التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 01:19 م , بتوقيت القاهرة

تقرير|"العنوسة والبطالة" ترميان عشرات الفتيات بسوهاج في جحيم الغربة

سوهاج - شيماء سرور


دفعت الحالة الإقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد في الوقت الحالي ممزوجة بارتفاع نسبة العنوسة، الفتيات بمختلف مستواهن التعليمي من أبناء القرى بأقصى الصعيد في محافظة سوهاج إلى البحث عن فرص عمل داخل محافظاتهن، أو بسفرهن  لخارج البلاد، بعدما أستطعن كسر كثير من القيود التي فرضهن عليهن المجتمع.


ضيق العيش


تواصلت "دوت مصر" مع عدد من الفتيات اللاتي خضن التجربة وسافرن إلى دول عربية، قالت " م م مدرس تربية رياضية ، ابنة مركز طما  " لقد سافرت للعمل في مدرسة بدولة "عُمان" منذ أكثر من 9 شهور، بمفردي بعدما ضاق العيش في محافظتي، والتي صُنفت كثاني أفقر محافظة على مستوى الجمهورية .وعن تجربة السفر قالت "مدرس التربية الرياضية" إن الفكرة عالقة في ذهني  منذ أكثر من 3 أعوام ولكن لم أجد الفرصة الملائمة لي كـ"فتاة" وعندما حصلت عليها عبر الإنترنت تواصلت مع مدير المدرسة التي أعلنت عن حاجتها لمدرسات بذات تخصصي، ولكن واجهتني مشكلة كبرى وهى اشتراط وجود شهادة خبرة لدي تتضمن أنني عملت كمدرسة في مدرسة ابتدائي لـ 3 سنوات، وهو ما لم أتمكن من توفيره، وعليه قمت بشرائها بأكثر من 7 آلاف جنيه ، وعقب ذلك  أخبرت والدي وأخي بوجود فرصة عمل لي في دول أخرى، وتحول عقبها المنزل إلى ساحة قتال ووصل الأمر لأن يقوم شقيقي بضربي اعتراضًا منه على سفري ، إلا أن والدي التمس لي العذر خاصة أنني أنهيت دراستي منذ 5 سنوات، ولم أوفق لإيجاد عمل ولم يكرمني الله بزوج مناسب، وتابعت لو تمكنت من إيجاد فرصة عمل في قريتي أو حتى المحافظة بأجر يمكنني من العيش عيشة كريمة لما فكرت في السفر نهائيا .


 


سيطرة الكفيل


وأتفقت "ه ع ، خريجة كلية صيدلة " في المعاناة التي واجهتها لكي تقنع والدتها بالسفر لدولة "الإمارات" لكي تعمل في العلاقات العامة في إحدى الشركات ،  إلا أن المشكلة لم تقتصر على الإقناع بل إن المصاريف التي احتاجتها  للسفر تجاوزت ال 15 ألف جنيه ، وتابعت عقب سفري وجدت أن "الكفيل" الذي وفر لي عقد فرصة العمل هو المتحكم في كل شيء، ويرغمنا على دفع مبالغ باهظة له ، ولم يقتصر  الأمر على سيطرة "الكفيل" فزوجته تشاركه في إمارته علينا "وكأنهم اشترونا " - حسب قولها-.


ترك الأبناء


وقالت " آ ي ، معلمة في مدرسة بدولة عـُمان" لقد تركت زوجي وأبنائي بعدما وجدت فرصة العمل في تلك المدرسة، والتي طلبت "معلمة" ، وكان قرار السفر وترك زوجي وأبنائي أمرين الإستغناء عن أحدهم موت بالنسبة لي ، ولكن حالتنا المادية كانت صعبة للغاية في ظل الارتفاع المبالغ فيه في الأسعار ، وهذا ما دفع زوجي للموافقة ، ومن الغريب أنه عند مجيئي لدولة "عمان" وجدت أن السكن الذي وفره لي الكفيل به أكثر من 15 معلمة مصرية  بينهن 7 متزوجات أضطررن مثلي لترك عائلاتهم وأخريات لم يسبق لهن الزواج.


 البطالة والعنوسة


 وقالت الدكتورة عزة عثمان ، رئيس قسم الإعلام بجامعة سوهاج  والمستشار الإعلامي لمحافظة سوهاج، إن الحالة الاقتصادية وزياة البطالة هى السبب الرئيسي لبحث الشباب عن  فرص عمل والسفر لخارج الدولة، والفتيات ينطبق عليها تلك الظروف.


وتابعت "عثمان" في تصريحات صحفية خاصة لـ" دوت مصر" أن عام الشباب الذي أعلن عنه الرئيس عبدالفتاح السيسي كان عبارة عن مؤتمرات وندوات فقط ولم يشهد أية أعمال على أرض الواقع .


 وأكدت أن قلة فرص العمل، مضافا له ارتفاع الأسعار و تعويم الجنيه دفعت الفتيات والشباب على السواء للبحث والسفر إلى خارج البلاد ، مشيرة إلى أنه إذا تأثر الجانب الاقتصادي فإن اليأس يتملك الشباب ويجعلهم على استعداد للخروج والعمل في أية مكان وبأية مجال .


وأضافت أن "العنوسة" و تأخر سن الزواج له علاقة مباشرة و دور كبير في اتجاه الفتيات للسفر للخارج، كما أن الفتيات لها الحق في أن تبحث عن عمل ومن أجل اثبات الذات ، إلا أن هناك تحديات اقتصادية وتحديات اجتماعية تواجه أية فتاة بالصعيد عند سفرها للخارج فلازالت نظرة المجتمع للفتاة "دونية" ، مؤكدة أن البنت قادرة على العمل وكسب لقمة عيش كالرجال تمامًا.


توافر المحرم


وبدوره قال الشيخ عبدالرحمن اللاوي، مدير المساجد بأوقاف سوهاج، تعليقًا على سفر الفتيات للعمل في بعض الدول، لقد أجاز كثير من العلماء سفر المرأة إلى الخارج للعمل إذا تَوَفَّر الأمنُ فى الإقامة بِبَلَد السفر، وقال بعض الفقهاء يجوز للمرأة أن تسافر بدون مَحرَم بشرط اطمئنانها على الأمان فى دينها ونفْسها وعِرضها في سفرها وإقامتها وعودتها ، وعدم تعرضها لمضايقاتٍ فى شخصها أو دِينها.


وتابع أنه قد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه البخاري وغيره عن عَدِى بن حاتم رضى الله عنه أنه قال له: "فإن طالَت بكَ حَياةٌ لَتَرَيَنَّ الظَّعِينةَ - أي المسافِرة - تَرتَحِلُ مِنَ الحِيرةِ حتى تَطُوفَ بالكَعبةِ لا تَخافُ أَحَدًا إلَّا اللهَ"، وفى رواية الإمام أحمد: " فَوَ الَّذي نَفسِى بيَدِه لَيُتِمَّنَّ اللهُ هذا الأمرَ حتى تَخرُجَ الظَّعِينةُ مِن الحِيرةِ حتى تَطُوفَ بالبَيتِ فى غَيرِ جِوارِ أَحَدٍ"، فمِن هذا الحديث برواياته أخذ جماعةٌ من الفقهاء المجتهدين جوازَ سفر المرأة وحْدَها إذا كانت آمنة ، وخصَّصوا بهذا الحديث الأحاديثَ الأخرى التى تُحَرِّم سفرَ المرأة وحدها بغير مَحرَم ؛ فهى محمولةٌ على حالة انعدام الأمن التى كانت مِن لوازم سفر المرأة وحْدَها فى العصور المتقدمة.