حسين يوسف يكتب.. منتخب مصر وشخصية البطل
أخيرا عادت لمنتخب مصر شخصية البطل، تلك الشخصية التى جعلته مرعبا لمنتخبات القارة الأفريقية، ومكنته من التربع على قمة القارة السوداء الكروية بلا منازع لأكثر من 6 سنوات، وحقق فيها بقيادة المدرب الفذ حسن شحاتة أرقاما أسطورية سجلها التاريخ بكل احترام وتبجيل.
طوال 12 عاما، افتقدنا تلك الشخصية، كان البطل تائها، عاد على فترات متقطعة، وظهر فى مباريات معدودة، ورغم صعوده لمونديال 2018، إلا أننا لم نر تلك الشخصية التى كانت وسما يميز منتخب الساجدين، إكسير الإجادة لمنتخب الفراعنة، ولكنها أخيرا عادت، رأيناها فى مباراة كوت ديفوار، واكتملت العودة فى مباراة المغرب، وكانت جواز مرور الفراعنة لنصف النهائى للمرة الـ 16 فى تاريخه برقم قياسى متفرد.
شخصية الفريق، أى فريق، كوكتيل من الروح والتركيز والحماس والقوة والإخلاص والطموح، هى القوة الكامنة، غير المرئية، التى تتشابك وتتداخل بين أفراد الفريق، وتصهر جهودهم فى بوتقة الجماعية، ليخرجوا منتجهم الكروى المبدع، ويرسمون لوحة كروية فنية عالية المستوى، تندمج خطوطهم، وتتلاشى الفوارق بينهم، ويصبحون جميعا على قلب رجل واحد، فتتعاظم مصادر قوتهم، وتتضاءل نقاط ضعفهم، فيستطيعون مجابهة أعتى الفرق، وتقديم عروضا مميزة وانتزاع الانتصار بجدارة.
لم نر المنتخب المصرى بهذه الروح، بهذا التركيز، بهذه القوة، منذ زمن، أصبح للفريق بصمة وشكل وملامح، وتلك هى الكيمياء التى تميز أى فريق كبير، فالفوارق المهارية والبدنية قد تكون متقاربة بين فريق وآخر، ولكن الروح والتركيز والطموح والإخلاص هى التى تتباين من فريق لآخر، وهى الفيصل فى سيطرة فريق على المباراة وتقديم عرض مميز أداء ونتيجة.
نأمل أن تستمر تلك الشخصية ملازمة للمنتخب، ونتمنى أن تظل تلك الروح هى السمة السائدة فى الأداء، لأن الفراعنة بشخصية البطل وبالروح والإصرار والعزيمة لن يقف أمامهم حائل نحو التتويج بالبطولة الثامنة، لم يتبق سوى مباراتين، فى رأيى لن تكونا أصعب من مواجهة أفيال كوت ديفوار وأسود الأطلسى، فرغم أن الكاميرون تعمل بكل طاقتها وبأساليب "يعلمها الجميع" للتويج باللقب، إلا أننى أثق فى منتخبنا بقدرته على ترويض أسود الكاميرون كما فعل مع أسود الأطلسى.
دعاؤنا وقلبنا مع منتخبنا الوطنى، فى رحلة اقتناص اللقب الثامن، لأن الفوز بالبطولة الأفريقية، ومن بعدها الحصول على تأشيرة الصعود لمونديال قطر 2022، يسطر التاريخ من جديد لمنتخب الساجدين، ويعيد الفراعنة أسيادا للقارة الأفريقية لحقبة أخرى من الزمن.