التوقيت الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024
التوقيت 12:58 ص , بتوقيت القاهرة

ياسمين النرش .. مرحبا بكم في أفورالاند

التعليقات على فيديوهات السيدة ياسمين النرش وضابط المطار يمكن إيجازها في اتجاهين: شوفوا بتقل أدبها إزاي والضابط مؤدب إزاي، أو، يا جماعة دي ست كويسة وكلنا ممكن يحصل معانا كده.



هذان التعليقان، على ما بينهما من تباعد، يعبران في الحقيقة عن عقلية اجتماعية واحدة، تنتج الجلسات العرفية، والدفاع عن الموظفين المتكاسلين علشان رزقهم ما يتقطعش، و"هناخدهم في حضننا" كما قال الرئيس الأسبق محمد مرسي. عقلية النظر إلى الأحداث العامة وكأنها "شأن عائلي" نستطيع أن تدلي كل منا فيه بما تراه مناسبا، وليس من خلال مقياس واحد، مشغول بإدارة حركة المجتمع، لا بإطلاق الأحكام على الأفراد.


بمعنى آخر، مالنا إحنا إن كانت ياسمين النرش ست كويسة والناس بتشكر فيها، أو كانت غير ذلك. كل ما يخصنا في الموضوع سلوكها العام مع موظف عمومي، ولا سيما أن سلوكها هذا مسجل بالصوت والصورة. السؤال هو: هل ما فعلته متوافق مع القانون أم مخالف له؟


وهو - بالمناسبة - نفس السؤال الذي يجب أن نسأله بشأن سلوك الضابط. الاستنساب لا مكان له في الحياة العامة، وإلا حكمنا فيها ألف قانون، كل من لديها حساب على سوشال ميديا ستضع قانونا يناسبها.


وفي هذا الإطار هناك قواعد تعامل بين الشرطة والمواطنين في العالم كله. الإفراط والتفريط فيها، كلاهما، مضر للحياة العامة وللمجتمع.


بريطانيا - مثلا - من أكثر دول العالم لينا في تعامل الشرطة مع المواطنين. إنما هذا اللين محكوم بأن لا تتعدى مواطنة أو مواطن على الضباط. للمواطنين أن يقولوا ما يريدون، إنما لو امتدت يد ولمست الضابط فهذا أمر آخر، إن امتدت يد وهددت باستخراج سلاح - ولو مجرد تهويش - فهذا أمر آخر. يتم التعامل مع كلا الحالتين بمنتهى الحزم والشدة بما يحفظ للموظفين العموميين أمنهم ثم كرامتهم.


نفس القواعد موجودة في فرنسا وفي أمريكا، وإن كانت الشرطة في هاتين البلدين أكثر حزما في التعامل. كما أنهما، على عكس بريطانيا، يسمحان لأفراد الشرطة بحمل سلاح.


وعلى هذا الأساس، كان من واجب ضابط الشرطة الهدوء طالما السيدة ياسمين النرش "تبعبع" بالكلام، ولكن بمجرد اقترابها منه والتعدي عليه فقد قصر في عمله بأن لم يلق القبض عليها مباشرة. هذه أفورة في اللين تثير ريبة أناس من دافعها وغرضها، وتشجع آخرين على تكرار تصرفات النرش.



الأفورة في القسوة، كالأفورة في اللين، كلاهما مضر ومخالف للقانون. وكلاهما يفتح الباب للأفورة في الفتي، تماشيا مع أفورة ياسمين النرش في تهديداتها، التي جعلت بعض المأفورين يقسمون أنها واصلة وستحصل على البراءة، بينما جعلت بعض المأفورين الآخرين يجزمون بإدانتها في قضية أخرى نسبت إليها حتى قبل أن نسمع كلمة القضاء. وبالتالي المبالغة في التشهير بها، إلى حد نشر صور بطاقتها الشخصية "وش وضهر"، وكأنها صارت مواطنة مستباحة الحقوق.  وهي في حد ذاتها جريمة أكبر من جريمة الردح لضابط شرطة، وأشد خطرا على أمن المواطنة وعائلتها.


أما أحلى الأفورة فهي اعتبارها رمزا لـ"الصمود" في وجه الشرطة المصرية الـ...... الـ......


مرحبا بكم في أفورالاند.