التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 11:20 ص , بتوقيت القاهرة

27 مليار دولار خسائر روسيا من "النووي الإيراني".. هل يمكن تفاديها؟

رغم أن إيران تعد إحدى أهم أصدقاء روسيا في المنطقة، إن لم تكن أهمهم على الإطلاق، فإن موسكو في حال تسوية الخلافات ورفع العقوبات عن إيران وإلغاء الحظر عن تصديرها للنفط سيتكبد اقتصادها خسائر بحوالي 27 مليار دولار.

لكن، هناك طرقا يمكن لموسكو أن تسلكها لتقليص تلك الخسائر، كما يتوقع خبراء أن يكون للأزمة شكل مختلف عما يتحدث عنه كثيرون.

توقعات خبراء

في تصريحات لـ"دوت مصر"، قال الخبير الاقتصادي وأحد مستشاري وكالة "رويترز" في شؤون الشرق الأوسط، محمد كركوتي: "تبالغ العديد من الأطراف، بأن الاتفاق النووي النهائي (إذا ما وقع بالفعل) بين الغرب وإيران، سوف يؤثر سلبيا على البلدان المنتجة والمصدرة للنفط، ولاسيما روسيا، ولا شك في أن عودة إيران إلى السوق النفطية بكامل قدراتها الإنتاجية، ستزيد الطين بلة في السوق النفطية، التي تعاني واحدة من أسوأ أوضاعها منذ عقود".

وأضاف كركوتي: "لكن السؤال الأهم هنا: هل تستطيع إيران أن تعود إلى مستوياتها الإنتاجية التي سبقت العقوبات فور التوقيع على الاتفاق؟ لا، لا يمكن لإيران أن تعود إلى سابق عهدها في هذا المجال، لأسباب عديدة، في مقدمتها أن هناك مخزونا هائلا لديها من النفط، عليها أن تسوقه، هذا المخزون دفعها في الأشهر الماضية إلى استئجار ناقلات نفطية ليس لنقل البترول، بل لتخزينه في الموانئ".

وتابع: "أيضا هناك عامل تقني هام جدا، يرتبط بعدم أهلية المنصات والآبار النفطية الإيرانية للإنتاج بكامل طاقاتها، فإيران لم تستثمر في الصيانة والتأهيل لهذه الآبار والمنصات منذ سنوات، ويتحاج الأمر لوقت طويل، بالإضافة طبعا إلى أموال سائلة، كما أن هناك غموض في طبيعة رفع العقوبات على إيران، أي هناك إمكانية بألا ترفع دفعة واحدة".

أما مؤسس "مجموعة مالتبيلز للاستثمار"، مقرها دبي، عمر الشنيطي، فقال لـ"دوت مصر": "أتصور أن الاتفاق الإيراني سيكون له أثر إيجابي كبير على إيران بالتأكيد، لكن أعتقد أن أثره السلبي على دول مثل روسيا والصين التي لها شراكات كثيرة مع إيران لن تتأثر سلبيا بشكل ملحوظ من الناحية الاقتصادية".

من ناحيته، وفي حديثه لـ"دوت مصر"، أكّد عضو هيئة التحكيم الدولي السويسري الحائزة على لقب أفضل اقتصادي وعميد الاقتصاديين الأفارقة، الدكتور تامر ممتاز: "إذا تم الاتفاق على النووي الإيراني في يونيو المقبل فسيصبح لإيران القدرة على بيع النفط رسميا في الأسواق، وهو ما سيشكل ارتفاعا في المعروض في السوق مع ثبات الطلب ومع وجود تهديد وجود البترول الصخري الذى تكلفة استخراجه 80 دولار".

واستكمل: "لا شك أن وجود سعر برميل البترول أقل من 80 دولار (متوسط 60$ حاليا) هو الأكثر ضررا على الاقتصاد الروسي، إذ تم عمل الموازنة العامة للعام الحالي باعتبار سعر برميل البترول 80 دولار، إلا أن انخفاضه إلى 60 دولار يضع روسيا في مأزق مع انخفاض قيمة الروبل وفقدانه في ظل معدلات تضخم 17%".

