4 أسباب تجعل "دير البلح" صداعا في رأس حماس وجيرانها
عاد اسم مدينة "دير البلح" بوسط قطاع غزة إلى الأخبار مجددا، مع الأحداث التي وقعت في سيناء، لتشير إليها الاتهامات، بأنها قد تكون بؤرة تصدير الإرهاب إلى سيناء، خصوصا أنها تشهد تأثيرا كبيرا للسلفية الجهادية، التي بايعت أبوبكر البغدادي أخيرا، وأطلقت على نفسها "الدولة الإسلامية في قطاع غزة"... لكن هناك أربعة أسباب تجعل من "دير البلح" مصدر لقلق حماس وجيرانها أيضا.
صراع في رأس حماس
التوتر بين حماس وأنصار تنظيم "داعش"، الذين يتخذون من دير البلح مقرا أساسيا لهم، بدأ منذ فترة، وزادت حدته في مايو الماضي، عندما قررت حماس، هدم مسجد "المتحابين"، الذي يعد مركزا لتجمع أنصار الدولة.
وكان قرار هدم المسجد بعد الدعاء لزعيم داعش، أبي بكر البغدادي، بالنصر والتمكين بعد صلاة الجمعة، ما أدى إلى استفزاز حماس، واعتقلت العشرات من الجهاديين والسلفيين في المدينة، الأمر الذي دفع التنظيم لإمهال حماس 72 ساعة للإفراج عن معتقليه، وأصدر بيانا رسميا عبر حساباته على التواصل الاجتماعي بذلك.
وبدأت أعمال مضادة لحماس من قبل التنظيم، وتبنوا في أول مايو تفجير قنبلة شمال غزة دون وقوع إصابات. واعتقلت حماس قرابة 25 من أعضاء التنظيم بحسب مصدر سلفي لم يفصح موقع "i24news" الإسرائيلي عنه، وقتها، وتمت مطاردة عدد ماثل من التنظيم. وكان من أبرز المعتقلين عدنان ميط وأبوعبيدة أبوالعطا، وهم من أبرز الشخصيات المعروفة بتأييدها لـ"داعش".
وفي أبريل الماضي، زادت حدة التوتر بين حماس والجماعات الجهادية السلفية، عندما أعلنت الجماعات تأييدها لحملة شنها مسلحو تنظيم "داعش"، على مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في سوريا.
إلا أن النزاع المكشوف بين حماس والجماعات الإسلامية المسلحة في غزة يعود إلى عام 2009، حينما اقتحمت حماس مسجد ابن تيمية، الذي تحصن فيه عناصر جهادية وسلفية، ودارت اشتباكات مسلحة بين الطرفين، أدت إلى مقتل 20 سلفيا، أبرزهم عبداللطيف موسى الشيخ، المعروف في غزة، الذي أعلن قبل الاقتحام بأيام ومن داخل مسجد ابن تيمية عن قيام إمارة إسلامية في القطاع انطلاقا من رفح، بحسب ما ذكرته وكالة "سبوتنيك" الروسية للأنباء.
إعلان الحرب على قيادات حماس
بث المكتب الإعلامي في "ولاية حلب"، التابع لتنظيم داعش، في الأول من يوليو الجاري مقطع فيديو يتوعد فيه حركة حماس بعنوان "رسالة إلى أهلنا في بيت المقدس"، كفر فيه عناصر غزيون من الحركة، واصفا إياها بـ"صحوات الردة". ووصف حماس بأنها حركة "علمانية" وتوعدها ببركة من الدماء.
وقبل نحو شهرين، أعلن تنظيم داعش الحرب بشكل علني على حماس، وشهدت حسابات التواصل الاجتماعي التابعة لأنصار "داعش" نشاطا ملحوظا في هذا الصدد، فجماعة "السلفية الجهادية" بدير البلح أعلنت أن مدير جهاز الاستخبارات العسكرية الحمساوية، جهاد محيسن، على رأس المطلوبين لديها، بسبب مسؤوليته عن اعتقال أعضاء التنظيم، كذلك فضل الجديلي، المدعي العام العسكري بغزة، والمتهم من جانب الجماعات المتشددة بتقديم لوائح اتهام "باطلة" لقادتها، وإعطاء أجهزة الأمن المعنية المصوغ القانوني لاعتقالهم.
"الوقيعة" بين إسرائيل وحماس
وعلى الرغم من أن حماس تقدم نفسها على أنها حركة مقاومة ضد إسرائيل، فإنها اعتقلت أعضاء تابعين لجماعات جهادية وسلفية بسبب إطلاق صواريخ على إسرائيل من داخل غزة، فحماس تبادر بعدم إعلان مسؤوليتها عن الصواريخ، وإسرائيل تعتبر حماس المسؤول الأول عن ذلك.
وتعتبر دير البلح هدفا رئيسيا لإسرائيل، حيث تعتبرها تجمعا وبؤرة خطيرة من بؤر الإرهاب بحسب القناة الثانية الإسرائيلية، وقد شن الطيران الإسرائيلية نهايو مايو الماضي عدة غارات على دير البلح لتدمير قاذفات صواريخ موجودة في المدينة، تستخدمها الجماعات الجهادية لضرب إسرائيل، ونجحت الطائرات في قصف مواقع تابعة لسرايا القدس، التي تعتبر الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، بأربعة صواريخ.
وتنظر القيادة الإسرائيلية العسكرية متمثلة في وزير دفاعها، موشيه يعالون، إلى حماس كونها المسؤولة عن أي هجمات تنطلق من غزة، حتى لو أخلت مسؤوليتها بسبب سيطرتها على القطاع، لذلك تحاول الأخيرة إحباط الجماعات الجهادية، وعدم زيادة نفوذها في دير البلح وغيرها من المناطق التابعة للقطاع، حتى لا تشكل صداعا في رأس حكومة حماس.
مقر معسكرات تدريب الإرهابيين
في تصريح خاص لـ"دوت مصر"، أوضح جهادي سابق يقيم في سيناء، أن مصر يمكنها القضاء على الإرهاب عن طريق التخلص من الأنفاق الممتدة حتى قطاع غزة، ويتم استخدامها في تهريب الأسلحة من وإلى سيناء.
أضاف المصدر أن العمليات الإرهابية الضخمة، التي تتعرض لها قوات الجيش والشرطة في شمال سيناء، مصدرها الأول منطقة "دير البلح" في وسط قطاع غزة، موضحا أن تلك المنطقة يسيطر عليها بشكل كامل، السلفية الجهادية في غزة، التي بايعت أبوبكر البغدادي، ما يسمى بخليفة "داعش"، وأطلقت على نفسها "الدولة الإسلامية في قطاع غزة"، حسب قوله.
هذه التصريحات قد تجد لها صدى من خلال تتبع الدور الذي لعبته معسكرات دير البلح في تصدير المسلحين المدربين عبر حدود غزة، فجماعات "الرايات السوداء"، أو "التكفير والهجرة"، تلقت تدريباتها في معسكرات مختلفة من بينها معسكرات دير البلح، كذلك جماعة التوحيد والجهاد، التي نفذت عملية شرم الشيخ الإرهابية في 2006، وفقا لدراسة حديثة أعدها الخبير الأمني، اللواء محمد هان زاهر، مدير المركز الوطني للدراسات السياسية والإستراتيجية.