التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 09:28 ص , بتوقيت القاهرة

66 عاما من جلاء الإيطاليين.. وليبيا لازالت محتلة

في مثل هذا اليوم من عام 1949 شهدت ليبيا حدثا فاصلا في تاريخها، حينما أعلن محمد إدريس السنوسي، من قصر المنار في بنغازي، استقلال "دولة برقة" عن الاستعمار الإيطالي، الذي وقع عليها عام 1911، بعد مشاركة جيشه إلى جانب قوات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، والتي انتهت بهزيمة الإيطاليين والألمان، فكان ذلك بداية النهاية للوجود الإيطالي في ليبيا.


ومع مرور الذكرى الـ66 لجلاء الإيطاليين من البلاد، لازالت ليبيا خاضعة للاحتلال، ولكن من نوع جديد، حيث تعيش حالة من الفوضى الأمنية، بسبب سيطرة عناصر تنظيم (داعش) على 3 مدن بالبلاد، هي درنة وسرت وبنغازي، ضمن إقليم برقة ذاته.



البداية


كانت إيطاليا آخر الدول الأوروبية التي دخلت مجال التوسع الاستعماري، وكانت ليبيا، عند نهاية القرن التاسع عشر، هي الجزء الوحيد من الوطن العربي في شمال أفريقيا الذي لم يتمكن الأوروبيون من الاستيلاء عليه، ولقرب ليبيا من إيطاليا جعلها هدفا رئيسا من أهداف السياسة الاستعمارية الإيطالية.


وفي 27 سبتمبر 1911، وجهت إيطاليا إنذارا إلى الدولة العثمانية تأخذ عليها فيه انها أهملت شأن ليبيا واتهمتها بأنها تحرض الليبيين على الرعايا الإيطاليين وتضطهدهم، وقبل الموعد المحدد لانتهاء أجل الإنذار، كانت السفن الحربية الإيطالية في مياه طرابلس.


وأعلنت الحرب على تركيا في 29 سبتمبر 1911، وبدأت الحرب العثمانية الإيطالية التي انتهت باستيلاء على طرابلس في 3 أكتوبر من السنة نفسها.


مقاومة مستمرة


القوات الليبية والعثمانية قاومت الإيطاليين لفترة قصيرة، ولكن تركيا تنازلت عن ليبيا لإيطاليا بمقتضى معاهدة أوشي التي أبرمت بين الدولتين في 18 أكتوبر 1912، حين أدرك الليبيون أن عليهم أن ينظموا صفوفهم ويتولوا بأنفسهم أمر المقاومة والجهاد ضد المستعمر.


في الحرب العالمية الأولى


ولما دخلت إيطاليا الحرب العالمية الأولى 1915، انضم أحمد الشريف السنوسي، الذي كان يقود المقاومة الليبية ضد إيطاليا إلى جانب تركيا ضد الحلفاء، ومن بينهم روما، ولكن بعد هزيمة قواته تنازل عن الزعامة لإدريس السنوسي وقاد الجهاد نيابة عنه في منطقة الجبل الأخضر عمر المختار، وفي طرابلس سليمان باشا الباروني ومجموعة من المجاهدين.


وفي الثانية


وعندما قامت الحرب العالمية الثانية، رآها الليبيون فرصة يجب استغلالها من أجل تحرير ليبيا، فلما دخلت إيطاليا الحرب 1940 ضمن فريق "المحور"، انضم الليبيون إلى جانب صفوف "الحلفاء"، بعد أن تعهدت بريطانيا صراحة بأنه عندما تضع الحرب أوزارها فإن ليبيا لن تعود بأي حال من الأحوال تحت السيطرة الإيطالية.


ورغم انتهاء الحرب بهزيمة إيطاليا، نقضت بريطانيا عهدها، ورفضت مطالب الليبيين بأن تكون السيادة على ليبيا لأهلها، وصممت إلى جانب فرنسا على حكم ليبيا حتى تتم التسوية مع إيطاليا.


ومن هنا، أصبحت هاتان الدولتان تتحكمان في مصير ليبيا ضد رغبات الشعب الليبي، وبعد كثير من المفاوضات، تم الاتفاق على منح برقة استقلالها في 1 يونيو 1949 والذي اعترف به الإنجليز، إلا أن إصرار الليبيين على استقلال ليبيا بالكامل، ضمن لقضيتهم مكانا في جداول أعمال المؤتمرات التي عقدتها الدول الكبرى بعد الحرب العالمية الثانية، وكذلك الأمم المتحدة.


استقلال برقة


وبالفعل، وبعد جلاء الإيطاليين عن ليبيا، تم إعلان استقلال ولاية برقة في الأول من يونيو 1949، وفي أكتوبر من العام نفسه، تم الإعلان الدستورى لبرقة، وكنتيجة له صدر قانون الانتخابات، وشهدت الولاية أول انتخابات عامة حرة فى 5 يونيو 1950 لانتخاب أول برلمان.


مرحلة جديدة


بعدها، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 21 نوفمبر 1949 قرار استقلال ليبيا عن السيادة الإيطالية، الذى اقترحته وفود الهند والعراق وباكستان والولايات المتحدة، حيث نتج القرار بأغلبية 48 صوتا ضد صوت واحد وغياب 9 أصوات، ونجح القرار بأن تصبح ولايات طرابلس وبرقة وفزان دولة مستقلة ذات سيادة، وألا يتأخر تطبيق القرار عن 1 يناير 1952.


الاستقلال


وقبل أسبوع من الموعد المحدد، أعلن استقلال ليبيا فى 24 ديسمبر 1951، وأصبح الدستور معدا للتنفيذ، كما تولت الحكومة المؤقتة البلاد وأصبح الدستور جاهزا للتنفيذ.


واستمر العمل بالحكومة الفيدرالية إلى أن اقترح تغيير النظام الفيدرالى بنظام جمهورى، واستمر العمل على الاصلاحات الدستورية منذ سنة 1955 فى هذا المضمار، حتى أعلن النظام الجمهورى فى سنة 1963، وأصبحت ليبيا دولة واحدة موحدة بحكومة واحدة وبرلمان واحد بدل 3 حكومات ولائية وحكومة فيدرالية.


ليبيا الآن


ومنذ الإطاحة بالزعيم الليبي الراحل، معمر القذافي، في عام 2011، تشهد ليبيا اضطرابات أمنية، بسبب انتشار السلاح وتشكيل ميليشيات تتمتع بالقوة ولا تخضع لأوامر السلطة الوليدة.


فيما تتصارع على السلطة حكومتان هما: الحكومة الموقتة، التي يقودها عبدالله الثني المنبثقة عن مجلس النواب في طبرق (شرق)، وحكومة الإنقاذ المنبثقة عن المؤتمر الوطني التي يقودها عمر الحاسي ومقرها طرابلس (غرب)، ما ترك الباب مفتوحا لتنظيم "داعش" ليسيطر على 3 مدن في شرق البلاد.