صور | إسرائيل تحتفل بعيد توحيد شطري "ما لا تملكه"
التاريخ طويل كان "التاريخ" في مهب التزييف والتحريف الإسرائيلي، بل أصبح سلاحا من أهم أسلحة زرع الطابع اليهودي في أرض الهوية العربية، فمنذ أن قامت إسرائيل باحتلال مدينة القدس عام 1967، وهي تسخر عتادها المالي والسياسي لتبني وجهات نظرها في صراعها المستمر مع الفلسطينيين منذ عقود عدة، وإن كلف الأمر قلب الحقائق أو تزييفها.
تحتفل إسرائيل، اليوم الأحد، بالذكرى الـ48 لما تسميه "عيد تحرير شطري القدس"، ونشرت صفحة "إسرائيل تتكلم العربية" الرسمية لدولة إسرائيل، منشورا لتهنئة مواطنيها بهذا العيد، شمل العديد من المغالطات التاريخية التي نرصدها من خلال هذا التقرير.
ادعاء الملكية
تزعم إسرائيل، بحسب صفحة "إسرائيل تتكلم العربية"، أن القدس عاصمة إسرائيلية تاريخيا، "فهي مركز التأريخ اليهودي والرمز لمجد الآباء والأجداد وللنهضة الروحية وإعادة بناء الحياة القومية في العصر الحديث"، الأمر الذي يؤكد ادعاء إسرائيل لملكية القدس وهو أمر يمكن أن يكون صحيح جغرافيا في إطار احتلال إسرائيل للقدس لكنه باطل تاريخيا.
فعروبة القدس، تظهر جلية في كافة كتب التاريخ، حين بدأت أولى الهجرات البشرية الهامة إلى فلسطين في بداية الألف الثالثة قبل الميلاد، وهي هجرة الكنعانيين، ,وهم قبيلة عربية كانت قد نزحت الى فلسطين من شبه جزيرة العرب، وبعد فترة أصبحت هناك ثلاث لغات الكنعانية والآرامية -لغة المسيح عليه السلام- والعربية..
وبعد أن أصدرت هيئة الأمم المتحدة، بتقسيم فلسطين في سنة 1947، نصّت على وجوب تدويل القدس تحت إشرافها ورقابتها، وقد سارع القادة اليهود إلى قبول هذا الأمر نظرًا لأنه يحقق مطامحهم في إقامة دولة لهم، وقد أدى ذلك إلى تفجُر الاضطرابات بين المواطنين العرب العزل من السلاح، وغير المدرَّبين عسكرياً من ناحية، وبين العصابات الصهيونية المسلحة، لتحتل إسرائيل القسم الغربي من القدس، فيما سيطر الأردن على القسم الشرقي، واعتبرت معظم الدول أن وضع القدس ينبغي أن يحدد كما ورد في قرار التقسيم، لذا فإن أغلبها لا يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
عيد "توحيد شطري ما لا تملكه"
تقول إسرائيل، بحسب صفحتها على "فيس بوك"، أن اليوم الأحد، يصادف ذكرى توحيدها لشطري القدس، فكيف توحد إسرائيل شطري مدينة وهي من الأساس لا تملكها؟.
ففي عام 1967، أقدمت الحكومة الإسرائيلية بعد الحرب التي اندلعت بين الجيوش العربية "مصر وسوريا والأردن" وجيش إسرائيل، على احتلال القدس الشرقية التي كانت تتبع الأردن، وألحقتها بإسرائيل واعتبرتها جزءاً لا يتجزأ منها.
اليهودية ..ديانة أم دولة؟
يُركز القوميون الإسرائيليون على الحقبة التاريخية التي استوطن فيها بنو إسرائيل أرض فلسطين ويزعمون بأن جميع يهود العالم اليوم ينحدرون من أولئك القوم مما يدعم قضيتهم الهادفة إلى توطين يهود العالم في فلسطين ويعزز من موقفهم أمام الشعوب المختلفة، حيث يُظهرون أنهم الورثة الشرعيين للمدينة والبلاد ككل.
حيث اعتمدت صفحة "إسرائيل تتحدث العربية"، على وجود النبي داوود عليه السلام في القدس، وقيامه بتحويلها إلى ممكلة لقومه، لتؤكد أن إسرائيل هي دولة اليهود منذ قديم الأزل.
من دولة احتلال إلى محتلة
أغفلت إسرائيل، جانب هام من التاريخ، فبعيدا عن زعمها ملكيتها للقدس، تناست بدء هجرات اليهود من شتى دول العالم إلى القدس العربية، فحين سقطت القدس بيد الجيش البريطاني بقيادة الفريق أول إدموند ألنبي في سنة 1917، بعد أن تقهقر الجيش العثماني مهزومًا أمامهم، وفي سنة 1922 منحت عصبة الأمم بريطانيا حق الانتداب على فلسطين وإمارة شرق الأردن والعراق، وأصبحت القدس عاصمة فلسطين تحت الانتداب البريطاني.
ودخلت القدس، في عهد جديد كان من أبرز سماته زيادة أعداد المهاجرين اليهود إليها خاصة بعد وعد بلفور الذي أبرمته حكومة المملكة المتحدة مع ممثل الحركة الصهيونية، ثيودور هرتزل، وقد أظهرت بعض إحصائيات تلك الفترة أن عدد سكان المدينة ارتفع من 52,000 نسمة عام 1922 إلى 165,000 نسمة عام 1948 بفعل هجرة اليهود.
كما تزعم إسرائيل، بحسب صفحتها، إن أرض إسرائيل يهودية الهوية منذ أكثر من 3000 سنة، ولم تعرف للعرب وجودا إلا فى زمن الاحتلال العربى والغزو الإسلامى، حيث جاءوا هذه الأرض فارضين عليها سيطرتهم واستيطانهم.
وتؤكد إسرائيل دائما، أن القدس هي أرض إسرائيلية منذ نشأتها معتبرة أي احتلال لها عبر التاريخ سواء من قبل الصليبيين وصولا للاحتلال البريطاني، هو احتلال لدولة إسرائيل، متجاهلة عروبة القدس.
وتحتفل إسرائيل الأحد بالذكرى الثامنة والأربعين لاحتلال وضم القدس الشرقية المحتلة عام 1967، ومن المفترض أن يشارك آلاف الإسرائيليين في "مسيرة الأعلام" في المدينة، وستمر عبر البلدة القديمة وصولا إلى حائط المبكى.
ونشرت الشرطة الإسرائيلية تعزيزات مؤلفة من عدد كبير من رجال الشرطة بالزي المدني والشرطي في شوارع المدينة، بحسب بيان، وحذرت بأن "قوات الأمن لن تتسامح مطلقا مع أي عنف جسدي أو لفظي" في التظاهرة.
ومن المتوقع أن يشارك رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو والرئيس رؤوفين ريفلين مساء الأحد في حفل رسمي سيعقد في "تلة الذخيرة" وهو نصب تذكاري عسكري في القدس الشرقية المحتلة.