التوقيت الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024
التوقيت 02:11 ص , بتوقيت القاهرة

العقاد.. حوّلته المرأة لـ"طفل ذليل" فأعلن الحرب عليها

"الغش عند المرأة كالعظمة عند فصائل الكلاب، يعضها الكلب المدلل ويدخرها حيث يعود إليها، وإن شبع جوفه من اللبن واللحم والأغذية المشتهاة.. فالمرأة من هؤلاء تشتهي العظمة بجوع عشرين ألف سنة، وتشتهي اللحم واللبن بجوع ساعات"، هكذا وصف الأديب عباس محمود العقاد المرأة، في روايته الوحيدة "سارة".


الحديث عن آراء عملاق الأدب العربي في المرأة، لا بدّ أن يبدأ بالنساء اللائي مررن بحياته، وأولهنّ أمّه، ذات الأصول الكردية، التي وصفها في سيرته الذاتية بصاحبه العزيمة والكبرياء والصبر على المحن وقوة الشخصية.


3 نساء في حياة الأستاذ



العقاد يلقي محاضرة في القدس عام 1940


جعل العقاد المرأة محور عدد من مؤلفاته، مثل: "هذه الشجرة"، "الإنسان الثاني"، "المرأة في القرآن"، "الصديقة بنت الصديق"، رغم أنه أشهر عازب مصري في جيله.


وفي مسيرة العزوبية مرّ "الأستاذ" بـ3 قصص حب، أولها كانت مع الأديبة الشامية مي زيادة، وكان حبًا روحيا، اصطبغ بطابع أدبي، عبّر عنه في مجموعة من الرسائل والقصائد والأشعار.


أما التجربة الثانية فكانت محور روايته "سارة"، تلك الفتاة الجميلة التي ملأت عليه حياته، لكنها خذلته في النهاية، وجمع العقاد في فترة ما بين حب مي وحب سارة وقال، وفقا لتلميذه أنيس منصور، إنه يحب مي ويشتهي سارة، ومع الوقت بدأ حب سارة يزيل حب مي ويبتلعه.



مي زيادة


إلا أن الشك ملكه ناحيتها، إذ ظن أنها تخونه مع غيره، وكلف صديقه طاهر الجبلاوي بمراقبتها، حتى تيقن من معرفتها رجالا آخرين، ونصحه أصدقاؤه أن يكون رجلا في حياتها كبقية الرجال، ويستمتع بها كما يستمتع الآخرون إلا أنه رفض وكتب: "إذا لم يكن بد من الكأس والطلا.. ففي غير بيت كان بالأمس مسجدي"، ما جعله ينقطع عنها، كما روى الكاتب رجاء النقاش في كتابه "أجمل قصص الحب في الشرق والغرب".


امرأة أبكت العقاد


التجرية الثالثة، كانت بطلتها المرأة التي أبكته، كانت جميلة سمراء عشرينية تدعى "هنومة "، أحبها العقاد بعد أن أكمل عامه الخمسين، وعاشا معًا قصة حب استمرت سنوات، إلا أن القدر شاء أن تدخل فتاته عالم السينما، وتصبح نجمة مشهورة، يقول البعض إنها "مديحة يسري".


لم يرد العقاد أن يشاركه معجبون في حب "مديحة"، هنومة سابقًا، فاعترض على عملها الفني، لكنها لم تتراجع، وأصر هو على موقفه، فقطع علاقته بها، رافضًا أن يكون فردًا في طابور المعجبين.


بعد هجرها، استدعى العقاد صديقه الفنان التشكيلي صلاح طاهر لزيارته،  ويصف هو كيف استقبله العقاد: "وجدت الدموع في عينيه.. وأذكر أنه في تلك الفترة كتب قصيدة "يوم الظنون" التي يقول فيها: "بكيت كالطفل الذليل أنا الذي..  ما لان في صعب الحوادث مقودي"، ولم تقرّ "مديحة يسري" بتلك العلاقة في مداخلة تليفونية أجرتها مؤخرا مع قناة "النهار".



