حزب الله والحرب السورية.. مؤشرات انكسار أم أوراق قوة؟
ما الذي تحمله التصريحات الأخيرة لنائب الأمين العام لحزب الله اللبناني، نعيم قاسم، حول ضرورة تقديم تنازلات مؤلمة في سوريا للوصول إلى حل سياسي.
يفتح التصريح باب التساؤلات عن الوضع الحالي للحزب، إذا ما اعتبر جزء من المعادلة الإقليمية، وعن اتجاه الخطوة القادمة، الاستمرار في الحرب السورية، دفاعا عن المقاومة ودحرا للمؤامرة على حد وصف الحزب؟، أم الانسحاب إلى خطوط المواجهة مع إسرائيل وإعادة قواعد الاشتباك إلى سابق عهدها.
عبر متابعة التحركات الدولية والإقليمية، خصوصا فيما يجري داخل لبنان، يمكن التخمين بأن هذا الحراك ينبئ بتحول كبير، مع نفي الجزم بذلك، نحو مقايضة إقليمية أو ما يمكن اعتباره تسوية تشترك فيها إيران كلاعب رئيس في أي حل بسوريا، في وقت يستنتج فيه اعتقاد جميع الأطراف بعدم وجود حل عسكري حاسم لهذا الوضع.
كلام واضح
تقول مصادر مطلعة في حزب الله لـ"دوت مصر" من لبنان، إن كلام نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم كان واضحا، وهو حل سياسي بين الأطراف في سوريا "نحن متفقون على أن الحل في سوريا يجب أن يكون سياسي، وإذا كان هناك حل سياسي، فذلك يشمل جميع الأطراف إذا كانت إقليمية أو محلية".
وأشار المصدر، إلى نقطة هامة حول دور حزب الله في أي عملية التسوية وبقاء مقاتليه في سوريا بالقول: بطبيعة الحال عندما يكون هناك حل سياسي سينشأ عنه حل يرضي جميع الأطراف.
معتبرا أن ما يدور حول تسوية سياسية ليس مرتبط بوجود حزب الله داخل سوريا.
ويضيف المصدر: بطبيعة الحال دائما كنا نرحب بالحل السياسي وكان ذلك مطلبنا ودائما قلنا أنه لصالح السوريين، حتى الأمم المتحدة تعتقد أن الحل السياسي هو السبيل الوحيد في سوريا.
إشارات انكسار
في الاتجاه المقابل، يقول المنسق العام لقوى 14 آذار، فارس سعيد، لـ"دوت مصر": إن سياق التصريحات الصادرة من حزب الله وتحركاته نحو الحدود الشرقية والشمالية من لبنان هي إشارات تعب الحزب من المعارك في سوريا.
ويضيف فارس سعيد: عندما تدخلت الميليشيات العسكرية من العراق وإيران ولبنان في سوريا، ظنوا أنهم سينقذون النظام، ولكن عندما انتقلت المعارك إلى خارج سوريا، بدأ حزب الله يرسم (إشارات التعب)، وكلام نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، حول ضرورة تقديم تنازلات مؤلمة في سوريا، يؤشر على قناعة تامة بأن لا حلول عسكرية.
من جانبه يقول النائب اللبناني، والوزير السابق، أحمد فتفت، لـ"دوت مصر": بات من الواضح أن حزب الله سيضطر لتقديم تنازلات نتيجة لتطورات الوضع الميداني في الآونة الأخيرة بسوريا، وتزايد أعداد قتلاه، والخسائر التي مني بها.
ويتابع النائب فتفت: هناك معلومات بأن إيران أرسلت قوات لتحل محل حزب الله في سوريا، هذا يعني أن حزب الله يراجع مواقفه بشكل جدي نتيجة الضغط في سوريا، كنا نقول منذ البداية بأن حزب الله لا يستطيع أن ينتصر ضد الشعب السوري.
يتحدث الوزير السابق أحمد فتفت بوجود تململ داخل الحزب من وضعه بسوريا: الدليل على ذلك زيارة الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، لقواته في البقاع التي أصيبت بنكسات متتالية، لكن هل هذا سيدفعهم للعودة والتنازل؟ لا أعتقد أننا وصلنا لهذا القرار، ذلك مرهون بإيران لأن لا قرار إلا لإيران.
وفي الآونة الأخيرة تزايدت الهجمات على مواقع حزب الله ليس في مناطق القلمون (داخل الحدود السورية) بل تعدتها إلى جرود عرسال والبقاع وبريتال، حيث سقط عدد من مقاتلي الحزب في هجمات شنها مقاتلو المعارضة السورية وتنظيم جبهة النصرة التابع لتنظيم القاعدة.
تسوية اقليمية
يقول الصحفي والمحلل السياسي اللبناني، علي الأمين: لا شك أن إيران وحزب الله التزما مبدئيا بالدفاع عن النظام السوري، دائما ما طرحا فكرة تسوية داخل سوريا بين المعارضة والنظام، لكن هذه الدعوة للتسوية كان الطرف الآخر يقابلها بموقف إبعاد دور إيران من أي تسوية، وهذا ما عبر عنه مؤتمر جنيف، فالمعارضة تعتبر أن إيران دائما هي سبب الأزمة القائمة.
يضيف الأمين: أعتقد أن حزب الله وموقف نعيم القاسم يعكس الانسجام مع الموقف الأمريكي الذي بات واضحا في الحوار الأمريكي التركي والسجال القائم داخل التحالف الدولي، بأن مسألة إسقاط نظام الأسد ليست مسألة أساسية في البرنامج الأمريكي، لاحظنا عدم الاستجابة للشروط التركية (إسقاط نظام الأسد، الحفاظ على وحدة سوريا، إقامة منطقة عازلة) للتدخل في سوريا، كما لاحظنا أن الموقف الأمريكي أكثر انسجاما مع التحذيرات الإيرانية للتدخل التركي في سوريا".
ويتابع: نتيجة لذلك الموقف، يدفع حزب الله لطرح موضوع التسوية والتنازلات المؤلمة، قد يكون هناك موقف أمريكي يدفع لحظوظ أكبر لإيران بأن تكون طرفا في هذه التسوية ولاعبا يعترف به الأمريكيون، أما حزب الله لن ينسحب من سوريا في حال عدم وجود تسوية إقليمية، وهذا أمر أعلن بشكل واضح، والمعطيات تدل على ذلك، نحن في لحظة تقترب من الحسم، وهذه اللحظة تفترض التمسك بأوراق القوة، انسحاب حزب الله سيكون خسارة كبيرة له.
ما الذي يدفع الحزب للخروج؟
يشير الأمين إلى دور الضغوط في إجبار حزب الله للخروج من سوريا بالقول: رغم أن عدد قتلى حزب الله في سوريا بلغ 850 مقاتلا، والجرحى مابين 2000 إلى 3000 شخص، بينهم 400 حالة إعاقة دائمة، لكن حتى الآن لا يمكن القول إن هناك ضغوطا على حزب الله للانسحاب لسببين:
الأول: جعل المسألة ذات بعد مذهبي، وهي ذات تأثير كبير في التعبئة الداخلية والحزبية، ما ساعد على تماسك البيئة تحت ضغط خطر الخوف والوجود.
الثاني: الحزب استطاع أن يروج أن هذه الحرب تستهدف الأقليات في لبنان، وهناك دلالات تشير إلى حدوث ذلك في العراق، ما جعل بعض هذه الفئات ينظر لحزب الله باعتباره المدفاع عنهم في سوريا.