التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 02:24 م , بتوقيت القاهرة

فاينانشيال تايمز: مصر على خطى المغرب في إلغاء الدعم

لعقود طوال كانت الحكومات المصرية تدعم أسعار الوقود والمواد الغذائية، وهو ما تسبب في إبطاء معدل النمو في هذه الدولة النامية، التي توجهه14 % من دخلها القومي لهذا الدعم، حسبما يقول موقع الفاينانشيال تايمز في تقرير له.
ويشير التقرير إلى أن سياسة الدعم لم تنجح سوى في تخفيف جزء ضئيل من الأعباء الواقعة عن كاهل الفقراء في مصر، فحسب دراسة أصدرها البنك الدولي في أكتوبر الماضي بعنوان "سياسات الدعم المضرة"، ذكر أن ما بين 60 إلى 80% من دعم المحروقات في الشرق الأوسط يذهب لمصلحة 20 % من السكان فيما يصل من هذا الدعم 10% فقط للفقراء.
ويشير التقرير إلى نجاح المغرب في يناير الماضي في إنهاء 40 عاماً من دعم المحروقات عبر إتباع سياسة إلغاء تدريجية، كما أن انخفاض أسعار النفط ساعدت على عدم إحساس المواطن المغربي بأثر إلغاء الدعم، فحسبما يقول وزير المالية المغربي محمد بوسعيد "كان نظام الدعم مفيداً في فترة ما بعد الاستقلال فكان هناك الكثير من الفقراء وكان دور الدولة تثبيت الأسعار ولكن سياسة الدعم بمرور الوقت أصبحت غير مفيدة فالهدف الآن هو كيف يمكن مساعدة المحتاجين للشراء بأسعار السوق الغير مدعومة وهو ما نعمل على تطبيقه بصورة تدريجية وليست بصورة صادمة". 


وأشار التقرير إلى أن دعم المحروقات يزيد من معدل البطالة، ويعمل على تدعيم الصناعات القائمة على رأس المال المركز مثل البتروكيماويات و الصلب والتي تحتاج ليد عاملة أقل، كما تسبب زيادة تلوث الهواء وأمراض القلب، إذ تدفع الناس لعدم استخدام المواصلات العامة كما تسرع من استهلاك مصادر المياه في بلاد مثل اليمن والأردن نتيجة استخدام الطاقة الهيدروليكية في الحفر. 


ويقول التقرير أن السلطات المصرية وضعت خطة لإنهاء الدعم للمحروقات بصورة تامة في غضون 5 سنوات مع تعديل سياسة دعم المواد الغذائية، وهو ما ساعد على تجنب خسائر بالمليارات كانت تذهب لصالح الأسواق السوداء، كما قدمت نظاماً يعتمد على النقاط يسمح للمستخدم الحصول على مواد أخرى في حالة عدم استخدام المواد المدعمة المخصصة له، ويشير التقرير إلى نجاح ماليزيا في تخفيض الدعم عن المحروقات والسكر بدرجة كبيرة فيما زادت من صرف الإعانات المالية للفقراء.
 


ويقول كبير الاقتصاديين المتخصص في اقتصاديات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في البنك الدولي ، شانتا ديفراجان:"ليس لدي وصفة للنجاح، لدي مبادئ محددة ، إحداها هو ضرورة إجراء التعديلات على الدعم بالتوازي مع تقديم إعانات مادية للفقراء، والسبب في ذلك ليس لأن إلغاء الدعم سوف يضر الفقراء ولكن لأن التصرف بهذه الطريقة سوف يحمي الحكومات من اتهامات معارضيها بتجاهل مصلحة الفقراء"

ولفت التقرير إلى أن السلطات المصرية تخطو بحذر في طريق إلغاء الدعم، خوفاً من وقوع قلاقل سياسية حيث لازال الوقود العادي (أوكتان 80) يبلغ ثمنه 1.67 جنيه مصري لليتر الواحد بالرغم من ارتفاع سعره يوليو الماضي. 



من جانبه يقول مدير برامج سابق في المعهد الدولي للتنمية المستدامة،ديمون فيسدونبار: "هناك العديد من الأمثلة على إصلاح سياسات الدعم والتي أدت إلى نتائج سيئة، فرأينا في السنين الماضية وقوع اضطرابات كبيرة في بلاد مثل السودان ونيجريا واليمن نتيجة اتخاذ الحكومات هناك خطوات لزيادة أسعار المحروقات وهو ما دفع تلك الحكومات إلى التراجع عن سياساتها الإصلاحية". 


وأكد التقرير على نجاح المغرب في تنفيذ سياساتها الإصلاحية في مجال إلغاء الدعم، فيما جاء ما يسمى بالربيع العربي ودفع العائلة المالكة إلي زيادة الأجور وزيادة الدعم لتجنب الاضطرابات الاجتماعية ،بالإضافة لفتح المجال للإسلاميين المعتدلين لدخول المعترك السياسي، ما أدى لوصول الإسلامي عبد الله بن كيران لتولي منصب رئيس الوزراء.


وبالرغم من استفادة المغرب الكبيرة من انخفاض أسعار النفط، إلا إن هذا الانخفاض لن يستمر حسبما يقول التقرير، فالكثيرون في المغرب يقولون إنه من المبكر الحكم على نجاح أو فشل هذه السياسات فيما بدأ التذمر يسود وسط الموظفين الحكوميين في المغرب بسبب ثبات أجورهم وزيادة الأسعار، ويقول الصناعي المغربي كريم طازي: "نحن نمر الآن بأصعب مرحلة في إصلاح سياسة الدعم ونشعر بهبوط كبير في القدرة الشرائية للأسرة المغربية وهو واضح في انخفاض عائدات ضريبة المبيعات فالأسرة المغربية المتوسطة تعرضت لصدمات اقتصادية في الوقت الحالي"