التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 07:07 م , بتوقيت القاهرة

ولاية البشير الجديدة.. هل يستمر مسلسل نزيف الدماء؟

لم يكن سكان قرية "حوش بنقا" في الولاية الشمالية بالسودان، يعلمون أن الصرخات للطفل "عمر البشير"، في الأول من يناير 1944، تبشر بحاكم عسكري سيبكي السودان دما على أولاده الذين قتلوا في حروب متفرقة، طيلة 26 عاما حكم خلالها البلاد.

نُصب عمر البشير، اليوم الثلاثاء، رئيسا للسودان لولاية خامسة على التوالي، رغم كونه واحدا من المطلوبين دوليا، بعد مذكرة اعتقال أصدرتها المحكمة الدولية في حقه 2009، على خلفية ارتكابه جرائم حرب.

تاريخ عسكري طويل تمرس خلاله الرئيس السوداني في فن القتال، منذ التحاقه، ستينات القرن الماضي، بالكلية الحربية، وتدرجه في وظائف القوات المسلحة، إلى أن أصبح قائدا للعمليات العسكرية في جنوب السودان، الذي خاض حربا أهليا ضد حكومة الشمال استمرت قرابة نصف القرن، إلى أن قرر أبناؤه الانفصال مطلع  يناير 2011.

وصل البشير إلى قصر الرئاسة بالخرطوم على دبابة حكم بها السودان طيلة 26 عاما، بعد انقلاب عسكري مدعوم من الحركات الإسلامية، أطاح فيه بحكومة الصادق المهدي في يونيو 1989، وسط حصار دولي تزايد في منتصف التسعينات للحكومة الإسلامية في السودان، والتي صنفها المجتمع الدولي "إحدى الدول الراعية للإرهاب في العالم".

بدأ البشير حكمه بمجزرة تاريخية تعرف باسم "شهداء رمضان"، وصفت بأنها الأكثر إجراما في تاريخ العسكرية السودانية، بعد أن أودت بحياة 28 ضابطا من القوات المسلحة، حاولوا إلغاء كافة المراسم العسكرية التي أصدرها نظام البشير، وإعادة الحياة المدنية للبلاده مرة أخرى، وفقا لماذكره موقع "سودانيز أون لاين". 

تطورت أحداث مسلسل الدماء لتأخذ بعدا إقليميا، عبر استضافة السودان لعناصر تابعة لتنظيم "القاعدة" المطلوب دوليا، وعلى رأسهم زعيم التنظيم أسامة بن لادن، في تسعينات القرن الماضي، مما وسع النشاط الإرهابي للدولة، وفقا لما ذكرته منظمة دولية أوصت بفرض عقوبات على السودان من قبل المجتمع الدولي، مازالت سارية حتي يومنا هذا.

مثلت قضية دارفور نقطة فاصلة في تاريخ نظام البشير الدموي المتهم دوليا، وفقا لماذكرته منظمات دولية تابعة للأمم المتحدة، بقتل 300 ألف قتيل، إضافة إلى تشريد 3 ملايين شخص من أبناء الإقليم، معظمهم من الأطفال والنساء، وفقا لإحصائات صادرة عن الأمم المتحدة. 

وتصاعدت حدة العنف وعمليات التطهير العرقي في دارفور عاما بعد عاما، وتصاعدت معها استغثات أبناء الإقليم للمجتمع الدولي، لإيقاف جرائم الحرب التي ترتكب في حقهم، حتى أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق الرئيس السوداني في مارس 2009.

حشد نظام البشير الملايين للقتال في جنوب السودان ضد قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان، إلى أن توصل لاتفاق سلام في 2005، عبر اتفافية نيفاشا، التي كانت أول مسمار في نعش استقرار الدولة السودانية، حيث أعطت الاتفاقية حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان، الذي انفصل في مطلع يناير 2011، وحمل السودانيون البشير مسؤولية انفصال الجنوب، عبر سياسية حكومته الإقصائية.


حكم البشير السودان بقضبة أمنية من الحديد والنار، فقد سن بدايته عهده قانونا عرف بـ"الصالح العام"، أعطى الحق للحكومة للاستغناء عن خدمات أي موظف في الدولة يعارض سياسيتها.

وشهدت فترة حكمه نزوح العديد من الناشطين إلى الخارج، وتضيقا كبيرا على الحريات العامة والصحفية.

ووفقا لماذكره تقرير منظمة "العفو الدولية" الصادر في 2014، فقد بلغ آخر عدد لمعتلقي البشير في العام الماضي قرابة 70 شخصا، إضافة لآلاف المختطفيين والمفقودين في عهد.


تتزايد مشاهد سيناريو الدماء مأسوية في السودان؛ فالبشير أدى القسم اليوم رئسيا للسودان لولاية ستستمر 5 أعوام جديدة، وسط مقاطعة واسعة من كافة فصائل المعارضة المسلحة والأحزاب السياسية، التي لم يبق لها النظام سبيلا إلا رفع السلاح واستنزاف مزيد من الدماء.