العالم يترقب اليورو.. انهيار أم خطوة تاريخية؟
يترقب العالم اجتماع البنك المركزي الأوروبي، اليوم الخميس، لمعرفة الوسيلة التي سوف يلجأ لها قادة منطقة اليورو الاقتصاديين في سبيل إنقاذ دول المنطقة من الانهيار الاقتصادي، وسط قلق بشأن العملة والنمو والتضخم.
وتشير أغلب التوقعات إلى أن المركزي الأوروبي سيلجأ إلى عملية تيسير كمي تتضمن شراء سندات حكومية للدول التسعة عشر في منطقة اليورو، وسط خلاف بشأن القيمة المتوقعة، وطريقة التنفيذ الفعلية.
أزمات المنطقة تتصاعد
يشهد اقتصاد منطقة اليورو تراجعًا ملحوظًا خلال الفترة الحالية، مع تراجع التعافي الذي بدأ يظهر عقب الأزمة المالية العالمية في 2008، وسط قلق بشأن احتمالية انهيار اتحاد العملة الموحدة، مع احتدام الأزمات الاقتصادية في البلدان الجنوبية من القارة مثل اليونان، وإسبانيا، وإيطاليا، وتراجع النمو في أكبر اقتصاديات القارة (ألمانيا وفرنسا).
وتشير بيانات هيئة إحصاءات الاتحاد الأوروبي، إلى أن متوسط معدل البطالة في دول المنطقة يبلغ 11.5%، في حين يصل مستوى النمو إلى أقل من 1%، كما تشهد دول المنطقة خطر الدخول في مرحلة كساد اقتصادي مع الهبوط الحاد في الأسعار.
وكانت منطقة اليورو قد شهدت تراجعًا في معدل التضخم في شهر ديسمبر الماضي، ليصل إلى 0.2-% للمرة الأولى منذ أكثر من 5 سنوات، وهو ما يعني أن الأسعار تراجعت عن مستوياتها منذ عام.
ويدفع الهبوط في معدل الأسعار كلا من المستهلكين والشركات إلى تأجيل قرارات الإنفاق الحالية إلى المستقبل، بسبب وجود توقعات بمزيد من التراجع في الأسعار، وهو ما يهبط بالإنفاق والاستثمار والتشغيل، ويهوي بالاقتصاد.
ويسعى البنك المركزي الأوروبي لدعم النمو الاقتصادي في المنطقة، والقضاء على تراجع الأسعار وهبوط الإنفاق عن طريق إطلاق خطة ضخمة للتيسير الكمي.
ما هو التيسير الكمي؟
قامت الولايات المتحدة الأمريكيىة، وبريطانيا بإطلاق عملية تيسير كمي ضخمة في عام 2009، ساعدت الدولتين في الخروج من الأزمة المالية العالمية، واستعادة النشاط الاقتصادي بشكل كبير في الوقت الحالي.
وقامت الولايات المتحدة بشراء سندات حكومية بمليارات الدولارات شهريا، عن طريق طباعة أموال إضافية وضخها في الأسواق المالية.
والفكرة الأساسية وراء التيسير الكمي هي أن دخول الدولة في أسواق المال وشراء سندات يعني ضخ أموال كثيرة في النظام الاقتصادي للدولة، في خطوة تشجع المستثمرين على الدخول في أسواق الدين، كما تمنح التمويل الكافي للأعمال، وترفع من أسعار الأصول.
ونجحت الخطة في الولايات المتحدة بالفعل، حيث تعافى الاقتصاد بشكل واضح خلال العام الماضي، وسجلت أفضل معدل للنمو في أكثر من 11 عامًا خلال الربع الثالث من عام 2014، بالإضافة إلى تراجع معدل البطالة وانتعاش الأعمال.
ماذا عن اليورو؟
تعاني العملة الأوروبية الموحدة (اليورو) من تراجع مستمر في قيمتها خلال الفترة الماضية، جعلتها تهبط لأدنى مستوى لها في أكثر من 11 عامًا، مع اتجاه المستثمرين للاستغناء عن اليورو لصالح عملات أخرى.
وبلغ سعر اليورو مقابل الدولار الأمريكي بنهاية تعاملات، الخميس، 1.1607 دولار، بعد أن كانت قد سجلت يوم 16 يناير الماضي مستوى 1.1460 دولار، وهو أقل مستوى منذ عام 2003.
ووقع اليورو ضحية الأزمات الاقتصادية المستمرة في منطقة اليورو، والتوقعات المستقبلية المتراجعة، والخفض القياسي في معدل الفائدة على الودائع بالعملة الأوروبية والبالغ 0.5%، بالإضافة إلى التأثير السلبي لعملية التيسير الكمي على قيمة العملة الأوروبية خلال الفترة المقبلة.
ويعني ضخ مليارات من اليورو في الأسواق المالية ضمن خطة التيسير الكمي الأوروبية تراجع قيمة العملة بشكل حاد، بسبب الارتفاع الكبير في المعروض النقدي.
ويواجه اليورو خيارين بعد القرار المتوقع للبنك المركزي الأوروبي بشراء سندات حكومية، ففي حال أعلن البنك قيمة شرائية كبيرة توازي توقعات المستثمرين (500 مليار دولار فأكثر)، فإن قيمة العملة سوف تتراجع في الأسواق، بينما سترتفع الأسهم الأوروبية.
وعلى الجانب الآخر، في حال إعلان البنك المركزي إطلاق عملية تيسير كمي بقيمة شرائية أقل من توقعات المستثمرين بشكل يهدد فعالية الخطوة وقدرتها على إنقاذ اقتصاد منطقة اليورو، فإن العملة سترتفع في حين تتراجع أسواق الأسهم.