التوقيت الثلاثاء، 05 نوفمبر 2024
التوقيت 12:40 م , بتوقيت القاهرة

بركات الحاج محمد

قالت له مستشارته وذراعه اليمين: والله يا حاج ( هكذا ينادونه) كان الإخوان بيحبوك ويدعموك في الانتخابات، أنت مش فاكر كانوا بيقولوا عليك بتاع ربنا. ابتسم الحاج بأريحية.


كانت السيدة التي لا تعرف في حياتها الصحفية غيره، تحاول باستماتة بناء شرعية جديدة له ولها في عهد الإخوان. من المؤكد أن هذا ما دفعها ودفعه لأن يكون الوحيد تقريبًا من بين رجال الأعمال الذي نشر إعلانًا ضخمًا في صحيفة الأهرام الحكومية، يُهنئ فيه الرئيس مرسي.


أتذكر نقاشًا حاميًا دار مع المستشارة تتحفظ فيه على نشر خبر عن استعدادات أمنية كبيرة لحراسة ابن مرسي أثناء خوضه الامتحان  في إحدى الكليات. تحفّظت أيضًا على  نشر خبر عادي عن خيرت الشاطر. طلبت وقف نشر مقالات لكتاب كبار منهم صديقي محمد حمدي رحمه الله ومدحت قلادة رئيس اتحاد المنظمات القبطية في أوروبا. كانت تصرخ عندما أنشر أخبار الدم الذي يسيل في الشوارع ومسؤول عنه الإخوان. فقد قرروا أن يكونوا أداة في يد من يناصبونهم العداء الآن.


سعى الرجل بكل قوته لبناء علاقات مع الإخوان وحلفائهم. فقد استضاف مؤتمرًا على نفقته للسلفيين وبعض الإخوان في فندقه . عقد لهم ندوات في الجمعية التي يترأسها في العاشر من رمضان. عقد مؤتمرًا حاول فيه أن يجمع كل سفراء أجانب لدعم الرئيس المرسي، الرئيس الشرعي. هذا غير أنه سخّر قنواته وما يملكه من صحف ومواقع إلكترونية لصالح هذه "الشرعية الجديدة". قاتلت مستشارته  لكي يكون أحد قيادات حزب الوسط مذيعًا في قناتهم. لكن يبدو أن الرجل نفسه لم يكن متحمسًا، رغم أنه كان يعمل لدى (الحاج) مستشارًا قانونيًا قبل وبعد ثورة يناير.


من المهم أن أقول لك إن هذا الرجل حسبما سمعت، دفع مليون جنيه دعمًا لحملة الفريق أحمد شفيق ودفع مليونا آخر لحملة الدكتور محمد مرسي. فقد كان يريد أن يفتح جسورًا مع أي من كان. 


فمن  هو هذا الرجل؟ 


هو ذاته الذي كان يطالب بدعم المشير طنطاوي والمجلس العسكري بالحق وبالباطل. والحقيقة أنه تم حمايته وحماية أعماله بشكل أو بآخر. كما أنه لم يتعرض لضرر حقيقي في عهد الإخوان، فقط مناوشات تمت السيطرة عليها. هو نفسه الذي كان قيادة كبرى في الحزب الوطني المأسوف عليه. ظل عضو برلمان ورئيس لجنة "ليها شنة ورنة" في مجلس الشعب. وكما يمكنك أن تتوقع، فقد حصل على مزايا لا أول لها ولا آخر جعلته في صدارة الأكثر ثراءً في بلدنا الميمون. 


هل يهم اسم هذا الرجل؟


بالطبع لا. فالمهم هو أنه مثل كثيرين غيره نفذوا ونجحوا مع  كل الأنظمة. فالرجل الذي يرافق الرئيس في رحلاته، مثلما كان يرافق مبارك، ومثلما سعى لأن يرافق مرسي لكن الوقت لم يسعفه. فهو نموذج موجود بدرجات مختلفة وبأشكال مختلفة في كل مكان في بلدنا. فليس مهما اسم الشخص.


إذن ما هو المهم؟


المهم هو أن تعرف هذه النماذج، في البيزنس وفي مؤسسات الدولة والصحافة والإعلام وفي كل مكان. ألا تجعلهم يخدعونك بأن قلبهم على البلد، وأن تحاول مثلي أن تنتبه بأنهم لا يفعلون أي شيء لوجه الوطن، ولكن من أجل أنفسهم فقط. فهم مستعدون لفعل أي شيء لكي تزيد أرصدتهم في بنوك الداخل والخارج، وأن يظلوا في دائرة الضوء، دائرة الدفاع المستميت عن مصالحهم.


متى ينتهي هؤلاء؟


أولاً هم ظهروا في بلدنا منذ عقود وعقود. فلكي تحصل على شيء، مال أو شهرة، لابد أن يكون مرضي عنك من السلطة الحاكمة. وعلى حسب درجة الرضى وما تقدمه يغمرك الخير الوفير. بعد ثورة يناير المجيدة حلمت وحلم غيري أن مثل هؤلاء سوف يختفون،  لأن المكان والمكانة تصنعها كفاءتك وعملك وتعبك وليس أي شيء آخر.


هذه النماذج للأسف لا تتمتع بالكفاءة أو الموهبة التي تؤهلها لما حصلت عليه. وبالطبع عطلت فرص من هم أكفأ منهم وأكثر موهبة. ففي البلاد الديكتاتورية هؤلاء يأخذون كل شيء، المال والسلطة. وفي البلاد الحرة من المستحيل أن تجدهم. 


لكن يبدو أن أمامنا مشوارا طويلا حتى يتساوى ابن الزبال مع "البهوات والباشوات" . أصحاب السلطة والثروة.