وبيَّن ممتاز أن "ما دفع الاقتصاد الروسي إلى الركود هو انخفاض سعر برميل البترول وإرسال القوات الروسية إلى أوكرانيا والعقوبات التي تلتها، ما شكل تهديدا للاقتصاد وانخفاض قيمة الروبل مقارنة بالدولار الأمريكي واليورو".

خسائر وخطوات لمواجهتها

وفي دراسة أعدها البنك المركزي الروسي، فإن في حالة رفع العقوبات عن إيران وإلغاء الحظر عن تصدير طهران للنفط فإن من المتوقع أن تشهد أسعار الخام تراجعا حادا، ما سيكبد اقتصاد روسيا، وهو من أكبر مصدري النفط في العالم، خسائر بحوالي 27 مليار دولار.

وبدأت موسكو تستشعر الخطر جراء الاتفاق المزمع بشأن النووي الإيراني، فسارعت برفع الحظر عن تصدير منظومة الدفاع الجوي "إس 300" إلى طهران في صفقة تقدر قيمتها بـ800 مليون دولار، في محاولة منها لتخطي أزمة تسوية الملف النووي الإيراني وتقليل الخسائر إلى أقل ما يمكن خسارته.

وشرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس الماضي، قراره رفع الحظر عن تسليم إيران صواريخ اس-300 ، مؤكدا من جديد أنه مبررا بإبرام الاتفاق بين طهران والدول الكبرى في الثاني من أبريل.

وشرح "كل المشاركين قالوا "تم التوصل إلى اتفاق ولم يتبق سوى التفاصيل التقنية التي يجب تسويتها" وهذا يجب أن يتم في يونيو، لذلك اتخذنا هذا القرار".

وأعلن نائب وزير الخارجية الروسي، سيرجي ريابكوف، عن ضرورة رفع العقوبات الأممية المفروضة على إيران بالتزامن مع توقيع الاتفاق بشأن برنامج طهران النووي.

وأضاف في تصريحات صحفية الجمعة، "هذا لا يعني رفع كل العقوبات في آن واحد"، موضحا أن "تحديد أنواع العقوبات التي يمكن تعليقها أو رفعها بالكامل وكيفية القيام بذلك وغيرها من المسائل يتعين أن تكون موضوعا للتفاوض".

مكاسب من وراء خسائر

تمتلك إيران ثاني أكبر احتياطي من الغاز في العالم ورابع أكبر احتياطي من النفط. ووفقا للتقارير ولتصريحات وزير الطاقة الإيراني، فإن طهران ستكون قادرة على رفع قدرتها على إنتاج النفط بمقدار مليون برميل يوميا خلال أشهر قليلة فقط من رفع العقوبات.

واستنادا إلى تقديرات البنك المركزي الروسي فإن هذه الخطوة قد تؤدي إلى خسارة موسكو عوائد بقيمة حوالي 27 مليار دولار، كما أن تركيا وأوروبا ستكون الهدف الأول لصادرات إيران من النفط والغاز، وهذا يعني تقليص حصة موسكو في هذه الأسواق التي تعتبر المستهلك الأكبر للغاز الروسي، والمصدر الأكبر لأرباح شركة غاز بروم التي فقدت حوالي 30% من أرباحها خلال العوام الأربعة الماضية.

ورغم الأثر الواضح من الاتفاق المزمع بشأن النووي الإيراني وخسائره على روسيا فإن هناك طرقا كثيرة مفتوحة أمام موسكو لتعويض تلك الخسائر، فالاتفاق قد يحد من توجه إيران لامتلاك قنبلة نووية لفترة زمنية، وهذا شيء يطيب لموسكو، وحتى في ظل استخدام طهران للمليارات التي ستأتيها من وراء النفط عقب رفع العقوبات في تقوية ترسانتها العسكرية، فإن موسكو يمكن أن تكون حاضرة بشكل قوي في تصدير المزيد من الأسلحة إلى طهران ودعمها بمعدات للمحطات النووية.

كذلك فإن الطرفين يسعون لرفع التبادل التجاري بينهما إلى 70 مليار دولار، بدلا مما هو عليه الحال حاليا، إذ تقدر بنحو 3 إلى 5 مليار دولار، بحسب ما ذكر الطرفان في اجتماعات اقتصادية وتجارية عقدت نهاية العام الماضي.