جميلة بوحيرد..قصة فتاة بدأت النضال من فناء المدرسة
عملت فرنسا على طمس الهوية الجزائرية بداية من إصدار قانون يستبدل الأسماء الثلاثة (الابن والأب والجد) بألقاب أخرى لا علاقة لها بالنسب الحقيقي للفرد بهدف تفكيك الجزائريين إلى حظر استخدام اللغة العربية وجعل الفرنسية هي اللغة الوحيدة في الجزائر.
النضال منذ الصبا
مع كل صباح تعود الطلاب الجزائريون على ترديد جملة "فرنسا أمنا" وحدها جميلة بوحيرد خالفتهم ورددت "الجزائر أمنا" فعاقبها ناظر المدرسة لكنها لم تتراجع وبدأت في فناء المدرسة أولى بذور النضال لجميلة ضد الاستعمار الفرنسي.
انضمت المناضلة الجزائرية عام 1954 لجبهة التحرير الوطني الجزائرية وصارت من الفدائيين الذين يزرعون القنابل في أماكن تجمع الجنود الفرنسيين، وبفضل كفاءتها ووطنيتها حققت جميلة نجاحا كبيرا ضد الجنود الفرنسيين وأصبحت حلقة الوصل بين جبهة التحرير الوطنية ومندوب القيادة في المدينة "ياسيف السعدي" المطلوب الأول على قائمة الفرنسيين حينها حيث وزعت منشورات تفيد بمنح جائزة 100 ألف فرانك لمن يدل عليه وأثناء إيصالها راسلة له أصابها جندي فرنسي في كتفها الأيسر وعندما أفاقت لم تدل بأي معلومات وتعرضت لأقسى أنواع التعذيب لمدة 17 يومًا منها التيار الكهربائي الذي تسبب في غيابها عن الوعي وكانت عندما تفيق تردد "الجزائر أمنا".
العالم ضد إعدام جميلة
فشل الفرنسيون في انتزاع أي معلومة منها وتحدد يوم 7 مارس 1958 لإعدامها وهنا لم تجزع جميلة بوحيرد بل ردت بأقوى الكلمات وأكثرها سخرية، "أعلم إنكم ستحكمون علي بالإعدام لأن من تخدمونهم يعشقون ئؤية الدماء، لكن تذكروا أنكم بذلك تقتلون تقاليد حريتكم المزعومة وتلوثون شرف بلادكم، ومع ذلك لن تنجحوا في منع الجزائر من نيل استقلالها" وقالت جميلة هذه الكلمات وهي "تضحك" مما أثار غضب القاضي الذي صرخ:" لا تضحكي في موقف الجد".
خرجت جميلة من قاعة المحكمة إلى حفاوة عالمية امتدت خارج الحدود العربية، حيث ثار العالم كله لأجلها ولأجل إيقاف قرار إعدامها وانهالت البطاقات على السكرتير العام للأمم المتحدة وقتها، داج همرشولد التي تقول:" انقذ جميلة".
المناضلة لم تخلق للمناصب
وبالفعل عدل الحكم إلى السجن مدى الحياة، وبعد تحرير الجزائر في نوفمبر عام 1962، خرجت جميلة بوحيرد من السجن وتزوجت من محاميها الفرنسي، جاك فيرجيس الذي أشهر إسلامه فيما بعد، وتولت رئاسة اتحاد المرأة الجزائري، غير أن المناضلات لم يخلقن للمناصب فزادت خلافاتها مع الرئيس الجزائري آنذاك، أحمد بن بلة فاستقالت في أقل من عامين وتركت الساحة السياسية، لكنها ظلت محتفظة بمكانتها كرمز للمرأة الثورية في العالم كله، مجسدة أسمى معاني الوطنية ضد الاستعمار الغاشم.