التوقيت السبت، 23 نوفمبر 2024
التوقيت 04:20 ص , بتوقيت القاهرة

مقاومة التحرش بـ"البوركيني".. أسباب انتشار "شواطئ الحشمة"

انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة إقبال النساء على نزول الشواطئ بما يعرف بـ"البوركيني" أو ملابس البحرالمحتشمة للمحجبات، وهو ما أثار موجة من الجدل الكبير بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين انقسموا حول السماح للمحجبات بنزول الشواطئ العربية، أو رفضهم لتلك الخطوة.


وانعكس هذا الانقسام على عدد من شركات السياحة التى منعت نزول المحجبات، وآخرى سمحت بها، ومع تزايد التيارات الإسلامية فى عدد من البلدان، ونجاح قطاع الخدمات المالية الإسلامية، بدأ إقبال الشركات على تخصيص أماكن للمحجبات، ولكن الفترة الماضية شهدت عددًا من الوقائع التى مُنعت فيها المحجبات من ارتداء البوركينى، وتطورالمنع من قبل بعض إدارات الفنادق إلى منع بعض المصطافين على الشواطئ.


"لا للبوركينى" شعار رفعته شواطئ في الغردقة ومارينا


حيث شهد شاطئ "هايسندا" بالساحل الشمالى اعتداء مجموعة من المصطافين على سيدة وأسرتها عندما لمحوها تنزل المياه بـ"المايوه الشرعي".


وانتشرت الواقعة التى أثارت ضجة على بين رواد مواقع التواصل الإجتماعى، عبر تدوينة لإحدى السيدات الشاهدات على الواقعة عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" خلال الساعات الماضية، حيث نشرت قائلة "واحدة محجبة على البحر في hacienda bay قاعدة في هدوء مع عيلتها وقررت تنزل البحر وتستمتع، مجموعة جت تتخانق معاها وعايزينها تطلع من البحر توريهم الـ"material" بتاع المايوه الشرعي عشان خايفين على الـ"hygiene" بتاعة البحر، وصلت لدرجة ان ابن واحدة من المجموعة دي ضرب زوج الست المحجبة وبنتها الصغيرة كمان اتضربت".


وفى واقعة سابقة بأحد شواطئ مارينا مُنعت سيدة محجبة من دخول الشاطئ، وبعد مناوشات بين أسرتها وإدارة الفندق تم دفع مبلغ 100 جنيه إضافية مقابل دخولها، مع منعها من النزول في المياه بالحجاب، ولم يقتصر منع "البوركيني" فى مصر فقط، ولكنه امتد إلى عدد من الدول العربية والأوروبية كان من أبرزها فرنسا، التى شهدت واقعة مؤخرا مماثلة مُنعت فيها امرأة مسلمة من النزول بالـ"البوركيني".
 


شواطئ الحشمة


وسلط مركز "المستقبل" فى دراسة له الضوء على ظاهرة انتشار" البوركيني" ليرجعها إلى عدد من الأسباب التى تزامت مع زيادة نسبة المحجبات فى الوطن العربي ومنها:


شواطئ الحشمة في الجزائر


كان الحفاظ على الخصوصية من أهم الأسباب التى دفعت لانتشار شواطئ الحشمة، بالتزامن مع مطالب التيارات المجتمعية والسياسية للسماح للمرأة المحجبة بالاستمتاع باالبحر، وهو ما تم تأييده فى الجزائر، إذ يشهد موسم الصيف في الجزائر توافد عائلات تتخذ شواطئ منعزلة موطنًا لإقامتها، وهو ما يطلق عليه الجزائريون مسميات مختلفة منها "شواطئ الملتزمين" و"شواطئ الإخوة" و"الشواطئ الإسلامية" و"الشواطئ السلفية" نظرًا لأن جمهورها الأساسي هم الأشخاص الملتحون والنساء المنتقبات والفتيات المحجبات الذين يفضلون تفادي مشاهدة العرى في الشواطئ العامة، الأمر الذي يعكس انتشار الأفكار الرافضة لمظاهر الاختلاط في هذه الأماكن.


