البحث عن القلق في تفاصيل « بين عالمين »
"كل واحد فينا بيتكلم عن المبادئ وهو حاطط رجل على رجل، للأسف لحظة الاختيار مابنختارهاش هي اللي بتخترنا، دايماً بتيجي لنا في أشد لحظات ضعفنا".
الحياة أصبحت شديدة التعقيد، العولمة تأكل حياتنا الإنسانية، الحياة اختلفت، ظهر ذلك واضحا فى مشهد بين طارق لطفي ووالدة الفنان الرائع العائد بعد غياب عادل أمين، عن متطلبات الحياة اختلفت فلم تعد المدرسة تقدم خدمات تعليمية ولا المستشفيات لعلاج المرضى، الوضع معقد، والتضحية صعبة والحياة أكثر صعوبة.
حاول المسلسل نقل لنا صورة مروان القادم من أسرة متوسطة إلى نخبة المجتمع والتضحيات التي يقدمها، ويقدم بجواره شخصية أخيه الذي فضل الحياة مثل أبيه، بجانب العودة إلى مشكلة الفلسفية المعقدة الإنسان مسير أم مخير.. هل القرارات التي يتخذها مسئولة عنها بشكل كامل أم هناك جزء خارج عن إرادته.
"دايماً بحسبها كويس والنتيجة بتطلع زي ما توقعت بس بصراحة عمري ما تخيلت رد فعلها ده.. جايز أكون اتسرعت".
يدور المسلسل حول الصراع بين رجال الأعمال والسلطة، حيث تغيرت البيئة السياسية والاقتصادية منذ نهايات عصر الرئيس الأسبق مبارك و أصبح لدينا العديد من الرجال الأعمال ينتقلوا كوزراء، وأصبح هناك تداخل بين رجال الأعمال والسلطة، يقدم هشام سليم تلك الشخصية ببراعة شديدة، إذ يقدم شخصية الوزير القادم من رئاسة شركة خاصة ومرشح لرئاسة الوزراء ولكن تصدم أحلامه بالرجل الكبير، فيطلب من مروان (طارق لطفي) تدميره.
"كنت فاكر زيك كده بالظبط، إنما لما فكرت كويس أوي اكتشفت إني لسه بحبك".
علاقة مروان وطليقته علاقة معقدة بها مشاعر حب وخوف واحترام ، مشاعر مختلطة يقدمها طارق لطفي بشكل مبسط، طارق لطفي يستطيع أن يقدم أكثر من احساس مختلف من مشهد لآخر ببساطة شديدة كأنه عازف كمان يبدل مشاعرها بين أوتار الفرح والحزن، قدمت لقاء الخميسي دور الزوجة المضطربة بأداء جيد، والمسلسل يعمل على وتر لا شيء واضح، لا شيء كامل، لا حقيقة واحدة، فكل منا يرى الحقيقة من وجه نظره.
"مش عارفين التمن اللي أنا بدفعه، قلق وعدم نوم وخوف من المستقبل.. أنا لو عليا مش عايز خلاف مع حد ومش عايز اتخانق مع حد، عايز أعمل شغلي وخلاص"
الحقيقة أن المسلسل قائم على فكرة الاختيار التي سبق تقديمها وتناولها في العديد من الأعمال مثل فيلم الاختيار، لأنك بشكل يومي مطلوب منك أن تختار، وكل اختيار له مخاطر ومزايا، واستطاع المؤلف أيمن مدحت أن يورط المشاهدين في القصة، وأصبح لديهم شعورًا بأنهم جزء منها، وبدأ المشاهدون في طرح تساؤلات: ماذا لو كنا مكان تلك الشخصية ؟.
استطاع المخرج أحمد مدحت بمجمل أعماله أن يثبت قدرته على صنع إيقاع جيد معتمدا على التشويق، وكونه يعتمد على العمل الجيد ويستطيع اختيار الممثلين بعيدا عن اعتبارات السوق بنجاح شديد، فسبق أن أعاد تقديم سناء شافع فى مسلسل الصياد في دور جيد، مثل اختيار عادل أمين فى دور جيد جدا مع أنه قادم من زمن ليالي الحلمية وزيزينيا ورأفت الهجان وغيرها من الأعمال المميزة.