التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 05:56 م , بتوقيت القاهرة

اغتصاب في التربية والتعليم!

الفضيحة كانت ملء السمع والبصر الأسبوع الماضي، الفضيحة هنا ليست فضيحة المُراقِبة التي حاول الطلبة اغتصابها، بل فضيحة المجتمع الذي تُغتصب فيه النساء المُعلمات أثناء تأدية عملهن!

خرجت المراقِبة لتقول إنها لم تتعرض للاغتصاب، وإنما للتحرش!، من أكثر من خمسة عشر طالبًا، حتى أنقذها زميل لها، جاء من الدور الأرضيّ وصعد لينقذها من براثن الطلبة البلطجية! الحادثة مهزلة بكل المقاييس، طلبة تتحرش أي تنتهك عرض أي تشرع في اغتصاب معلمة، رأوا أن تلك هي الطريقة التي تشفي غليلهم منها بسبب منعهم من الغش أثناء الامتحان! وأي امتحان؟ مادة الدين!

هذا هو المجتمع الذي نعيش فيه، المجتمع الذي يتشدق كل مُتاجر فيه بالدفاع عن "الدين"، المجتمع الذي وصل إلى أدنى درجات انحطاطه بلا أي مواربة، المجتمع الذي لا تستطيع فيه المرأة السير في الشارع بسبب انحطاط أخلاق أفراده؛ فيتم تحميلها السبب وراء هذا الانحطاط باعتبار مظهرها هو المحرض، فتدفع الثمن مرتين وتتعرض للظلم مرتين وبمباركة الجميع، بعد أن تحصل ضمائرهم على المسكنات اللازمة.

المجتمع نفسه الذي أصبحت المعلمة فيه لا تأمن على نفسها وسط طلابها، بشكل مباشر لأن هؤلاء الطلاب هم نتاج المعادلة التي تعتبر المرأة جسدا ليس إلا، وأن إهانتها وقت الحاجة تتلخص في انتهاك هذا الجسد، المجتمع الذي يبيح للرجل انتهاك أي أنثى لا تخصه باعتبارها مشاعا،المجتمع الذي يتساهل مع جرائم التحرش وهتك العرض والاغتصاب، لأن في وعيه غير المُعلن يُحمّل المرأة مسؤولية تلك الجرائم، المجتمع الذي يتجاهل جرائم زنا المحارم؛ وكأنّ تجاهلها سيجعلها تختفي، المجتمع الذي تنحط أخلاق طلابه فلا أسرة تربى ولا مدرسة تربي وتعلم ولا نماذج يحتذى بها.

هؤلاء الطلبة المجرمون بكل تأكيد، تتجسد فيهم أخلاق المجتمع المصري في هذه اللحظة. لا أخلاق ولا علم ولا "خشى"، الطلبة الذين تم حرمانهم من الامتحانات، والموظفون الذين حصلوا على جزاءات، لن يكونوا نهاية مطاف هذه الجرائم التي بالتأكيد يوجد غيرها لكننا لا نعلم عنها شيئًا، كل ما في الأمر أن هذه الحادثة وجدت طريقها للإعلام،.

وبرغم ذلك خرجت المراقِبة لتنفي تعرضها للاغتصاب كما ذكر الإعلام، وأنها تعرّضت للتحرش من الطلبة الذين تكاثروا عليها ولم تستطع دفعهم عنها حتى أنقذها زميلها، وما لم تذكره حفظًا لما تبقى من سمعتها هو أنها كانت ستصبح بالتأكيد ضحية اغتصاب لولا تدخل زميلها، في وقت تخاذل فيه الباقون خوفًا من الطلبة المعروفين ببلطجتهم.

أما "التربية والتعليم" فقررت تطبيق أقصى العقوبات المقررة لديها بعد أن أصبح الأمر فضيحة مدوية، ثم تكريم المراقبة! وذلك إن تم بالطبع فسيفصح عن شخصيتها التي تحرص على إخفائها وهو حقها.

المصيبة أكبر من الحادثة والعقوبة والتكريم، المصيبة أن هذا حدث بالفعل، على عينك يا تاجر، جهارًا نهارًا، إن لم ينتفض المجتمع "بجد" لبحث الأسباب، والإسراع بالحلول، قولوا على مصر وقتها يا رحمن يا رحيم.