن سيرة حياة عبدالناصر، عوامل عديدة دفعت الرئيس المصري لإرسال قوات مصرية إلى اليمن.
وكتب المؤرخ السياسي المصري محمد حسنين هيكل في كتاب (لمصر لا لعبدالناصر)، أنه قد تناقش مع عبدالناصر في موضوع دعم ثورة اليمن، وكانت وجهة نظره أن وضع ثورة السلال لا يمكنها من احتواء العدد الكبير من القوات المصرية التي سترسل إلى اليمن لدعم نظامه، وأنه من الأفضل التفكير في إرسال متطوعين عرب من جميع أنحاء العالم العربي، للقتال بجانب القوات الجمهورية اليمنية.
وقد ضرب هيكل مثال علي ذلك بالحرب الأهلية الإسبانية للتطبيق في اليمن، ولكن عبدالناصر رفض وجهة نظره وكان مصرا على ضرورة حماية الحركة القومية العربية.
وكان عبدالناصر يعتقد أن لواء من القوات الخاصة المصرية مصحوبا بسرب من القاذفات المقاتلة، يمكنه أن يحمي الجمهوريين في اليمن، وكان عبدالناصر يتطلع إلى تغيير النظام اليمني منذ 1957، وفي يناير 1962 وجد الفرصة سانحة لتحقيق تطلعاته، وذلك بدعم حركة الضباط الأحرار اليمنيين بالإيواء والمال وعلى موجات إذاعة صوت العرب، وكان عبدالناصر يعتقد أن قدر مصر هو مواجهة الاستعمار.
لم يتحدث عبداللطيف بغدادي وزير الحربية في الفترة (1953-1954)، عن حرب اليمن، إلا في معرض حديثه عن اعتمادات مالية مطلوبة للقوات المصرية في اليمن، لكنه لم يتحدث عن أسبابها أو عن نتائجها أو عن تداعياتها على الحالة التي كانت تمر بها البلاد في ذلك الوقت.
ليستمر الخلاف حتى الآن بين التأييد والرفض لمشاركة مصر في "حرب اليمن"، وتوجيه العديد من الانتقادات والمدح أيضا للرئيس الراحل جمال عبدالناصر، علي ذلك الأمر.