التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 01:55 م , بتوقيت القاهرة

الحرب العالمية الثالثة .. هكذا يشتعل الفتيل

مع اندلاع الحرب في أوكرانيا عام 2014، انتشرت تحذيرت خبراء سياسيون من أن العالم قد يشهد الحرب العالمية الثالثة قريبا، لأسباب تحمل بعض التشابه، ولو قليلا، مع الحربين العالميتين الأولى والثانية، حيث كان الإطار الرئيسي في الحرب الأولى والثانية هو تعدد الصراعات في أنحاء مختلفة من العالم وتفجرها في أوقات متقاربة.


الحرب العالمية الأولى



كانت تسمى "الحرب التي ستنهى كل الحروب"، إلا أن موقع "هيستوري" يشير إلى أن العديد من المؤرخين يقولون إنها حرب توازنات سياسية كان يمكن تجنبها، واختصرها في أربعة أسباب:


 



السباق العسكري: أواخر القرن التاسع عشر شهد تنافسات عسكرية بين بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والنمسا وإيطاليا، وسعت كل دولة لتوسعة جيوشها، خاصة ألمانيا التي حاولت التنافس مع البحرية البريطانية المتفوقة، ولكن ظلت كفة بريطانيا الأقوى عسكريا في هذه الفترة.


التحالفات: في ظل التوسعات وزيادة القدرات العسكرية بين الدول المتنافسة بحثت الدول الأوروبية الكبرى -المذكورة في الأعلى - عن تحالفات مع بعضها لضمان أمنها وتفوقها على منافستها حيث تشكل التحالف الثلاثي بين ألمانيا والنمسا وإيطاليا لمنافسة التحالف الثلاثي الآخر المكون من بريطانيا وفرنسا وروسيا، وكانت أشهر التنافسات بين النمسا وروسيا حول دول البلقان، والمخاوف الفرنسية من عدوان ألماني بعد خسارة فرنسا حرب 1870.


الامبريالية: كان من أهم أسباب الصراع حيث استخدمت الدول الكبرى وقتها المستعمرات في أسيا وأفريقيا كأوراق تفاوض بدون التأثير على الأراضي الأوروبية نفسها، كما كانت ألمانيا تنظر لاتباع نموذج فرنسا المنافسة وتحتل أرضا أوروبية هذه المرة وهي بلجيكا القريبة من فرنسا، وكانت ألمانيا تشعر بالغضب لعدم امتلاكها مستعمرات في الخارج على غرار فرنسا وبريطانيا، وهناك الحرب بين روسيا واليابان عام 1905 حول النفوذ في الصين وكانت هذه الحرب سببا من أسباب التحالف الثلاثي بين بريطانيا وفرنسا وروسيا.


القومية: يرتبط هذا السبب بالسبب الأول وهو العسكرية، ففي الوقت الذي كان يتم فيه تمجيد الروح العسكرية كانت الدعوات القومية وإنشاء دول مستقلة من الامبراطوريات القديمة خاصة الامبراطورية النمساوية سببا في إشعال الصراع والذي كان سببه الأساسي الدعوات الصربية لإنشاء دولة مستقلة نتج عنها اغتيال أرشدوق النمسا وزوجته على يد صربي قومي جعل النمسا تعلن الحرب على صربيا ومن ثم أعلنت روسيا الحرب على النمسا دفاعا عن الصرب وردت المانيا بإعلان الحرب على روسيا وبعدها أعلنت فرنسا الحرب على المانيا، ثم دخلت بريطانيا الحرب ضد ألمانيا وحلفائها.


الحرب العالمية الثانية


موقع "بي بي سي هيستوري" يعتبرها حرب لها تبريرات أقوى من الحرب العالمية الأولى رغم أن أسبابها كانت بشكل ما مرتبطة بنتائج الحرب الأولى وكانت الأسباب هي:



معاهدة فيرساي: كانت المعاهدة التي استسلمت فيها ألمانيا مرضية لكثير من دول أوروبا إلا أنها كانت مذلة لألمانيا التي تنازلت فيها عن 15% من أراضيها وسعت للانتقام من فرنسا.


الفاشية والنازية: على غرار صعود الحركات القومية كانت أفكار الفاشية والنازية التي علت لتفوق العرق الآري سببا لشعور الألمان بالفخر حتى تم انتخاب هتلر مستشارا لألمانيا، وحينها أصبحت النازية هوية الدولة التي سعت للتوسع وإنشاء امبراطورية داخل أوروبا، ووصلت في النهاية لحرب ضد بريطانيا وفرنسا والاتحاد السوفيتي الذي كان يتوسع بدوره في شرق أوروبا. وفي النهاية اعتبرت بريطانيا دخول الحرب ضد ألمانيا له مبرر أخلاقي بدعوة العنصرية النازية.


