التوقيت الأربعاء، 06 نوفمبر 2024
التوقيت 03:27 ص , بتوقيت القاهرة

أصوات من السماء| محمد الطبلاوي "لؤلؤة في سبحة القرآن"

"اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها"... قيثارات عذبة ندية وأصوات شجية وروحانية فكانت أصوات من السماء لمقرئين نتذكرهم دائما شوقا واشتياقاُ. يوميا وحتى انتهاء شهر رمضان نستعرض فب حلقات أبرز مقرئي القران الكريم في مصر


الطبلاوى 1


لا يمكن أن تقاوم صوته وهو يقرأ سورة يوسف، يدخلك في نسيج القصة وحلاوتها، فإذا بك ترى كل شخوصها حاضرة أمامك، وأنت غارق في التأمل والحلاوة التي يمتلكها وحده، ليحول الحزن إلى فرح في مساحة المقامات التي يتنقل بينها بسلاسة ككروان في حديقة غناء، كلما يهاجمك الفقد والخوف وتسيطر عليك الوساوس، فما عليك إلا الاستماع إلى بعضا من تلاواته النادرة التي سجلها في بداية التحاقه بالإذاعة، لترى كيف ينتقل سحرالصوت عبر المراحل العمرية، وكيف يتحول إلى مزاج قهوة فريد، معتق بالفخامة والتفرد.


 إنه الشيخ محمد محمود الطبلاوي، شيخ المقرئين الذي مثل آخر مسبحة في عقد القراء العظام وفاكهة من زمن الرعيل الأول الجميل الذي حمل القرآن كأمانه، وهو يجتهد ليردها إلى مريديه وعشاق صوته بسخاء أكبر، معتمدا على تلقائيته وإحساسه بالنص القرآني، وهو يلونه بدراسة المقامات ليمنحه صوتها شهيا طازجا ومحملا بسكينة البرية في خلقها الأول، وهو يؤمن أن القرآن يشهد لصاحبه وأهل القرآن أهل الله وخاصته من أكرمهم أكرمه الله ومن أهانهم أهانه الله، على حد قوله



طفولة وزواج مبكر


كمصير أي طفل وحيد في العائلة، لاقى "الطبلاوي" رعاية كبيرة من أهله وخصوصا من والده الذي أهتم بإلحاقه بالكتاب لحفظ القرآن الكريم، ولتوافر الفطنة الشديدة فيه، إنجز الطفل الصغير سنواته الصغيرة في حفظ القرآن ليتمه في سن التاسعة، ومن قريته بميت عقبة بمنطقة إمبابة بمحافظة الجيزة إنطلق" الطبلاوى" ليتم ختم القرآن خلال ثلاث سنوات فقط، ولأنه تمتع بدلال كبيرعن والده، قام الآخير بمكافاءته بذبح خروف له بملغ 75 قرش، كما كان والده حريصا على تزويجه في سن صغير للغاية، وهو لم يتم بعد عمر الـ 16 عاما، وهو ما دفع " الطبلاوي" للزواج مرة ثانية وثالثة ليكون على ذمته ثلاث نساء



 


رفضه لتعلم علم المقامات


تميز"الطبلاوي" بالعناد منذ طفولته، وتراكمت رغبة التمرد داخله، لتمنعه من الإلتحاق بالإذاعة أكثرمن 10 مرات، كان فيها المسئولون يصرون على دراسته لعمل المقامات، ولأن" الطبلاوي" كان يستهجن ذلك بدعوى أن تلاوة القرآن لا تحتاج إلى دراسة المقامات، فكان يرفض طلب كلا من فايز حلاوة والموسيقار حسن الشجاعى ضمن لجنة إختبارالإذاعة، لتقيم اللجنة في النهاية أنه غير مقبول، وبعد محاولات عديدة من الرفض انصاع "الطبلاوي" لدراسة المقامات الموسيقية.


وعن رفض "الطبلاوي" لدراسة المقامات في البداية يقول:"ما دام قارئ القرآن لديه النغمة والأذن الجيدة والتجويد الدقيق ويعطى كل حرف حقه فلا يحتاج إلى دراسة المقامات"، كما تميزت رحلة "الطبلاوي" بالإستقلال والكفاح الذي ميزه على مدار رحلته مع التلاوة، معتمدا على موهبته واحساسه، ليقبل السهرة في شهر رمضان المبارك في بدايته بثلاثة جنيهات فقط.



علاقة " الطبلاوى" بالسادات 


ظل الشيخ " البطلاوى" يحظى بإحترام وتقدير من عددا كبيرا من الزعماء والرؤساء، ولكنه احتل مكانه خاصة عند الرئيس محمد أنور السادات، الذى التقاه أكثر من مرة، ويقول" الطبلاوى" عن تلك العلاقة التى جمعتهما بقوله :" التقيته أكثر من مرة وكان استقباله لى كان رائعا، هو وأخوه الحاج عصمت، وكان يستقبلنى مثل أى زائر يقصد بيته، ففى إحدى المرات التقيت به بحفلة دعانى إليها لإحيائها  فى قرية ميت أبو كوم التابعة لمحافظة المنوفية، مسقط رأس السادات، واستقبلنى، وحرص على أن يتناول معى طعام الغداء..كنت أستشعر من كلامه طول الوقت أنه رجل محب لأهل القرآن، وكنت أشعر كذلك براحة الحديث معه، فهو كان حريصا على أن يتكلم معى ويفتح العديد من الموضوعات أمامى"


الطبلاوى يزور متحف السادات


رحلة قراءته داخل الكعبة


نظرا لشهرته العريضة وصوته المميزكان أول قارئ يقرأ القرآن داخل الكعبة بعد دعوته من الملك خالد لغسيل الكعبة، وعن تلك التجربة يقول "الطبلاوي":" كان من يحمل مفتاح الكعبة من آل شيبه، وشدنى من ملابسي لأقرأ آية "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمت بين الناس أن تحكموا بالعدل"


وعن تلك التجربة الإيمانية داخل الكعبة أكد "الطبلاوي" أنه كان يشم رائحة ذكية داخلها، وقبل رحيله عن السعودية تم منحه قطعة كبيرة من كسوة الكعبة


الكعبة