التوقيت الإثنين، 25 نوفمبر 2024
التوقيت 06:47 م , بتوقيت القاهرة

العراق يعدل بوصلته إلى روسيا بعد "العشاء الأخير" في واشنطن

في 14 أبريل الماضي، وصل رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، إلى واشنطن، في زيارة رسمية على رأس وفد حكومي، طلبا للسلاح والمزيد من الإمدادات قبل معركتي الأنبار والموصل في مواجهة "داعش"، إلا أنه عاد إلى بلاده "خالي الوفاض"، بعد أن رفضت واشنطن دعم العراق بالسلاح والعتاد العسكري.


ولم يتخيل رئيس الوزراء العراقي أن يذهب إلى البيت الأبيض، ويطلب منهم المساعدة في الحرب على الإرهاب ويطلب السلاح ويكون الرد: "تناول عشاءك يا سيد عبادي ثم انصرف"، بحسب ما ذكرت وكالة "سبوتنيك" الروسية.


البيت الأبيض يخذل العراق


دفع الخذلان الأمريكي بالعبادي إلى تغيير بوصلته، والاتجاه إلى العاصمة الروسية، موسكو، في وقت تشهد العلاقات الروسية العراقية حالة من الدفء والارتياح والتعاون.



وهو ما أكده رئيس كتلة التغيير البرلمانية الكردية في برلمان العراق، النائب هوشيار عبدالله، حول زيارة رئيس البرلمان، سليم الجبوري، في أبريل الماضي، فقد أكد أن تلك الزيارة في وقت كانت فيه العاصمة العراقية تستقبل مبعوثا خاصا للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط لإجراء مباحثات، ومع كبار المسؤولين العراقيين بشأن تسليح الجيش العراقي ومناقشة الأزمة اليمنية.


وقال عبدالله: "يسعى العراق إلى المزيد من التعاون مع روسيا، التي لديها نوع من الحضور في الحقب التاريخية كافة".


وقتها سلم بوغدانوف، رسالة خطية من الرئيس فلاديمير بوتين، إلى الحكومة العراقية، الدعوة التي يلبيها خلال اليومين المقبلين، حيدر العبادي، بزيارته إلى موسكو.


ربيع العلاقات الروسية العراقية


المتحدث باسم رئاسة الحكومة العراقية، سعد الحديثي، كشف أن العبادي سيقوم بزيارة إلى موسكو في النصف الثاني من شهر مايو/ أيار الجاري، يبحث خلالها التعاون المشترك في المجالات العسكرية، والأمنية، والاقتصادية.


وقال الحديثي "إن الزيارة تأتي تلبية لدعوة رسمية تلقاها العبادي من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، التي نقلها بوغدانوف.



أضاف الحديثي، أن "رئيس الوزراء العراقي يحمل ثلاثة ملفات لبحثها مع المسؤولين الروس، منها دعم العراق عسكريا واستخباريا، وتسليح القوات الأمنية، التي تخوض حربا ضد تنظيم "داعش" في شمال وغرب البلاد، والتصدي لمخاطر الإرهاب والتطرف".


من جانبه، عبر سفير العراق لدى روسيا، إسماعيل شفيق محسن، عن امتنان بلاده لموسكو لدعمها في مكافحة الإرهاب.


وقال في حديث لصحيفة "روسيسكايا جازيتا"، إن رئيس الوزراء العراقي سيصل إلى موسكو تلبية لدعوة من الرئيس بوتين، وأثنى الدبلوماسي العراقي على دور روسيا لدعمها التسليحي والسياسي في محاربة تنظيم "داعش" ومكافحة الإرهاب الدولي.


وذكر السفير أن إحصاءات غير رسمية تُظهر أن العراق يحتل المركز الثاني عالميا في مشتريات الأسلحة الروسية.


وعن التبادل التجاري بين العراق وروسيا، قال السفير إن حجمه في عام 2014، ارتفع إلى ملياري دولار، مقابل 250 مليون دولار في عام 2013، مضيفا أن بلاده لديها الرغبة في تعزيز حجم التبادل التجاري بين الدولتين وزيادته.