 

تحول العقاد


يُحمّل أنيس منصور، تلميذ العقاد، "سارة" المسؤولية عن موقف أستاذه من النساء، إذ يقول في كتابه "سقوط الحائط الرابع": "كانت سارة هي المسؤولة عن كل ما أصاب المرأة من قلم العقاد.. فالعقاد كان يرى المرأة في صورة سارة تافهة، عاشقة للقوة والشباب، كما يراها لا تقدر الرجل الحقيقي حق قدره".



تمثال العقاد في أسوان


تحوّل العقاد، الذي طالب في بداية حياته بتعليم المرأة وتحريرها، واعترف باستقلالها ودروها في الحياة، ومساواتها للرجل، إلى مهاجم شرس لها، خاصة في كتابيه "هذه الشجرة" 1945 ، و"المرأة في القرآن" 1959.


جسد تابع وآخر مستقل


يرى الأديب والمفكر الإسلامي أن جسد الرجل أجمل من المرأة، لأنه جسد مستقل، بينما جسم المرأة تابع، فقد خلقت بثديين لإرضاع طفلها، وحوض واسع لاستيعاب الجنين في فترة الحمل، وطبقة دهنية تحت البشرة لحماية الجنين.


المرأة في نظر العقاد لا تبدع في صناعة من الصناعات أو فن من الفنون وإن طال عملها فيه، "فإذا شاركها الرجل في الطهي أو الخياطة أو النسيج أو التزيين والتجميل، كان له السبق بالتجويد والافتنان"، هكذا يقول.


ويضيف "منذ القدم كانت المرأة تنوح وتبكي وتطيل الرثاء والحداد على الأموات، ومع ذلك لم تتفوق بقصيدة واحدة في الرثاء، ولم يقدم لنا التاريخ شاعرة واحدة في هذا الفن".


تمثال للعقاد في مجمع اللغة العربية


حب المرأة تسليم.. وعشق الرجل انتصار


"المرأة ضعيفة حتى في حبها" وفقًا للعقاد، الذي يقول في كتاب "المطالعات": المرأة تعشق لتسليم نفسها في نهاية الأمر، فدورها في العشق هو دور التسليم دائمًا، أما الرجل فيعشق ليظفر بالمرأة، فدوره في العشق هو دور الظافر دائمًا".


ويؤكد المعنى نفسه في "هذه الشجرة": "الحب من جانب المرأة طلب حماية وتسليم، ومن جانب الرجل طلب هجوم وظفر".


تناقض المرأة


يرى العقاد أن التناقض صفة أصيلة في أي امرأة، فاللذة والألم نقيضان في الكائن الحي عامة، لكن المرأة تجمع بينهما اضطرارًا، فأسعد لحظاتها هي الساعة التي تحقق أنوثتها الخالدة وأمومتها المشتهاة، وهي ساعة الولادة، فهي تفرح لأنها أنجبت ولكنها تكون أشد ساعات الألموالوجع في جسد الأم، الطريح بين الموت والحياة.



الإغراء والرياء


يرجع العقاد قدرة حواء على الرياء وضبط الشعور، وإخفاء حبها أو بغضها، لإلى أنها تفضل الحب وعدم المفاتحة به والسبق إليه، وهي التي خلقت لتتمنع وهي راغبة، وتخفي البغض لأنها محتاجة إلى المداراة احتياج كل ضعيف إلى مداراة الأقوياء، على حد تعبيره.


ويجد "الأستاذ" أن حجر الرجل على المرأة دليل على نقصها في القدرة البدنية والقدرة الذهنية، وأنها بالقياس إلى الرجل، في المرتبة الثانية على كل حال.


المرأة على فراش موت العقاد


كتب العقاد يقول: لن أموت قبل أن أعرف ألف امرأة!"، وفقا لأنيس منصور في كتابه "يسقط الحائط الرابع"، ومات ولم يعرف هذا العدد، ولكنه ألف كتبًا تحكم على نساء الأرض جميعًا.


لم يخل قلب المفكر الكبير من حب حواء أبدًا، حتى آخر لحظات حياته، إلى درجة أن أهله وجدوا بجواره على فراش الموت أبياتًا من الشعر تتغزل في المرأة، وفقًا للأديب سامح كريم.