عن حتمية التغيير الوزاري
بين الحين والأخر يتداول البعض الحديث عن تغييرات وزارية وشيكة هو حديث مكرر فى جميع الصحف منذ أكثر من ثلاثة أشهر، الجميع يتحدث فى تحليلات وتكهنات، البعض يختار بعض الوزارات التى تظهر إعلاميا وربما وفقا لرأيه الشخصي ويقول عنها أنها وزارات تواجه مشكلات وبناء عليه فهذا الوزير أو ذاك ضمن القائمة المرشحة للرحيل، والواقع أن الأمر لا يدار بمثل هذه السطحية التى قد تصورها وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الإجتماعي المختلفة، ولا شك أن تقييم الأداء الوزاري يعتمد في المقام الأول على تقارير تقييم الأداء التي تصدر عن جهات عديدة، منها جهات رقابية وأخرى عن مجلس الوزراء، وتتم هذه التقييمات وفقا للأهداف المكلف بتحقيقها كل وزير بناء على خطاب تكليفه الذى يحصل عليه مع حلفه اليمين الدستورية، بالتالى يتم مراجعة أداء كل وزير وتجديد الثقة أو سحبها، وأظن أن هذه الثقة لها حسابات مختلفة بعيدا عن التقييمات الإعلامية إلا فى نطاق ضيق.
أخشى ما أخشاه أن تكون الأخبار التى يتم تسريبها للصحف كل فترة عن تعديلات وزارية، تعكس حالة إرتباك داخل الحكومة فى إتخاذ قرارات بإعفاء وزير والبحث عن بديل، لأن الأمر لا يتحمل التردد وإضاعة الوقت، ويكفى أن أغلب الوزراء بمجرد توليهم مناصبهم، يقومون بإتخاذ مجموعة من القرارات، لتغيير المساعدين والمستشاريين، وقيادات الصف الأول والثانى داخل وزارتهم، وهو أمر كفيل بإرباك الأجهزة الحكومية لشهور، ويعطل تنفيذ خطط العمل المطلوب تنفيذها خلال جداول زمنية محددة.
إن الدولة المصرية كلها تعتمد اليوم على وجود شخص رئيس الجمهورية الذي يعادل ما يقوم به بمفرده من جهد وما يخطو به من خطوات يومية أضعاف ما يخطوها البعض في أعوام، وقد ارتكن البعض على ذلك واطمئن وهو الأمر غير المقبول، وعلى الرغم من أننا جميعا نعلم علم اليقين أن هناك وزارات تواجه مشكلات مزمنة، والحقيقة المؤكدة أننا لا يمكن أن نتوقع أن تحل كافة المشكلات المزمنة في قطاعات الدولة جميعها في نفس الوقت. الإ أن المشكلة تكمن في مدى إستعداد هؤلاء الوزارء للتصدي لتلك المشكلات وقدرتهم على مواجهتها.
وعلى سبيل المثال فإن وزارة الصحة التى تواجه أزمة نقص الأدوية والمحاليل بسبب عدم توقع أثار تحرير سعر صرف العملات الأجنبية وتأثير ذلك على شركات الأدوية ونقص الإحتياطيات وكذلك عدم إحكام السيطرة على المتلاعبين مما إلى أدى تفاقم الأزمة بالإضافة إلى مشكلاتها المزمنة مع تطوير المنظومة الطبية لخدمة المواطنين، وفي المقابل تواجه وزارة النقل معوقات كثيرة فى تطبيق الخطط الموضوعة لتطوير قطاعى السكة الحديد ومترو الأنفاق، أما وزارة التعليم فهى الأخرى تواجه العديد من الأزمات، كذلك أيضا وزارة التموين التي تعاني من عدد أخر من أزمات نقص السلع مع إرتفاع الأسعار بشكل هيستيري. إن ما تم تناوله بشكل هامشي ليس تبريرا لهؤلاء الوزراء أو غيرهم، ولكنه عرض لحجم المشكلات الحقيقية التى تمر بها جمهورية مصر العربية فى اللحظة الحالية، وطرق تقييم أداء الوزير.
ومن ثم فإن التعامل مع كل المشكلات لم يعد يحتمل أن يأتى وزير أو مسئول دون أن يجتهد فى تقديم حلول لهذه الأزمات، وليست مجرد حلول تقليدية، بل حلول خارج الصندوق تخفف من أعباء الدولة وتساعد فى إحساس المواطن سريعا بتحسن مستوى الخدمة المقدمة له. إن المواطن المصري البسيط بحاجة ماسة إلى حكومة قادرة على خوض أكثر من معركة فى آن واحد، قادرة على تحقيق آمال وطموحات المواطن البسيط، قادرة على توفير الحياة الكريمة للأسرة المصرية من خلال حلول غير تقليدية للمشكلات، حكومة قادرة على محاربة الفساد والإرتقاء بالأداء الوظيفي، ووقف نزيف إهدار المال العام، حكومة قادرة على إستنهاض همم الشعب المصري من جديد. إن المواطن المصري يحتاج وبحق لمن ينصفه.