التوقيت الثلاثاء، 05 نوفمبر 2024
التوقيت 04:48 م , بتوقيت القاهرة

البنك الدولي: لماذا قفز عدد سكان مصر بعد سقوط مبارك؟

قال تقرير نشرته مجموعة البنك الدولي، اليوم السبت، إن مصر تواجه عددا من التحديات، وأن هناك تحديا، نادرا ما تتم مناقشته، وهو الزيادة السكانية الكبيرة.


واعتبر التقرير أن مصر كانت لديها قبل عقدين من الزمان، نظام جيد لتنظيم الأسرة، إلا أن الارتفاع الكبير مؤخرا في عدد السكان، يمثل أزمة يمكن أن تكون "ذات أبعاد كارثية بكافة المقاييس"، على حد وصف التقرير.


وأشار التقرير إلى "أنه منذ قيام ثورة 25 يناير 2011، ازداد عدد السكان في مصر بنحو 3 ملايين نسمة، ليصل مجموع تعداد السكان إلى 80.7 مليون نسمة". ووفقا للتقديرات، فمن المرجح تضاعف تعداد السكان إلى 160 مليون نسمة بحلول عام 2050. 


ويتابع التقرير: "ومع ما تعانيه مصر من نقص في الطاقة، والمياه، والقمح، فضلا عن تضاؤل احتياطيات العملة الأجنبية، وارتفاع معدلات البطالة، فإن الوضع يمكن أن يؤثر تأثيرا كبيرا في الشعب المصري، ولماذا لا نرى ضجة حول الموضوع؟".


كانت صحيفة "جارديان" البريطانية ذكرت في مقال لها، أن الحد من الزيادة السكانية في مصر، كان ناجحا نسبيا خلال الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، لكنه بدأ في التراجع عما هو محدد في الأجندة المقررة، خلال السنوات الأخيرة من حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك ، وتجاهله إلى حد كبير خلال الفترة التي تلت عزله من السلطة عام 2011.


ونجحت سياسة تنظيم الأسرة القديمة في خفض معدل الخصوبة الكلي في البلاد من 5.3 طفل لكل امرأة في عام 1980، إلى 3.4 في عام 1998، وأخيرا إلى 2.8 في عام 2011، وهو ما يمثل انخفاضاً ملحوظا عن فترة الستينيات من القرن الماضي، عندما كانت نسبة عدد الأطفال لدى معظم الأسر المصرية، تبلغ إحصائيا نحو 7.2.


كيف تعاملت إيران مع الزيادة السكانية؟


ربما يمكن أن تكون برامج إيران للحد من الزيادة السكانية بمثابة مثال، لكيفية مكافحة مخاطر الزيادة السكانية. ففي السنوات الأولى من عهد الجمهورية الإسلامية، شجع آية الله الخميني الناس على أن تكون لديهم عائلات أكبر عددا، لكن بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية عام 1988، أدرك النظام الإيراني أنه من الضروري، اعتماد سياسات لوقف المضاعفة السريعة لتعداد سكان البلاد، الذي قارب 120 مليون نسمة.


وشرح مقال نشرته صحيفة "لوس أنجلوس تايمز"، كيف شهدت إيران أكبر وأسرع انخفاض، تم تسجيله على الاطلاق فيما يتعلق بمعدلات الخصوبة، من نحو 7 ولادات لكل امرأة إلى أقل من ولادتين حاليا، في غضون نحو 30 عاما.


فمن خلال الفتاوى الشرعية، أتاح الخميني وسائل منع الحمل مجانا "في العيادات الحكومية، بما في ذلك الآلاف من المراكز الصحية في المناطق الريفية، وروج العاملون الصحيون لوسائل منع الحمل كوسيلة للمباعدة بين الولادات والمساعدة على الحد من وفيات الأمهات والأطفال، كما تم إلزام الراغبين في الزواج بتلقي المشورة بشأن تنظيم الأسرة"، ووفرت الحكومة أيضا إجراء عمليات ربط أو قطع الحبل المنوي.


وانخفض معدل الخصوبة في إيران، حتى أجبرت حكومة أحمدي على إلغاء تنظيم الأسرة عام 2011، وتقديم حوافز مالية لتشجيع الأسر الإيرانية على إنجاب المزيد من الأطفال.


ورغم هذا التغيير الجذري في نهج الحكومة، فإن العديد من الإيرانيين كانوا متشككين بشأن أن إنهاء نظام تنظيم الأسرة المجاني في البلاد، من شأنه أن يؤثر في عدد الأطفال، الذي ستقرر معظم الأسر الإيرانية إنجابه، وكان هناك عامل آخر أثر في معدل الخصوبة في إيران، وهو الاستثمار في التعليم، فمن عام 1976 إلى عام 2011، تضاعف معدل الإلمام بالقراءة والكتابة بين الشباب في البلاد إلى 98%.


وفي ظل كون الإيرانيين أصبحوا أكثر تعليما، مما كانوا عليه قبل 35 عاما، فيبدو أنهم كانوا قادرين على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن حجم أسرهم، وأصبحت هناك موازنة بين مناشدات الحكومة للإقبال على التناسل والإنجاب، مقابل التحدي المتمثل في تربية والإنفاق على أسرة كبيرة العدد، في وقت يسود فيه التضخم وعدم الاستقرار الاقتصادي، حيث يبدو أن التعليم كان إحدى أكثر الأدوات فعالية فيما يتعلق بتنظيم الأسرة.


وأكدت العديد من المنظمات الدولية، بما في ذلك مجموعة البنك الدولي، أن العلاقة بين التعليم وتنظيم الأسرة علاقة مباشرة، وعادة ما تكون لدى النساء المتعلمات أسر أصغر حجماً، وأكثر صحة، وبالمثل، فإن معدلات الخصوبة تنخفض عندما يكون النساء لديهن ما لا يقل عن سبع سنوات أو أكثر من التعليم.


وفي حين أن تنظيم الأسرة يمثل عاملا حاسما في الوقاية من المخاطر الصحية لدى النساء الحوامل، فإن التعليم سيمكن السكان من اتخاذ قرارات حكيمة.