عودة ألمانيا لسباق التسلح: فرضت الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى شروطا صعبة في فيرساي على ألمانيا من ضمنها عدم التسلح، ثم أعلن هتلر في 1935 إعادة تسليح وتطوير الجيش الألماني في خرق واضح للمعاهدة وتم بناء أسطول ألماني قدر ترتيبه بالثالث، من حيث الحجم، في أوروبا بعد بريطانيا وفرنسا.


التوسعات العسكرية: توسعت ألمانيا بضمها النمسا من خلال انقلاب الحزب النازي النمساوي الذي أعلن استفتاء تم من خلاله ضم النمسا لألمانيا، كما سعت اليابان للتوسع على حساب الصين ومناطق النفوذ السوفيتي في شرق أسيا كما تنافست مع الولايات المتحدة حتى شنت اليابان الهجوم الشهير على بيرل هاربر والذي كان سببا في دخول أمريكا الحرب، أما إيطاليا فكانت ترغب في زيادة مستعمراتها بعدما خسرت الكثير من مناطق النفوذ في الحرب العالمية الأولى وسعت للتوسع في أفريقيا من خلال ليبيا كما دخلت بقواتها مع ألمانيا لليونان.


الحرب العالمية الثالثة



بربط الأسباب السابقة بما يمكن أن يشعل حرب عالمية ثالثة، سنجد العديد من التشابهات أشهرها:


التنافس العسكري: تتسابق الدول الكبرى مثل أمريكا وروسيا والصين وفرنسا في تصنيع وتصدير أسلحتها للسيطرة على سوق السلاح في العالم.


عداء تاريخي: في 2014 قال عدد من الخبراء والمعلقين السياسيين إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يريد إحياء الاتحاد السوفيتي بدعوى أن الغرب تعامل مع روسيا بقسوة بعد تفكك الاتحاد السوفيتي ودخلت الولايات المتحدة في الدول السوفيتية السابقة كمنطقة نفوذ جديدة.


الصراع على مناطق النفوذ: على غرار الحرب العالمية الأولى نجد الآن أطراف دولية تحاول فرض نفوذها في مناطق خارج أراضيها حيث تتصارع روسيا والولايات المتحدة وإيران وبريطانيا وفرنسا، سواء سياسا او اقتصاديا على النفوذ في الشرق الأوسط، ونجد الصراع في سوريا يضم الدول السابقة كلها مشاركة فيه، كما أن فرنسا أرسلت قوات عسكرية بالفعل لمالي، المستعمرة الفرنسية السابقة، وفي جنوب شرق آسيا تتوتر العلاقات بين الصين وبين الولايات المتحدة وحلفائها حول النفوذ والسيادة في منطقة بحر الصين العظيم، وروسيا والناتو، في موقف شبيه بالحرب الباردة، بسبب الصراع في أوكرانيا وخطط الناتو ضم دول جديدة في شرق اوروبا وهي الدول القريبة من روسيا ما تعتبره موسكو خطرا على أمنها.


ضم أراضي جديدة: استولت ألمانيا على النمسا قبل الحرب العالمية الثانية في خطور تحمل تشابها مع ضم روسيا لشبه جزيرة القرم الذي تم أيضا بناءها على ثورة سياسية ثم استفتاء بعد دخول القوات الروسية.


القومية: أعلنت روسيا الحرب على النمسا في 1914 من أجل صربيا التي اعتبرت روسيا نفسها حاميا لها بسبب الروابط القومية والدينية، وفي 2014 تدخلت روسيا عسكريا في شبه جزيرة القرم من أجل حماية الأقلية العرقية الروسية التي تسكنها، بدعوى أن الحكومة الأوكرانية في كييف معادية لهم وأن السكان الروس هم من طلبوا الحماية من روسيا.


التطرف: اعتبرت الدول الغربية صعود النازية والفاشية سببا أخلاقيا في دخول الحرب العالمية الثانية ضد ألمانيا، والآن في الشرق الأوسط جاء صعود تنظيم داعش المتطرف ليكون سببا في تدخل عدد من الدول الأوروبية خاصة مع تعليقات صحفية وسياسية منذ عام 2014 بأن الولايات المتحدة وبريطانيا مسؤولتان عن صعود داعش بشكل أخلاقي بسبب عدم تأمين العراق بعد الحرب وقبل الانسحاب.