التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 05:37 ص , بتوقيت القاهرة

تجارة الخمور في مصر بين التحريم والتحرير

كتب- محمد أبوعاصي:

تخضع تجارة الخمور في مصر لإجراءت مشددة من قبل الحكومة، على الصعيدين التجاري والأمني، ورغم المحاذير والجدل الشرعي المفروض على تناولها، فإن لغة الاقتصاد لا تعرف سوى الحديث بلهجة الأرقام.

وتدرّ تجارة الخمور بمصر عائدا سنويا، يقدّر بنحو 5.5 مليار جنيه، من حصيلة مصلحة الضرائب المصرية، تفرض فقط على عمليات التداول، كما تخضع عمليات استيرادها لرسوم دخول الأراضي المصرية بنسبة 300%، وتنبأ البعض بتعظيم استفادة الدولة منها بما يقدر بنحو 100 مليار جنيه حال تحرير هذه التجارة.

كما تشرف وزارات الداخلية والمالية والتموين، بشكل مباشر على عملية إصدار تراخيص الخمور، بما لا يدع مجالا للشك أن هناك قيودا على هذه التجارة، وأن هناك ضوابط مكلفة لاستخراج تصاريحها، حتى إن فنادق الخمس نجوم لا تحصل على تصاريح البارات بسهولة.

وبالنسبة لأسعار النبيذ والمشروبات الكحولية، فتحددت فئة الضريبة عليها بنحو 150% وبحد أدنى 15 جنيها للتر السائل، أما البيرة الكحولية فبلغت قيمة الضريبة عليها نحو 200% وبحد أدنى 400 جنيه للهيكتولتر.

تجارة الخمور بين التقييد والتحرير

من الناحية التجارية، قال رئيس شعبة المستوردين، بغرفة القاهرة التجارية، أحمد شيحة، إن الحكومة تعيق عمليات التوسع في تجارة الخمور بفرضها الضرائب السنوية ورفعها للرسوم الجمركية على المستورد منها، بما يقدر بـ300%، رغم أن الخمور تستوي مع السجائر في نفس الدرجة من الضرر، موضحا أنه بجانب الضرائب المفروضة على سلعة الخمور فإن هناك زيادات دورية معتادة بداية شهر يوليو من كل عام عليها دون السجائر.

وأضاف شيحة، لـ"دوت مصر"، أن حجم تجارة الخمور في مصر يقدر بـنسبة 2% من حجم السوق التجارية، لافتا إلى أنه "حال تحرير تلك التجارة من القيود التي تعيقها، فإنها ستنمو بما يقدر بنسبة 20% من حجم السوق خلال الـ5 سنوات الأولى فقط، وهو ما يدر على الدولة عائدا بقدر ضريبي يصل إلى 100 مليار جنيه سنويا، وهذا لا يعني تعميم هذه التجارة للمصريين، فديننا يمنعنا من شربها، ولكن هناك استخدمات أخرى، كطرحها للأجانب والاستفادة منها في التداوي".

وكان الرئيس عبدالفتاح السيسى، قد أصدر قرارا جمهوريا بتعديل قانون الضرائب على المبيعات مطلع يوليو الماضي، تضمن زيادة الضريبة المقررة على السجائر المحلية والمستوردة، ورفع الضريبة على البيرة والخمور سواء منتجة محليا أو مستوردة.

ومن جانبه رأى مدير الحسابات بأحد محلات الخمور، بمنطقة وسط البلد "س.ع"، أن الحكومة تشدد على بيع الخمور، وتفرض ضرائب باهظة على تداولها ورسوم تراخيص بيعها، بالإضافة إلى ضريبة جمركية حال استيرادها من الخارج، أو رسوم صناعة حال تصنيعها في الداخل.

عراقيل توسع تجارة الخمور في مصر

7 مليارات جنيه سنويا من فرض الرسوم المالية على الخمور

وتابع: "كل تلك العراقيل تقف عائقا أمام توسيع حجم هذه التجارة، منوها بأن الحكومة تجني ما يقدر بنحو 7 مليارات جنيه سنويا من وراء فرض الرسوم المالية على كل مرحلة من مراحل التصنيع والبيع، ورغم ذلك تفرض قيودا أمنية على عمليات تداولها، وفي حال تحرير تلك الصناعة من قيود التداول الأمني، فإن الدولة ستجني ما يقدر بـ40 مليار جنيه، من وراء تلك الصناعة محدودة النشاط، والتي يقدر حجم أعمالها في مصر بما يقترب من حاجز الـ5%".

وأوضح أن زبون الخمور في مصر في الأغلب يكون من الأجانب، وبعض الشباب في مقتبل العمر، مرجعا عدم الإقبال على شرائها لأسباب دينية، إضافة للتشديد الأمني، وارتفاع أسعار الأنواع الأصلية منها، بسبب الرسوم المفروضة عليها، وسيطرة الخمور المغشوشة ذات الأسعار المنخفضة على نسبة كبيرة من الزبائن.

تصدير المنتج المحلي لتعويض التكلفة

وفي سياق متصل، ذكر رئيس شعبة المصدرين بغرفة القاهرة التجارية، الباشا إدريس، أن حجم صادرات مصر من الخمور لا يذكر، ويمكن أن يقدر إجمالا بـ5%، من حجم الصادرات الكلية لمصر، موضحا أن هذه النسبة لم تنتج عن فائض إنتاج واستهلاك في السوق المحلية، وإنما للهروب من القيود المفروضة على تداول هذه السلعة، فيلجأ المصنعون الذين لا يتجاوزون الـ4 مصانع محدودة الإنتاج، لتصدير المنتج، لتعويض خسائر التداول داخل السوق المصرية.