في ذكرى قطع الاتصالات.. أسرار التجربة الثالثة وعلاقة "موبينيل"
في الثامن والعشرين من يناير ومنذ 4 أعوام، انقطعت خدمات الاتصالات المحمولة، وكذلك خدمات الإنترنت، في اليوم الذي سمي بـ"جمعة الغضب"، وظل الانقطاع حتى الساعة الحادية عشر من مساء نفس اليوم، لتعود خدمة الاتصالات المحمولة، في حين ظلت خدمات الإنترنت مقطوعة حتى الثاني من فبراير.
التجربة الأولى:
القصة تعود لعام 2008 وتحديدا في شهر إبريل، أثناء انتفاضة المحلة، إذ أنشأت وزارة الداخلية غرفة طوارئ بسنترال رمسيس لمواجهة ما أسمته الجهات الأمنية، استخدام العناصر الإثارية لخدمة الرسائل القصيرة وشبكة المعلومات الدولية، في بث أخبار أو رسائل مغرضة وغير صحيحة من شأنها إشاعة الفوضى في البلاد.
التجربة الثانية:
تمت في العاشر من أكتوبر 2010، وتمثلت في عمل غرفة الطوارئ على محاكاة لكيفية التعامل تكنولوجيا مع أي أحداث قد تمس أمن البلاد، وكيفية الحصول على بيانات مستخدمي البصمات الإلكترونية بشبكة الإنترنت في وقت قياسي، وقطع خدمة الإنترنت عن مشتركي (USB مودم، إنترنت المحمول 3G، الإنترنت الثابت DSL"، وحجب الدخول على مواقع محددة على شبكة الإنترنت، وقطع خدمة الإنترنت والتليفونات المحمولة سواء صوت أو رسائل قصيرة، عن قرية أو مدينة أو محافظة في زمن قياسي.
التجربة الثالثة:
وجاء موعد التجربة الثالثة لقطع الخدمة، حينما وردت معلومات أمنية تفيد بوقوع أحداث شغب كبيرة في الخامس والعشرين من يناير عام 2011، بعدها انعقدت لجنة وزارية في الثانية من ظهر الخميس الموافق 20 يناير 2011 بالقرية الذكية برئاسة الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء الأسبق وعضوية 7 من الوزراء والقيادات من بينهم حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق ووزير الدفاع الأسبق المشير حسين طنطاوي، ووزير الاتصالات حينها المهندس طارق كامل، فيما استعرضت الإجراءات المختلفة في عدة قطاعات المطلوب إتباعها استعدادا لأحداث 25 يناير 2011، في ضوء التقييمات الأمنية.
وشكلت غرفة عمليات لتعمل 24 ساعة يوميا طوال مدة الأحداث على أن تجتمع في مبنى سنترال رمسيس، ولتشارك فيها مؤسسات سيادية، وتم تكليف غرفة العمليات بمتابعة تنفيذ أي إجراءات لازمة لتطبيق المادة (67) من قانون تنظيم الاتصالات الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2003، فقررت اللجنة الوزارية في ذات الاجتماع تفعيلا للمادة (67) من القانون المشار إليه، أن تشمل الإجراءات قطع خدمات الاتصالات للمحمول والإنترنت في مواقع مختلفة بالجمهورية إذا دعت الحاجة لذلك طبقا للتقييم الأمني في حينه، تحت مظلة "في حالة تعرض الأمن القومي للخطر".
وقام وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي بصفته المسؤول عن تحديد تعرض الأمن القومي داخل البلاد للخطر من عدمه، بحكم طبيعة عمله، بإصدار قراره وتعليماته المشددة بضرورة قطع خدمات المحمول عن منطقة ميدان التحرير اعتبارا من بعد ظهر يوم الثلاثاء الموافق 25 يناير 2011، حتى صباح الأربعاء الموافق 26 يناير 2011، ثم قام بإصدار قراره وتعليماته المشددة إلى غرفة العمليات عدة مرات يوم الخميس الموافق 27 يناير 2011، بضرورة قطع خدمات الاتصالات اعتبارا من صباح يوم الجمعة الموافق 28 يناير 2011 ولمدة يوم واحد بالنسبة لخدمات المحمول في محافظات (القاهرة الكبرى- الإسكندرية- السويس- الغربية)، وضرورة قطع خدمات الإنترنت على مستوى الجمهورية اعتبارا من مساء يوم الخميس الموافق 27 يناير 2011 لوجود خطورة على الأمن القومي.
وتم إخطار غرفة العمليات بقرار العادلي، بقطع خدمات الاتصالات المشار إليها فلم تعترض، ونفذت قرار وزير الداخلية السابق بقطع الخدمة بالتنسيق مع الشركات المعنية للإنترنت والمحمول في التوقيتات المطلوبة، وظلت خدمة الإنترنت مقطوعة حتى ظهر يوم الأربعاء الموافق 2 فبراير 2011، إذ قامت المخابرات العامة بإخطار غرفة العمليات بإعادة الخدمة من جديد، وهو ما قامت بتنفيذه غرفة العمليات والشركات المعنية.
بينما أكد الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات أن الجهة التي أصدر قرار قطع خدمات الاتصالات والإنترنت، كانت وزارة الداخلية عبر الوزير نفسه وبصفته، وهو الأمر الذي راعته المحكمة خلال إصدار قرارها بشأن قضية قطع الاتصالات التي تم خلالها إدانة الرئيس الأسبق مبارك ورئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي.
علاقة موبينيل:
قام دفاع اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق بتفجير مفاجأة كبيرة خلال مرافعته عن موكله، حينما أوضح أسباب قيام العادلي باتخاذ قراره بقطع الاتصالات، نافيا أن يكون السبب الحد من زحف المتظاهرين إلى ميدان التحرير، بل كانت أسباب أخرى رفض العادلي ذكرها فيما قبل.
المحامي محمد الجندي، قال أمام هيئة المحكمة، مدافعا عن موكله حبيب العادلي، بأن السبب الحقيقي لقطع الاتصالات كان لدواع أمنية وحفاظا على الأمن القومي، مستشهدا بحكم المحكمة الاقتصادية بتاريخ 8 إبريل 2013، والذي أدان شركة "موبينيل" التي قام 4 من موظفيها بتركيب 16 هوائيا بمنطقة العوجة على الحدود مع إسرائيل مع توجيهها بعمق يصل إلى 25 كيلو داخل تل أبيب، ما سمح للعدو الصهيوني بإجراء مكالمات دون أدنى أي مراقبة عليها من الدولة، ما اعتبرته المحكمة نوعا من التجسس وتهريب المكالمات، وهو الأمر الذي اعتبره حبيب العادلي، وفقا لكلام محاميه، تهديدا للأمن القومي، يسمح له باتخاذ القرار ذاته.