في ذكرى تأسيسها.. "حركة النهضة" من قيادة تونس لـ"المعارضة"
"إذا كان نظام زين العابدين بن علي اعترف بالتعددية والديمقراطية وبالأحزاب، بما فيها ?"حركة النهضة"، لما حدث انسداد سياسي وأزمة في المجتمع أدت إلى الانفجار الذي مثلته ثورة الياسمين"، هكذا أكد زعيم الحركة، راشد الغنوشي، في كلمته أمس، السبت، بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ34 لتأسيسها، مشيدا بدورها في الثورة التونسية، التي كانت جسرا عبرت خلاله من صفوف المعارضة إلى القيادة قبل أن تعود إليها من جديد.
من المعارضة
الحركة التي تمثل تيار الإسلام السياسي في تونس، والتي تأسست رسميا في 6 يونيو عام 1981 تحت اسم "الاتجاه الإسلامي"، قبل أن تتحول إلى اسمها الحالي في فبراير 1989، لم يعترف بها كحزب سياسي إلا في 1 مارس 2011، من حكومة محمد الغنوشي المؤقتة، بعد قيام الثورة التي لم تشارك "النهضة" فيها كقيادة، لأن أغلب أعضائها كانوا إما تحت الرقابة أو في المهجر.
مالا يمكن إنكاره أن ما تعرض له أنصار التيار الإسلامي من مظالم نجح في تزايد مشاعر التعاطف تجاههم، والغضب ضد النظام الحاكم، آنذاك، قبل أن تنجح الحركة، من خلال مواقفها، لاسيما ليلة خطاب "أنا فهمتكم" الشهير، أن تضع ساقا في ركاب الثورة، على عكس بعض الأحزاب التي فقدت نسبة كبيرة من مصداقيتها في اليوم نفسه.
نقطة تحول
وبهروب بن علي، خرجت قيادات الحركة إلى النور، بعد أكثر من 20 سنة من التغييب القسري، وهو ما سمح لها فيما بعد بالحصول على ثقة نسبة كبيرة من التونسيين، الذين كانوا يرون القمع المسلط عليهم دون أن يتمكنوا من مساعدتهم خوفا من بطش النظام.
قيادة تونس
وإثر الإعلان عن نتائج انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التونسي، في أكتوبر 2011، فازت حركة النهضة بـ89 مقعدا من أصل 217، أي حوالي 42% من المقاعد، ودخلت في ائتلاف حاكم مع حزبي "المؤتمر من أجل الجمهورية" و"التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات"، وأطلق عليه "الترويكا".
كانت البداية الحقيقية لعملية الانتقال الديمقراطي في تونس مع تولي حكومة "الترويكا" مهامها في ديسمبر من الشهر نفسه، في ظل الرئاسة المؤقتة للمنصف المرزوقي، ولكن بدأت ملامح الأزمة والاختلاف تظهر في سعي "النهضة" إلى السيطرة على جميع مفاصل الدولة وتغيير ملامحها قبل أن تنتهي باستقالة رئيس الوزراء، آنذاك، حمادي الجبالي، إثر اغتيال المعارض اليساري، شكري بلعيد.
عقبات متتالية
بعدها، شكلت حكومة "ترويكا" ثانية برئاسة علي العريض، في مارس 2013، ورافقت العثرات الحكومة الجديدة، التي قوبلت بحركة واسعة من الاحتجاجات والمطالب الاجتماعية، تدخلت قوات الأمن لفضها، تزامنا مع تنامي ظاهرة التطرف بزعامة تنظيم "أنصار الشريعة"، الذي كان يتحرك بشكل شبه علني يقابلة إدانات فقط من حكومة "النهضة" دون موقف حاسم.
وجاء اغتيال المعارض البارز، محمد البراهمي، ليؤجج الغضب الشعبي ضد "النهضة" من جديد، قبل أن يتصدر المشهد حكومة كفاءات مستقلة غير حزبية برئاسة مهدي جمعة، نجحت في تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية.
خسارة مؤلمة
غيرت الانتخابات التشريعية، التي أجريت في أكتوبر الماضي، عقب إقرار دستور 2014، المشهد السياسي التونسي بعد فوز حزب "نداء تونس" بالأغلبية وتراجع "النهضة" إلى المركز الثاني، ما أتاح للحزب الفائز تشكيل الحكومة والسيطرة أكثر على الواقع السياسي للبلاد، لتعود "حركة النهضة" إلى صفوف المعارضة من جديد.
من المعارضة وإلى المعارضة نعود
"النهضة" لم تشارك في الانتخابات الرئاسية التونسية 2014، ولم تدعم أي مرشح في الدورة الأولى، وكذلك بقيت على الحياد في الدورة الثانية بين المرشحين الاثنين، المنصف المرزوقي، والباجي قائد السبسي، حيث فاز الأخير بمنصب الرئيس.
وكما دخل الحزب إلى مجلس نواب الشعب - شارك بعد شد وجذب - في الائتلاف الحاكم ضمن حكومة الحبيب الصيد، ولكن بوزير و3 كتاب دولة فقط.
نصائح ودعم للحكومة
وخلال الندوة التي نظمتها في ذكرى تأسيسها، أمس السبت، تحت عنوان "حركة النهضة أفكار ومؤسسات"، أكد رئيس "النهضة" دعمه حكومة الحبيب الصيد، قائلا: "نقف اليوم في الصف الأول المدافع عن الدولة، بعد أن كانت من أوائل من قاوم النظام السابق وساهموا في إسقاطه، وندعو الحكومة الحالية أن تصغي إلى الشباب وتهتم به، وأن تنصت إلى مشاغله وأن ا تخاطبه بخطاب القمع بل بخطاب الرشد والحكمة".