مماطلة أمريكية وترحيب روسي


من جانبه، يرى الخبير الأمني، المقرب من دوائر صنع القرار فى الحكومة العراقية، هشام الهاشمي، أن معاناة بغداد بسبب حالة الاستنزاف الحادة في العتاد والسلاح، هي التي دفعتها إلى تغيير بوصلتها إلى موسكو، طلبا للدعم ضد الإرهاب، في أعقاب رفض أمريكا كل أنواع الأسلحة التي طلبها العبادي.


وأيد المحلل السياسي العراقي، إحسان الشمري، رأي الهاشمي، واصفا توجه العراق شرقا لتسليح الجيش العراقي، بأنه "خطوة في الاتجاه الصحيح"، بعد إخفاق الولايات المتحدة الأمريكية في حفظ أمن العراقيين.



أضاف الشمري، كان يجب على الولايات المتحدة، دعم العراق عسكريا واستخباريا، مع رفع جاهزية القوات العراقية، لكن العبادي، أصيب بصدمة كبيرة بعد أن رأى مماطلات واشنطن في إنقاذ العراق، ما دفعه إلى تلبية دعوة الرئيس الروسي.


وأكد أن روسيا كانت أول من أعلنت استعدادها الكامل لدعم العراق ضد الإرهاب، معربا عن تفاؤله بزيارة رئيس الوزراء العراقي إلى العاصمة الروسية في النصف الثاني من مايو/ أيار الجاري، وإحياء علاقات قديمة على المستويات كافة، ومنها التسليح مع الجانب الروسي.


أما هشام الهاشمي، فأكد أن اتجاه العراق إلى روسيا ليس وليد اللحظة، بل هو مسألة "عقيدة"، لافتا إلى أن العقيدة العسكرية في معظم أسلحة القوات العراقية هي روسية، ولا تزال المدرسة الروسية منذ السبعينيات حتى الآن هي المؤثرة في العسكرية العراقية، بل حتى على مستوى مسائل الأمن الداخلي العراقي.



وبناء عليه ليس مستغربا، بحسب الهاشمي، أن يلجأ العبادي والحكومات السابقة إلى روسيا للاستعانة بالأسلحة الروسية وعقد الصفقات الكبيرة، لا سيما أن موسكو منفتحة في دعم العراق خلال حرب ضد "داعش".


ولفت إلى أن "موسكو لا تضع شروطا مثل تلك التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية في بيع السلاح، وأن روسيا توفر العتاد العسكري بضوابط قانونية غير مشروطة".


وشدد الهاشمي على أن روسيا يمكنها أن تلبي احتياجات العراق كافة، من الأسلحة التي يحتاجها في حربة ضد الإرهاب، خصوصا أن الأسلحة الروسية لا تحتاج إلى الكثير من التدريب، لأن العقيدة العسكرية العراقية هي "عقيدة روسية" من الأساس.



وكشف الهاشمي أن العراق يعتزم شراء مروحيات، وأسلحة متطورة من روسيا، بقيمة إجمالية تقدر بنحو 3 مليارات دولار.


أضاف "الأسلحة الروسية التي يرغب العراق الحصول عليها، تتضمن عددا من الطائرات المروحية، والدبابات، والمدرعات، وأسلحة قنص، وتقنيات الرؤية الليلة والمتوسطة"، مرجحا أن تكون الصفقة معدة للتنفيذ، وبشكل سريع.


روسيا والصين قبلتا العراق


وحول ما إذا كانت روسيا يمكنها تلبية احتياجات العراق من العتاد والأسلحة، أكد الهاشمي أن الرأي العام والكتل السياسية والساسة والمثقفين ينادون في كل الأرجاء والفعاليات بضرورة التوجه العراقي نحو المحور الروسي الصيني، كونه المحور الأكثر التزاما والأكثر وفاء بتعهداته والتزاماته وانفتاحه على الحرب ضد الإرهاب أكثر من المحور الأمريكي- الخليجي.



من جهته، أكد الباحث السياسي العراقي، إحسان الشمري، أن روسيا هي أول من أعلنت استعدادها الكامل لدعم العراق ضد الإرهاب، مستبشرا بتحقيق زيارة رئيس الوزراء العراقي إلى موسكو لأهدافها ونجاحها في تفعيل علاقات قديمة على المستويات كافة، اقتصاديا وتجاريا واستثماريا وإستراتيجيا، ومن بينها جوانب تسليح الجيش العراقي.