عبد الحليم حافظ وأحمد زكي.. ميلودراما في "شارع الحب"
حليم وزكي.. ثنائية تطابقت في كل شيء
صبري سراج
الخميس، 29 مارس 2018 03:38 م
بينما كان أحمد زكي يرقد في "دار الفؤاد" بين الحياة والموت، قال المخرج عادل أديب إنه انتهى من تصوير أهم مشاهد فيلم "حليم"، وإن المخرج شريف عرفة بدأ مرحلة المونتاج لعرض ما ينتهي منه أولا بأول على الفنان الكبير، مضيفا أن المشاهد المتبقية لن تؤثر على أحداث الفيلم.
أوصى أحمد زكي في أيامه الأخيرة أن يتم تصوير جنازته وعرضها ضمن أحداث الفيلم بدلا من جنازة العندليب. أإلى هذا الحد كان النمر الأسود يثق بأن جنازته ستكون بضخامة جنازة العندليب؟ وما الذي يربطه بهذا الفيلم تحديدا حتى يفيق للحظات من غيبوبته على هذه الفكرة؟.
"عندما يكبر الواحد يتيما تختلط الأشياء في نفسه، الابتسامة بالحزن، والحزن بالضحك، والضحك بالدموع. أنا إنسان سريع البكاء، لا أبتسم, لا أمزح، أحيانا أمسك بكتاب مصطفى أمين "ليلة القدر" أقرأ ما فيه وأبكي، أدخل إلى السينما وأجلس لأشاهد ميلودراما درجه ثالثة فأجد دموعي تسيل وأبكي، عندما أخرج من العرض وأبدا في تحليل الفيلم أجده سخيفا وأظل أضحك من نفسي، أنا أمام المآسي أبكي بشكل غير طبيعي، أو ربما هذا هو الطبيعي، من لا يبكي هو إنسان يحبس أحاسيسه ويكبتها".
احتوت أفلام عبد الحليم عادة على فكرة معتادة تصور صعود الشاب اليتيم الفقير الذي يواجه الظروف الصعبة وينتصر لحلمه في النهاية. وفي سياق مواز تدور العلاقة بين عبد الحليم وحبيبته، فتبدأ باستحالة الارتباط للفارق الطبقي بينهما، وتنتهي بنجاح باهر على الصعيد المهني يجعله في منزلة ربما تفوق وضع عائلة حبيبته.
الحكاية المعتادة في أفلام حليم هي حكاية حليم نفسه، المطرب الناجح المحبوب المشهور، الذي بدأ حياته شابا فقيرا يتيما، تربى في ملجأ، ورفض في البداية من الجميع، إلى أن أثبت نفسه، وفرض موهبته على الجميع.
"أمي كانت فلاحة صبية، لا يجوز أن تظل عزباء فزوجوها وعاشت مع زوجها، وكبرت أنا في بيوت العائلة، بلا أخوة، ورأيت أمي للمرة الأولى وأنا في السابعة، ذات يوم جاءت امرأة حزينة جدا، ورأيتها تنظر لي بعينين حزينتين، ثم قبلتني دون أن تتكلم ورحلت، شعرت باحتواء غريب، هذه النظرة إلي الآن تصحبني، حتى اليوم عندما تنظر إلي أمي أرى نفس النظرة، في السابعة من عمري أدركت أنني لا أعرف كلمة أب،أو أم، وإلى اليوم عندما تمر في حوار مسلسل أو فيلم كلمة بابا أو ماما أشعر بحرج بالغ ويستعصي علي نطق الكلمة..".. يقول أحمد زكي.
لعب المجتمع دوره في إظهار موهبة حليم ودعمها وهو ما جسده مثلا في فيلم "شارع الحب"، وكيف أن المجتمع ضحى من أجله أيضا، انظر كيف ضحى "جادوليو وفرقة حسب الله وسنية ترتر" من أجل أن يغني منعم.
يحكي أحمد زكي عن نفسه: "عندما كنت طالبا في مدرسة الزقازيق الثانوية الصناعية، كنت منطويا جدا، كانت الأشياء تنطبع في ذهني بطريقة عجيبة، تصرفات الناس، ابتساماتهم، سكوتهم، من ركني المنزوي، كنت أراقب العالم وتراكمت في داخلي الأحاسيس، وشعرت بحاجة لكي أصرخ، لكي أخرج ما بداخلي، وكان التمثيل هو المنفذ، ففي داخلي دوامات من القلق لا تزال تلاحقني، فأصبح المسرح بيتي، هناك كانت الناس تهتم بي وتحيطني بالحب والإعجاب فقررت أن هذا هو مجالي".
ضغطت سعاد حسني من أجل أن يشاركها الفنان الأسمر بطولة "شفيقة ومتولي" ليحتضن بعدها الجمهور موهبة أحمد زكي ويضعه في مقارنة مع الفنان ذو النجومية الراسخة محمود يس، بعد أن قدم زكي مسلسل الأيام الذي جسد فيه شخصية طه حسين التي سبق أن قدمها يس قبل ذلك.
رحلة الصعود إلى قمة هرم النجومية والاقتراب من السلطة، وحتى الفشل في الحب، كلها أشياء جمعت زكي وحليم، لذلك كان زكي وفق ما قاله المخرج مجدي أحمد علي، الذي كان مرشحا لإخراج فيلم "حليم"، يشعر في أعماقه بالقرب من حليم لدرجة تطابق المشوار والنشأة والتاريخ، ولذا كان حريصا أن ينتهي الفيلم بنهاية حياته وأن يصبح مشهد النهاية في الفيلم والواقع متطابقا كما تطابقت حياتهما من اليتم والنجاح إلى المرض والموت، ومن الضحك الباكي إلى البكاء الضاحك.
لا يفوتك