ويرصد المركز فى تحليله لتلك الظاهرة إلى وقائع مبادرات الشباب التى دعت إلى تشكيل لجان فرض "الاحتشام"، والتى رافقت صيف 2014، حيث شكل مجموعة من الشباب الجزائري تلك اللجان بالتعاون مع أئمة المساجد الذين بادروا إلى تنظيم حملة أطلقوا عليها شعار "شواطئ إسلامية بقيم جزائرية"، على نحو يؤدي إلى فصل أو تجزئة المجال أو الفضاء العام حسب أنساق دينية مختلفة. 


شروط شرعية في المغرب


وهو نفس النهج الذى اتبعته المغرب، ثم سرعان ما حظرته الحكومة بعد ذلك، وقد طُبق هذا السلوك في المغرب لفترة من الوقت ثم حظرته الحكومة، ووفقًا لما أكده فتح الله أرسلان، الناطق باسم جماعة "العدل والإحسان" في المغرب في تصريحات لقناة "العربية" بتاريخ 21 يوليو 2009، "كانت لجماعته السبق في عامي 1998 و1999 في تنظيم شواطئ بديلة لما هي عليه حاليًا، حيث دأب حينها المصطافون في هذه الشواطئ على الصلاة جماعة".


وأشار إلى أن "المخيمات الصيفية الستة كانت آنذاك تتسم بتقسيمها إلى أماكن بعضها خاص بالأسر، وبعضها خاص بالعزاب، وفضاءات خاصة لسباحة النساء"، مضيفًا: "إنها كانت تجربة ناجحة حيث شهدت إقبالا منقطع النظير تضمن حوالي 120 ألف مصطاف، ما يبرز رغبة المغاربة في الاصطياف والترفيه لكن بشروط شرعية تقتضي الحشمة وعدم الاختلاط"، غير أن السلطات الرسمية المغربية، وفقًا له، منعت هذه المخيمات في عام 2000 بدعوى أنها ممارسة فئوية تثير بذور الانقسام في المجتمع المغربي. 


شواطئ الحشمة2


صعود التيارات الإسلامية للسلطة


ويضاف إلى قائمة الأسباب التى أدت إلى انتشار شواطئ الحشمة صعود التيارات الإسلامية إلى السلطة، وتزايد ظهور مصطلح "السياحة الحلال" في دولة مثل مصر مع صعود تيار الإسلام السياسي إلى الحكم في منتصف عام 2012.


تونس حائرة بين شواطئها المعزولة والعلمانية 


كما انتشرت في تونس، في مرحلة ما بعد ثورة الياسمين وتنامي تأثير حركة "النهضة" والتيارات السلفية، فنادق شرعية، تستقبل المحجبات والمنقبات والعائلات المتدينة، ولا توزع الخمور، وتمنع الاختلاط بين الجنسين. 


فضلا عن ذلك، دعا بعض المنتمين لحزب "العدالة والتنمية" الحاكم في المغرب، في أكثر من مرة، إلى توفير شواطئ لا تمتلئ بالعرى والمظاهر المشينة بما يتيح إمكانية سباحة المرأة كما تريد ودون الشعور بالحرج.


كما يرى حزب "الشعب الجمهوري"، أحد أبرز قوى المعارضة في تركيا، أن زيادة الاتجاه نحو الشواطئ المعزولة والفنادق الحلال ليس أمرًا يتعلق بالأعمال التجارية فحسب، بل جزءًا من المساعي الرامية إلى جعل البلاد أكثر إسلامية، وهو ما يتعارض مع العلمانية الحاكمة للدولة التركية.


مقاومة للتحرش الجنسي 


كما ساهم فى انتشار شواطئ الحشمة تزايد ظاهرة التحرش الجنسي، والتى تجعل بعض المحجبات تقدم على النزول فى شواطئ ليس بها عري، لحجز شواطئ لمدد معينة وبأسعار باهظة فى الفنادق والمنتجعات لممارسة رياضة السباحة في خصوصية.  


وفي هذا السياق، قال الشيخ عبدالباري الزمزي، عضو اتحاد علماء المسلمين ورئيس الجمعية المغربية لفقه النوازل في تصريحات لقناة "العربية" بتاريخ 27 يونيو 2012، أنه "يجوز للفتيات والنساء شراء ملابس البحر التي تسمى إسلامية لأنها تغطي الجسد ولا تكشفه"، مضيفًا: "إنه لباس شرعي يَفضُل في كل حال بكثير اللباس العاري الذي تظهر به العديد من النساء على الشواطئ".